مجدي الحداد يكتب : " التهديد الذي يواجه أوكرانيا كالتهديد الذي يواجه إسرائيل"


تلك كانت الكلمة الافتراضية ، أو بتقنية " الفيديو كونفرانس " ، لفلاديمير زيلينسكي أمام الكنيست الإسرائيلي بالأمس ، والتي حوت العديد من المغالطات والكذب والتدليس والظلم والتجني الفاجر على أصحاب القضية الأصلاء من الشعب الفلسطيني .

و لو تناولنا فقط العنوان عاليه بشيء من التحليل لكفانا الخوض في بقية ذلك الخطاب من ترهات و أراجيف 

و الغريب أن زيلينسكي يتكلم بصيغة الفعل المضارع ، وهنا يكمن الكذب والتدليس ، لأن السؤال هنا هو ؛ ما هو التهديد الذي يواجه إسرائيل الآن بعدما دانت لها كل الأنظمة العربية - والعالم كله تقريبا ، وبما في ذلك روسيا ذاتها - تقريبا من المحيط إلى الخليج ، وحتى صار مثلا ؛ "أمن المواطن الاسرائيلي من أمن المواطن الاسرائيلي " ، و كذا بعد أن خرجت أقوى ثلاث دول عربية - ومنهما دولتان رئيسيتان من دول الطوق ، وهما سوريا ومصر - من دائرة المواجهة مع دولة الكيان وهم كل من سوريا والعراق ومصر ، فضلا عن مآل السلطة الفلسطينية لمن عليه العديد من علامات الاستفهام حتى من قبل الراحل ياسر عرفات نفسه ، و هو محمود عباس أو أبو مازن ..!

بالعكس أيها المدلس فإن العديد من الدول العربية - وخاصة دول الطوق ؛ وحيث نموذجي سوريا والعراق دائما حاضرين ، وكذا مصر بعد كامب ديفيد ثم اتفاقية المبادئ  - قد صاروا مهددين حقيقة الآن ، و أكثر من أي وقت مضى ، في وجودهم جميعا ، أو وفي أفضل الأحوال ، و التقديرات ، بالتجزئة - حتى ولو بتجزأة المجزء - أو الذوبان .

ثم تقارن أيها المدلس بين الأصدقاء والأخوة الأوكرانيين اللاجئين و بين اليهود ، أو بالأحرى الصهاينة - وحيث أنت واحدا منهم - ولا تقارن بينهم مثلا وبين الفلسطينيين اللاجئين و المشردين في شتى بلدان العالم - وحيث أنت تقر هنا ضمنيا بعدم اعترافك بحق العودة لهؤلاء المشردين - وهو القانون الذي أقرته الأمم المتحدة ذاتها ..! - فضلا عن عدم اعترافك أصلا بشيء اسمه فلسطين أو الدولة الفلسطينية والشعب الفلسطيني ، ومن ثم القضية الفلسطينية ذاتها .

طب يا أخي حتى ولو من باب التوازن في المواقف ، فكنت تخاطب الشعب الفلسطيني ولو من خلال " الطرطور " أبو مازن ، وكما يفعل حتى الأمريكيون ، أو حتى أوروبا وجل دول العالم ..!

و كيف تريد أن يتعاطف معك الفلسطينيون ، بله جل العرب ، بعد تلك الطعنة ، وما تسببت أنت فيه أصلا من قتل لشعبك ودمار لبلدك ، و أنت تستجدي دولة الكيان من جهة ، وتكيل لها المديح من جهة أخرى ، وذلك من خلال الاستشهاد بأقوال من تراها أنت حكيمة ونراها نحن إرهابية ، وهي جولدا مائير ، رئيسة وزراء دولة الكيان الراحلة السابقة - والتي أوصت قبل و فاتها ، وللمفارقة ، بعدم إطلاق اسمها على أي شيء في دولة الكيان ، وبالمقارنة المؤسفة و المخجلة بالسادات مثلا ، والذي أطلق أسمه على أحد معاهد السلام - المزعوم - تقريبا بدولة الكيان ، بينما طالبت ، و أصرت ، مصر مبارك بعدم اطلاق اسم الاسلامبولي على أحد شوارع طهران كشرط لعودة العلاقات بين القاهرة وطهران ..؟!

مرة أخرى ؛ الشعب الأوكراني هو شعب صديق ونحن نتألم كثيرا لما يجري له بسب حكام عملاء و أغبياء مثلك تسببوا ، وبشكل مباشر و رئيسي في دمار بلدانهم ، وتشريد شعوبهم ، ولو كنت استمعت ابتداء ، و اهتديت لصوت العقل ، وحافظت على حياد أوكرانيا ، كالسويد وفنلندا مثلا ، والتى روابطهما بموسكو وعموم روسيا أقل بكثير من تلك الروابط العضوية الكبيرة بين الشعبين ؛ الروسي و الأوكراني ؛ لكنت جنبت أوكرانيا وشعبها المسالم مما هم فيه الآن من محن و إحن  ، لكن هنقول أيه بقى على صهيونيتك و عمالتك وخيانتك لشعبك وقضيته ..!

و أخيرا أتعجب من تدليس صحفي مرموق أخر في "النيويورك تايمز" - و أرجو أن لا يفهم من كل ذلك تحيزا مطلقا للجانب الروسي بقدر تحري قدر من الموضوعية فيما يسوقه لنا الإعلام الغربي ، أو حتى الشرقي - وهو توماس فريدمان ، والذي يدعي أن روسيا ، أو بوتين يكذب ويقول أنه يهاجم أوكرانيا بسبب سعيها للانضمام لحلف الناتو ، بينما هي تسعى للإنضمام لدول الاتحاد الأوربي - والكلام دائما لفريدمان - وليس للناتو ، و لكن روسيا لا تريد أن ترى دولة حرة و ديموقراطية على حدودها ..!

و هنا إذن أكثر منوجه للكذب والتدليس في أقوال فريدمان ؛

- أولهما ؛ أن هناك دولتان ديموقراطيتان وحرتان ، وحتى هما قدوتان من ناحية الرأسمالية الاجتماعية ، وهما كل من السويد و فنلندا ، ومع ذلك تربطهما علاقات ود وسلام و احترام متبادل ، فضلا عن علاقات وتبادل اقتصادي ، وغيره ، بينهما وبين روسيا من ناحية ، وبين أنظمتهما ، والنظام الروسي من ناحية أخرى ..!

وثانيهما ؛ أنه و بموجب معاهدة لشبونة ، فإن أي دولة عضو في الاتحاد الأوربي تتعرض لأي هجوم أو عدوان خارجي ، فإن دول الاتحاد تكون ملزمة في هذه الحالة بالدفاع مجتمعة عن هذه البلد أو تلك ، وذلك بعيدا عن حلف الناتو . وهذا في حد ذاته أيها الصحفي المدلس يشكل تهديدا للأمن القومي الروسي ربما منع كل من السويد وفنلندا من الانضمام للاتحاد الأوربي .

وثالثهما ؛ أن زيلينسكي نفسه قد أعلن غير مرة ، وفي العديد من نداءاته و توسلاته للغرب بقبول عضوية أوكرانيا في حلف الناتو ، و بإمكانك أن ترجع للعديد من " الفيديوهات " التي تملئ " اليوتيوب " بهذا الشأن ..!

أخر ما كنت أتوقعه أن تلجأ " النيويورك تايمز " هي الأخرى للتدليس ، من خلال تبنى ، ونشر ، ما طرحه فريدمان ...!

تعليقات