حمدين صباحي يكتب : نصيبي من الخطأ 3


الخطأ الثاني: التراخي عن التوافق على مرشح للرئاسة في 2012

 أقدموا على استجابة ذكية رشيدة، فأعلنوا التزامهم بمبدأ "مشاركة لا مغالبة"، وقطعوا وعدًا أذاعوه على الشعب بعدم الترشح لانتخابات الرئاسة.

ومن سوء حظ الثورة والإخوان أنهم نقضوا التزامهم وأخلفوا وعدهم، وتقدموا لانتخابات الرئاسة لا بمرشحٍ واحد؛ بل باثنين المهندس خيرت الشاطر أصليًا، والدكتور محمد مرسي احتياطيًا. وكان ذلك إعلانًا بتبنّي الجماعة منهجَ المغالبة والسعي للهيمنة على السلطة التنفيذية، بعد أن هيمنوا على السلطة التشريعية.

ورأى الشعب ذلك غير حسن.

وكذلك رآه معظم شركاء الثورة، خصوصًا من بادروا وشاركوا في مساعي التوافق على مرشح رئاسي واحد. وقد تأسست هذه المساعي على تقدير موقف منطقي، يرى أن الصراع الانتخابي سيتركز بين مرشح النظام السابق، وكان اسم الفريق أحمد شفيق هو المرجّح، ومرشح الثورة. وأن القوة التصويتية لجمهور الثورة أوسع بكثير من أنصار النظام السابق بشرط التوافق على مرشحٍ واحد، فإذا تعدد المرشحون باسم الثورة وانقسم جمهورها عليهم، فإننا أمام خطر عودة النظام السابق عبر صناديق الانتخاب.

وكان هذا التقدير المنطقي الصائب يحسب القوة التصويتية لجمهور الثورة بكل شركاء الميدان؛ بمن فيهم الإخوان.

كانت كل الحسابات والتقديرات تنتهي إلى أن الفرصة مواتية لإصلاح الخطأ الأول. وكان الوعي السائد لدى الجمهور والنخبة أننا مُقدمون على معركة حاسمة فاصلة؛ فإما أن تكسب الثورة وتصل إلى السلطة وتبدأ في تحقيق الحلم، وإما أن تخسر ويحكم الكابوس.

وكان التقدير السائد أنه لا يمكن الوصول إلى التوافق الضروري قبل المرور بمرحلة يُتاح فيها لكل من يرى في نفسه القدرة، أو حتى الرغبة، أن يطرح نفسه مرشحًا رئاسيًا، وأن يعرض نفسه وبرنامجه على الشعب، وأن يحسب فُرصَهُ وحظوظه من النجاح، ويقارنها بفُرَص وحظوظ غيره من المرشحين.

وفي هذا المناخ حمَل كثيرون صفة "المرشح الرئاسي المحتمل". بينهم ثلاثة من قبل تفجر ثورة 25 يناير، هم -بالترتيب الزمني لطرح أسمائهم- الدكتور أيمن نور، وكاتب هذه السطور، والدكتور محمد البرادعي. واتسعت القائمة بعد الثورة لأسماء عديدة أهمّها الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، والدكتور محمد سليم العوّا، والسيد عمرو موسى، والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، والمستشار هشام بسطاويسي، والبرلماني أبو العز الحريري، والمحامي خالد علي.

وكان هؤلاء جميعًا يقدّمون أنفسهم، أو يقدّمُهم أنصارهم، من موقع الشراكة في الثورة، وتبنّي أهدافها ومطالبها.

محاولات التوافق على الجانب الآخر

وتأييدي له، غير أني لن أقبل موقع نائب الرئيس، وهذا يعطيه فرصة انتخابية أفضل مع التزامي بدعمه رئيسًا في حال نجاحه.

وإذا كان قرارهم التوافق على شخصي، فإنني ألتزم وأرحب بأبو الفتوح نائبًا للرئيس.

ولم تبلغني اللجنة حتى يوم إجراء الانتخابات بما دار مع عبد المنعم وقتها، ولم تبلغني بأي قرار، لأنها -كما علمت فيما بعد- لم تتمكن من الوصول إلى قرار.

برهان إحداهما ظاهرًا موثقًا، فأمر القاضي بمنشار ليقطع الطفل نصفين ويعطي كل منهما نصفًا، وعندها صاحت الأم الحقيقية متنازلة عن طفلها إنقاذًا لحياته.

أقول لنفسي الآن لو عاد بي الزمن لما تراخيت، ولدعوت كل مرشحي الثورة لاجتماع موحد أستهله بتقديم تنازلي ودعمي للمرشح الذي نتوافق عليه. ولما اعتبرتها تضحية، بل إنقاذ للثورة وتزكية لنفسي. وألوم نفسي الآن لأنني لم أتمكن وقتها من صعود هذا المرتقى الصعب.

تعليقات