قرار بوتين باعتماد الروبل الروسي عملة لتسديد أوروبا واردات الغاز الروسي، سبب إزعاجا شديد للدول الأوروبية، وبالذات ألمانيا. لكنه من جهة أخرى دفع برلين إلى التعجيل بتقليل واردات الغاز الروسي...
الولايات المتحدة أجرت اتفاقات مع دول أوروبية لحل مشكلة الغاز الروسي ولو حتى جزئيا إلى أن يتم الاستغناء عنه تدريجيا وبسرعة، وإلا ستخسر الدول الأوروبية الكثير من الموارد... يبقى فقط أن تمتلك روسيا خطة للتعامل مع كميات الغاز التي لن تشتريها الدول الأوروبية، وكيف ستعوض الموارد المالية التي كانت تدخل خزينتها في ظل الحصار والعقوبات.
اجتماعات الناتو غدا وبعد غد، واجتماعات مجلس أوروبا لن تسفر عن تحولات جوهرية إلا في حدود دول حلف الناتو من حيث تأمينها وتأمين حدودها، وربما زيادة قوات الحلف ونشر أسلحة نوعية في بعض الدول، وإصدار بعض التصريحات الساخنة والحماسية و"التهديدية".. لكن أعتقد أن التحركات الأخطر ستكون بعد عودة جو بايدن إلى البيت الأبيض والإعلان عن المزيد من العقوبات الاقتصادية، واتخاذ إجراءات عملية وواقعية مع حلفائه الأوروبيين بشأن الغاز والنفط الروسيين..
خطوة بوتين بشأن اعتماد الروبل الروسي مغامرة في الاتجاه الصحيح، ولكنها محفوفة بالمخاطر، لأن الرد الأمريكي- الأوروبي سيكون صاعقا ليس فقط في مجال الغاز، بل وأيضا في مجال النفط.
خلال الأسبوعين المقبلين ستحدث عملية فرز حادة، وستعلن العديد من الدول العربية، وعلى رأسها الإمارات والسعودية وقطر عن مواقفها ومواقعها على خريطة الصراع والاستقطاب الحادين. وقد تتأخر بعض الدول مثل مصر، ولكنها في نهاية المطاف ستعلن بدبلوماسية شديدة عن موقفها... وقد يحدث للمرة الأولى أن تتصرف بعض الأطراف العربية ببرجماتية وانطلاقا من مصالحها القومية والوطنية، بعيدا عن المجاملات والعلاقات الدافئة والتاريخية و"الصداقات الاستراتيجية المجيدة". غير ذلك، ستقع الدول العربية في الفخ التاريخي المعتاد، وستتلقى العديد من الصفعات والخوازيق على المديين المتوسط والبعيد، ولن ينقذها أحد!!
تعليقات
إرسال تعليق
أترك تعليق