هوامش على دفتر السفلة والسفهاء!! 21
كنت أتابع أخطر مؤتمر صحفى للرئيس الأمريكى – ترامب – وإلى جواره "ملك إسرائيل" كما يجب أن يرى نفسه – نتنياهو – وقبل نهايته.. سجلت خاطرة على صفحتى عبر "الفيسبوك" قلت فيها: "ترامب.. نتنياهو.. الهرتلة.. عنوان المرحلة"!! وبعد المؤتمر بقليل.. كتبت: "مجرم جنائى مع مجرم حرب.. يعلنان الحرب على المنطق والقانون والإنسانية"!!
كان يدور فى ذهنى حكاية رئيس أمريكى إسمه "وليام ماكينلى" خرج على شعبه فى أحد أيام عام 1898 ليقول لهم: "لقد أصدرت أمرا بغزو الفلبين واحتلالها.. ونحن ليس هدفنا الاحتلال.. لكن المسألة وما فيها, أن السيد المسيح زارنى فى المنام.. وطلب منى أن نتصرف كأمريكيين ونذهب إلى هناك لكى نجعل الشعب الفلبينى يتمتع بالحضارة"!! وتذكرت "جوزيف مكارثى" الذى نجح فى الفوز بعضوية مجلس الشيوخ الأمريكى عام 1946, وتمت إعادة انتخابه مرة ثانية.. بعدها تفرد "مكارثى" فى أنه استطاع أن يقلب المجتمع الأمريكى رأسا على عقب, رافعا شعار "إمسك شيوعى" بعد أن نشر الخوف من تغلغل الشيوعية فى مفاصل الدولة.. زعم أن "موسكو" زرعت رجالا لها داخل مؤسسات الدولة.. طالب بالتطهير.. إنطلق خلفه كثيرون, حتى أصبحوا أغلبية يطاردون أشباح الشيوعية.. وباسم هذه الفكرة المجنونة تم قهر واضطهاد آلاف من المبدعين والوطنيين.. وظهر على السطح آلاف الأفاقين والانتهازيين.. وعاشت أمريكا على أطراف أصابعها لسنوات.. ثم انكشف أمر هذا النصاب.. إستعاد المجتمع عقله وهدوئه, وأبعد "جوزيف مكارثى" الذى عاش شهورا منبوذا ومحتقرا.. حتى مات!! وبقيت منه "المكارثية" كجريمة يرتكبها كل من يفتش فى عقول ونوايا الناس.. وتعلمت أمريكا أن الخطايا الكبيرة تبدأ من الصمت على انتهاكات صغيرة للحرية!!
بمجرد أن انتهى "ترامب" من تقديم فقرة "التهريج السياسى" حول مستقبل "غزة" وفكرته عن احتلالها – ثم قال بعدها سأشتريها – ليقيم عليها ما أسماه "ريفيرا الشرق الأوسط" بعد ترحيل مليونى مواطن فلسطينى – قسريا – إنفجرت موجات السخرية منه.. داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها.. إنتبه العقلاء من الذين يحكمون دول فى العالم, لخطورة هذه الأفكار المجنونة.. أدرك رؤساء وملوك فى عالمنا العربى, أن صمتهم على إسرائيل خلال نحو 15 شهرا كانت تذبح وتقتل وتحرق "غزة" وأهلها.. كان كارثة.. إنتبهوا أن النتيجة ظهرت بالتعامل مع المنطقة على أنها أرض مطروحة للاستثمار العقارى – إغتصابا – كتطوير لما سبق أن فعله "وليام ماكينلى" قبل نحو 127 عاما فى "الفلبين" التى احتلتها "أمريكا" لنحو نصف قرن!!
خلال المؤتمر الصحفى – فقرة التهريج السياسى – كان "إله الحرب عند الإسرائيليين" واسمه "نتنياهو" ينظر إليه.. يسمعه.. فى حالة يتجاوز وصفها بالذهول.. فهذا "سيد البيت الأبيض" يعلن للعالم أنه لا يقيم وزنا لتاريخ أو قانون.. يزف للدنيا أن زمن "الأمم المتحدة" و"حقوق الإنسان" قد انتهى.. فقد قرر "المتهم جنائيا" تطبيق قواعد "التطوير العقارى" على علاقات الدول.. راح يقدم ما يسميه "صفقة" ويقوم بترويج مشروعه.. بينما "مجرم الحرب" يستعيد أنفاسه, لأن حاكم واحدة من الدول العظمى شطب العدالة الدولية خلال دقائق.. ولتأكيد ذلك وقع بعدها "ترامب" أمرا بمعاقبة "المحكمة الجنائية الدولية" لأنه لا يعترف بقانون ولا قضاء!! كذلك يشاركه "نتنياهو" الذى يرى أن "إسرائيل" فوق الدنيا وتتحكم بأقدارها ومقدراتها.. حتى أنه ذهب فى "سفالة منقطعة النظير" إلى التطاول على "السعودية" قائلا: " يمكنها إقامة دولة فلسطينية على أرضها".. وتمادى فى "سفالته" لكى يتهم "مصر" بأنها تحاصر "غزة" وتمنع خروج الفلسطينيين, لمجرد أن هذا الشعب "كسر أنفه" وقهر جيشه.. ولأن هذا الشعب كشف وجه الصهيونية القبيح بصموده أمام جرائم تجاوزت ما ارتكبته "النازية" تجاه "اليهود" وغيرهم!!
