قال لها وهو يكمش أنفه مشمأنطاً :
- لا تسألي شططاً ، فالمشتهي غير المدرك ، والزمان غير الزمان ..
هو لا يريد وجع راس ، حزم أمره ، بعد أن أحكم التفكير والتدبير …
- كل شيئ يباع .. لقد انفتح المزاد علي الآخر ياجاهلة !!
كانت البداية عندما قرأ خبراً صغيراً عن رجل باع كليته بعشرة آلاف جنيهاً ، فطلب من زوجته أن تعد له فوراً كوباً من الشاي الأسود الغطيس وتحليه بخمس ملاعق سكر كي يفكر ، فانصاعت رغم أنها رغبت أن تنتهز بهجته الطارئة كي تذكره بالديون التي سودت وجهها مع من يساوي ومن لا ...
ارتشف بعمق وبصوت ينم عن متعة قصوي ، أعد الورقة والقلم ، وبحرص بدأ يحصي أجهزة الجسم البشري وهو يدونها : عينان لن يقل سعرهما عن عشرين ألفاً ، هما أفضل من الكلي علي أية حال .. خمسة أصابع في كل يد ، المجموع عشرة .. يكفيني ثلاثة لأمسك بالقلم .. يتبقي سبعة ، الإصبع الواحد بألف جنيه ، يكون الحاصل سبعة آلاف جنيهاً .. من أصابع اليد وحدها ، هذا غير أصابع القدمين … ثم .. نعم .. ليس له فائدة بعد أن أنجبت خمسة أطفال ، سأعرضه لأعلي سعر ويمتنع الوسطاء ، سيتقاتلون للحصول عليه …
ذهلت زوجته حين عرض الفكرة عليها ، ظنته هازلاً ، فلما أيقنت جديته حاولت أن تثنيه قدر جهدها رغم أنها كانت تواري عنه أخباراً سمعتها من بعض الجيران عن ذلك المزاد الأسبوعي ، وتعرف أن بعضهم قد باع بالفعل بعض الأعضاء الزائدة عن حاجتهم ، في النهاية حاولت فقط أن تقنعه بأنهما يحتاجان لبعض الأعضاء ، يكفي بيع عين واحدة مثلاً ، ثم صرخت فيه حين أتي علي ذكر عدم حاجتهما لمزيد من الأطفال ، لم تمانع أن يبيع مخه فلا لزوم له ، وكذلك أذنيه فهو لا يسمعها علي أية حال … وبعد مناقشة نجحت فقط أن تثنيه عن بيع عضو واحد فقط …
موقع المزاد في طرف المدينة ، وهو منطقة حرة للتبادل .. هناك فوجئ بالزحام الشديد ، وتنوع عمليات البيع والشراء ، فهذا رجل كهل وقور يحمل فوق رأسه صفوفاً من كتب التاريخ والجغرافيا ولسياسة ، ينادي علي بضاعته بصوت واهن :
- تـاريخ .. جغرافيـــا .. سياســة … للبيع …
بينما امرأة تجادل رجلاً سميناً بادي الثراء وهي تقسم :
- بشـــرفي ….
فيجيبها في برود :
- كم يساوي ؟
بحث عن قسم بيع الأعضاء حتي اهتدي إليه ، رأي هناك وجوهاً كثيرة يعرفها ، جيران ، أصدقاء ، أقارب … تبادل التحية معهم ، أفسحوا له مكاناً كي يجلس إلي جوارهم ، كان أحدهم يكشف عن بطنه وهو ينادي علي بضاعته صائحاً :
- معدة وأمعاء " ع الزيرو " … والله ما استخدمتها إلا للتليين !
تعليقات
إرسال تعليق
أترك تعليق