أيمن غالي يكتب : لعبة الكراسي الموسيقية وأزمة المهرجان القومي للمسرح المصري


من المفترض أن أحد أهم أهداف المهرجان القومي للمسرح المصري هو إتاحة الفرصة للجمهور لمشاهدة عروض مسرحية منتقاه من المفترض أنها تم إختيارها بعناية وفقا لمعايير فنية عالية المستوى، فالجمهور هنا لايسعى لمشاهدة هذه العروض تحديدا لكونها عروض مجانية أو لكونها إحتفالية مسرحية مفتوحة وجماهيرية عامة ومن المفترض انها بالنسبة للمشاركين فيها ليست مجرد مسابقة للفوز بجوائز المهرجان إنما هم أيضا يستهدفون إتساع مساحة مشاهدة عروضهم، ففي الحقيقة الجمهور المتابع للمهرجان هو جمهور نخبوي له إهتمامات مسرحية وفنية، وهذا الجمهور يأتي من كافة المحافظات لمشاهدة صفوة العروض المسرحية المقدمة وهو ما يعني أن متوسط عدد الساعين لمشاهدة أي عرض يتجاوز الألف مُشاهد، وعدد كراسي القاعات والمسارح يتراوح مابين 50 إلى 500 كرسي بمتوسط 300 كرسي لليلة الواحدة، وهو مايعني إستحالة حضور كل الجمهور الراغب في الحضور، فما بالك بعروض القاعات التي لايتجاوز عدد كراسيها 70 كرسي !، وهو مايعني حضور 140 شخص فقط في ليلتي عرضه !!، وهو مايؤدي بالضرورة إلى نقص عدد التذاكر المتاحة لكل عرض عن عدد الراغبين في الحضور.

وإبتكرت إدارة المهرجان هذا العام نظام الحجز الإليكتروني كحل تنظيمي، وهو حل لمشكلة أسبقية الحجز فقط ( نفس مبدأ اللي يسبق يحجز فلا جديد). 

وحتى لو إفترضنا نزاهة تنفيذه فهو ليس حلا لمشكلة زيادة عدد الجمهور عن عدد الكراسي خلال ليلتي العرض، وهي المشكلة الرئيسية والأهم والمفترض ان تفكر إدارة المهرجان في وضع حلول جذرية لها، فمن ناحية مبدأ تكافؤ الفرص لايُعقل ان يكون عدد ليالي عرض القاعة ذات ال70 كرسي هو نفس عدد ليالي عرض المسرح ذي ال500 كرسي !!، فهنا سيحضر ألف مشاهد وهنا سيحضر 140 مشاهد فقط  في ليلتي العرض !.

فالحلول لهذه المشكلة لابد أولا أن تستهدف تقريب عدد الكراسي لعدد المتوقَع والمستهدَف حضورهم ولنقل بحد أدنى ألف مشاهد وذلك بزيادة مدة العروض لخمس ليالي (أو أكثر بالنسبة لعروض القاعات) بدلا من ليلتين فقط، ومن الممكن أيضا إقتراح عدم تمركز المهرجان بالقاهرة وإنتشاره على كافة المحافظات بنقل العروض بين المحافظات او على الأقل في المدن الكبرى كالإسكندرية والإسماعيلية وغيرهما. 

وإن كانت المشكلة في الميزانية فالإحتمال الأقرب للأكيد هو أن جمهور المهرجان لن يمانع في إلغاء مجانية تذاكر المهرجان إن كان هذا الحل سيحقق عدد ليالٍ أكثر للعروض وإتاحة فرص مشاهدة أكثر، فكما قلنا أن ميزة المهرجان لهذا الجمهور تحديدا ليست في مجانيته ولا في كرنفاليته ولكن في ضمانة مستوى العرض فنيا فهو جمهور مهتم فنيا بالأساس، لكنه يواجه إستحالة حضوره لمعظم العروض التي يسعى إليها.

 وضمن هذا الجمهور مَن لهم تاريخ طويل من الإبداع المسرحي لايجدون سبيلا لحضور العروض سوى إستغلال علاقاتهم في الوسط المسرحي بالمقربين من إدارة المهرجان (وسايط يعني) وهو أقرب للتوسل وقِلة القيمة وهو ما لا يليق بإعتزازهم بإنتمائهم للمسرح فيؤثرون الغياب عن المهرجان حفظا لكرامتهم وسط المولد وأعتقد أن حضور هؤلاء المبدعين أحد الأهداف المُعتبَرة للمهرجان "إفتراضا". 

فرحمة بنا وبالمسرح فكروا في حلول لمشكلة قِلة عدد الكراسي المتاحة لكل عرض بالمهرجان سواء بزيادة عدد ليالي العروض او بزيادة عدد المسارح أو عدم التقيد بمركزية العاصمة أو أية حلول أخرى جدية جذرية إن كنتم حقا تستهدفون صالح المسرح خصوصا من الناحية الفنية وليس مجرد تستيف أوراق او تنفيذ فعاليات لاتحقق أهدافها بشكل كامل، فحل الحجز الإليكتروني هو حل تنظيمي وليس حلاً موضوعياً للمشكلة، فالمشكلة مازالت وستظل باقية. المشكلة ياسادة هي "إزاي نزود عدد الكراسي؟ مش إزاي ننظم حجز الكراسي القليلة ؟! دي مش لعبة الكراسي الموسيقية واللي يسبق يقعد !! "

تعليقات