دقائق خلال مؤتمر صحفى – تهريج سياسى – كشف طبخات مسمومة!!
خطف "ترامب" كل الأضواء.. فهو يريد شطب "كندا" واحتلال "بنما" ومعاقبة "إيران" ويطلب من "المكسيك" و"كولومبيا" رفع "الرايات البيضاء" تجاه أفكاره المشوهة.. يحاول أن يفرض على العالم العربى قبول رؤيته الاستعمارية.. فإذا كانت البداية من "غزة" و"الضفة الغربية" فلا مانع بعدها من "سيناء" و"عمان" بعد إسقاط "دمشق" وتكليفها بالحرب ضد "لبنان" كما نرى!!
رأيت مع اندلاع "طوفان الأقصى" خروج "السفلة والسفهاء" علينا!!
لكننى أعترف بأن قدراتى العقلية لم تسعفنى لأن أتوقع ما نراه ونسمعه.. فقد كنت أتخيل أن "عيال أمريكا" الذين نشروهم علينا فى عالمنا العربى, هم مجرد "حفنة" من "رجال المال" مع "المحللاتية" و"البغبغانات الاستراتيجية" إضافة إلى "خوابير استراتيجية" ترتزق من أنهم أصحاب حظوة عند "الأمريكان" أو يعملون لحساب خدمهم من الصهاينة وأصحاب الثروات.. لكننى اكتشفت أن هؤلاء أصبحوا جيوشا جاهزة, لإسقاط أى دولة أو نظام لا يركع للسيد الأمريكى.. وهى تجربة سبق أن نفذها وطبقها "هتلر" قبل إسقاط "فرنسا" التى فوجئت بأن نخبها من ساسة وإعلاميين ورجال مال كانوا يتقاضون مرتبات من المانيا لتعبيد طريقها لاحتلال "باريس" ووصل الأمر إلى قبول "الجنرال بيتان" وقد كان من أبطال الحرب العالمية الأولى, توقيع صك الاستسلام ورئاسة حكومة "فيشى العميلة" كما تحفظ ذاكرة التاريخ!!
عجلة الأحداث تدور بسرعة رهيبة.. وما هى إلا ساعات حتى أطل علينا "متهم جنائى" آخر.. إستضافه إعلامى سعودى.. راح يقدم لنا وصفته فى "التطوير العقارى" لقطاع "غزة" باعتباره نجم من نجوم المرحلة التى تحتفى بالمجرمين.. حدثنا "هشام طلعت مصطفى" عن أفكاره التى تفوح منها رائحة "الإمارات" عاصمة "السلام الإبراهيمى" ويقيم فيها شقيق الإعلامى السعودى, والذى يملك دائما أفكارا من العينة التى حدثنا عنها "القاتل" الحاصل على عفو رئاسى, وأصبح واحدا من "عيال الإمارات" وجزء من مشروعها الطموح لقيادة المنطقة!!
جاءت بسرعة لحظة تأديب الذين صمتوا على حرق وتدمير "غزة" وقتل أهلها!!
سبق أن سمعنا "نتنياهو" صارخا فى وجه الذين يسميهم "شركائنا الإقليميين" ويطلب منهم أن يصمتوا, إذا كانوا لا يجرؤن على مشاركته ذبح أهلهم العرب!! سمعنا وشاهدنا الذين أدانوا أصحاب الحق فى وطنهم.. إنتصروا للمحتل الغاصب.. طالبوا الأحرار برفع الرايات البيضاء للاستمتاع بحياة الذل والعبودية.. صبوا لعناتهم على الذين قاتلوا اليأس بالأمل.. قاموا بتشويه الذين رفضوا حياة بلا كرامة, من أهل "غزة" العزة.. إنصرفوا إلى أهل "الضفة الغربية" الذين لا تتوقف آلة القتل والدمار عن ملاحقتهم!!
وصلنا إلى لحظة "أكلت يوم أكل الثور الأبيض" ولحظة سقوط "ملوك الطوائف" فى الأندلس!!
يعتقد "هشام طلعت مصطفى" بدخوله على خط "التطوير العقارى" أن الذين يعمل معهم أو لحسابهم لن ينالهم تأديب "إله الحرب" عند الإسرائيليين.. كما يعتقد الذين ينعمون بثرواتهم الحرام, فى اعتصامهم بطوق نجاة لمجرد نصرتهم لأعداء أمتهم.. ربما لأنهم لا يقرأون.. لا يعرفون ما حدث مع الذين تعاملوا مع الاستعمار الأمريكى للفلبين.. لا يعرفون ما تعرض له الذين اتهمهم "مكارثى" بالعمالة للشيوعية.. فهم يعرفون فقط "الدولار" الذى جعلتهم "أمريكا" يعبدونه من دون الله.. وإذا كنا نتعلق ببصيص أمل فى أن يصمد الموقف المصرى – السعودى – الأردنى, وللذين أعلنوه كل التقدير.. فلا يمكن أن نخفى الخوف.. كل الخوف.. من أن تكون ثقة "ترامب" فى قبولهم ما يطرحه من "تهريج سياسى" قائمة على معطيات سرية.. لا نعلمها.. وإن هى إلا أيام وستتكشف الحقائق, خلال مؤتمرات صحفية سنتابعها داخل "البيت الأبيض" قبل أن نصل إلى موعد "قمة القاهرة" إذا انعقدت!!
تعليقات
إرسال تعليق
أترك تعليق