الديمقراطية ليست منصفة دائما للسياسيين. ولكنها عادلة دائما للشعوب
هذا درس متكرر ومن ثم فقد أصبح قانونا اجتماعيا مطردا
مثلا فازت أنجيلا ميركيل بمنصب مستشارة المانيا عام ٢٠٠٥ بفارق 8,% (ثمانية من عشرة في المائة )عن المستشار الاشتراكي وحزبه وكان السببب الأكبر لخسارة شرودر هو أجندته للاصلاح الاقتصادي. بعد تفاقم البطالة وتفاقم عجز الموازنة وانخفاض الصادرات وهي الخطة المعروفة باسم اجندة ٢٠١٠ و اساسها ضبط الانفاق الاجتماعي خاصة وقف إو تخفيض اعانات البطالة لمن يرفضون الوظائف المعروضة وترشيد التأمين الصحي بوقف اسراف المواطنين و تربح الأطباء وخفض كلفة الانتاج الصناعي بزيادة ساعات العمل الأسبوعية بمعدل ٤ ساعات دون زيادة الأجور لاستعادة القدرة التنافسية للصادرات الألمانية
كانت الأسباب البعيدة لتلك الأزمة هي تسرع المستشار المسيحي الديمقراطي في اعادة توحيد المانيا مما حمل الشطر الغربي أعباء مالية هائلة تجاه مواطني الشطر الشرقي اما للاستثمار واعادة البناء أو شمولهم بالانفاق الاجتماعي أو التأمين الصحي اللذين لم يشارك الشرقيون بأي نصيب في تمويلهما
المحصلة هي أن شرودر وحزبه دفعا انتخابيا ثمن تسرع كول في اعادة التوحيد. ولكنهما دفعا أيضا ثمن تأخرهما في اقتراح وتنفيذ الاصلاحات التي لم يعد منها مهرب بعد سلسلة من الهزائم الانتخابية للاشتراكيين في الولايات المهمة
في حكومتها الأولي تكلفت ميركيل مع الاشتراكيين الذين كان منهم نائبها. ووزير الاقتصاد و كان أساس الائتلاف هو الالتزام بأجندة شرودر الاصلاحية وعندما بدأت ثمارها تنضج أعيد انتخاب ميركيل وحزبها وتحسنت نتائج الليبراليين علي حساب الاشتراكيين الذين لم يشاركوا في حكومة ميركيل الثانية وفيما استمر الالمان يعيدون انتتخاب ميركيل مرة ثالثة ورابعة كانت نتائج الاشتراكيين تسوء وكان تفسيرهم هو أن المشتشارة وحزبها يكسبون بسبب اصلاحات شرودر التي حسنت الاقتصاد بينما هم يخسرون لأن العمال والفقراء يحملونهم مسئولية كثير من السياسات المحافظة التي تقرها الحكومة بالأغلبية
حتي وإن كانوا يعارضونها خاصة وان الدستور الألماني يمنع انسحابهم واسقاط الحكومة الا اذا أمكن تكوين حكومة جديدة تحظي بثقة البوندستاج في نفس اللحظة. تفاديا للفوضي السياسية التي كانت سبب في مجئ هتلر وبالطبع كان مستحيلا عليهم تشكيل حكومة بديلة بما أنهم لا يستطيعون احراز الأغلبية البرلمانية
ما جري في الانتخابات الأخيرة هو أن خليفة ميركيل في زعامة حزبها كمرشح لمنصب المستشارية دفع ثمن غضب بعض ناخبيهم من قبولها أعدادا كبيرة من اللاجئين ومن اعاناتها المالية لشركاء الاتحاد الأوروبي المفلسين كما كانت حالة اليونان الصارخة. مع إن هذه السياسات لقيت استحسانا شاملا في أوروبا والعالم وهكذا فالديمقراطية قد لا تكون منصفة للسياسيين كأشخاص لكنها تضمن للشعوب أن تأتي بمن تراه الأقدر علي الاصلاح او حل المشكلات في لحظة التصويت بغض النظر عن أصل المشكلة أو المتسبب فيها. لأن من يريد الغد لا ينشغل بالأمس الا لأخذ العبرة
تعليقات
إرسال تعليق
أترك تعليق