علي أبو هميلة يكتب : صمت مريب للهيئات الدولية تجاه محرقة غزة

 


منذ عودة حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة ونقضه الهدنة الدولية التي عقدت برعاية أمريكية مصرية قطرية في 19 مارس وخلال شهر رمضان المبارك والمجزرة مستمرة على مرآى من العالم كله وفي ظل صمت غريب من كافة المؤسسات الدولية وكأنما هناك تواطؤ من تلك المؤسسات والهيئات على الصمت حتى يحقق نتنياهو والشريك الأمريكي أهدافهم في تهجير أبناء غزة والقضاء على المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال، وهو المقاومة المشروعى بقوانين تلك الهيئات وقواعد الدفاع عن الأرض ضد المحتل.  

هيئات دولية فقدت أدوارها 

العدوان هذه المرة مصحوبا بالإحراق للبشر في غزة وشاهدنا على الهواء مباشرة كيف يتم استهداف المخيمات التي لجأ إليها أهلنا في غزةبالقنابل والقذائف الحارقة، والمأساة الكبرى في صور الأطفال الرضع والصغار الذين يتم إحراقهم بلا ذرة خجل أو أي معاناة إنسانية وتعد جرائم حرب مذاعة على القنوات الفضائية، ودون أن يحرك هذا ساكنا داخل المؤسسة المنوط بها حفظ السلام العالمي المسماه بالأمم المتحدة.

لم نشاهد اجتماع لجمعيته العمومية من أجل مناقشة ما يحدث ومحاولة إيقاف إجرام نتنياهو وعصابته اليمينية التي تحكم الكيان الصهيوني، بل اصبح واضحا أنها تحكم العالم كله، وإلا لماذا تصمت المنظمة الأممية تجاه المحارق؟ بل أن مجرم الحرب نتنياهو تحرك خارج الكيان اللقيط مرتين إلى الولايات المتحدة والمجر ولم يجرأ أحد على قطع طريقه لتسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية كمجرم حرب مطلوب القبض عليه ومحاكمته بعد جرائمه على مدار عام ونصف هي عمر حرب الإبادة الأولى التي انتهت بتلك الهدنة التي نقضها جيش الاحتلال، وتحدى نتنياهو العالم وذهب لمقابلة ترامب في واشنطن وأيضا رئيس المجر. 

بدا مجلس الأمن بأعضائه ال 15 في حالة من السكون فلم تتقدم أي دولة من الدول الأعضاء على مدار الشهر الفائت بطلب لمناقشة المحرقة الصهيونية التي لم ترحم أحدا في غزة رجال ونساء أطفال وعجائز، لم يفتح مجلس الأمن ميثاقه وكتابه ليعاقب المعتدي كما فعل من قبل مع الدول الجنوبية في خطاياها، ولم تتحرك دول التحالفات الغربية تجاه إيقاف المجازر والمحارق، ولم يتقدم أي من أعضاء المجلس الموقر في الأمم المتحدة باستغاثة للمنظمة التي تتبع الأمم المتحدة لوقف القتل الذي يجري على مرأى من المجلس ودوله الأعضاء، هذا التواطؤ والصمت من مجلس الأمن الدولي هل يشير إلى توافقه مع أفكار التهجير وريفيرا ترامب الموعودة على أرض غزة؟ 

وتقف المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة التي تختص بحقوق الأطفال، والمرأة، وكذلك الخاصة بالتراث الإنساني كاليونيسف واليونيسكو وغيرها من الهيئات الأممية عاجزة عن التصرف تجاه الجرائم التي يقوم بها جيش الاحتلال في غزة، وقد صدعتنا هذه المؤسسات بالدفاع عن حقوق الأطفال والمحافظة على التراث الإنساني طوال عقود من عمر المنظمة الدولية التي يقترب عمرها من الثمانين.

يبدو أن المنطمة الدولية المسماة الأمم المتحدة قد اصبتها الشيخوخة ومعها كل الهيئات التابعة لها، أم أنها تصاب بالشيخوخة عندما يتعلق الأمر بأطفال ونساء العرب والمسلمين؟ والتراث التاريخي للدول العربية ودول الجنوب الفقيرة؟ بل أن منظمة كالاتحاد الدولي للصحفيين تقف نفس الموقف من الصمت والتواطؤ في ظل القتل اليومي الذي يطال الصحفيين في قطاع عزة حتى وصل عدد الشهداء من الصحفيين 214، وياليت كان قتلا شريفا في معارك بل هو إحراق بأحدث الأسلحة التي أمدت بها الولايات المتحدة الكيان الصهيوني خلال فترة الهدنة. 

رغم التظاهرات التي تشهدها العديد من المدن الغربية والأمريكية والتي يشارك فيها عشرات الآلاف من المواطنين في لندن، نيويورك، واشنطن، وغيرها من الدول الإوروبية إلا أنك الأصوات الهادرة في كل أنحاء العالم لا تسمع من الدول الكبرى أو المنظمات الدولية، وفي بعضها يتم اطلاق النار كما حدث في إحدى الجامعات الأمريكية، أو القبض على عدد من المتظاهرين يحدث في فرنسا وألمانيا، أو الفصل من العمل كما حدث في عدة شركات أمريكية، وجامعات أوروبية، رغم صرخات الإنسانية لا تتحرك أي منظمة أو هيئة دولية لإيقاف الحرب على غزة، وهو لغز يحتاج إلى تفسير هل يمكن أن نقول أنها المؤامرة وإذ قلنا ذلك هل نصبح نحن المتهمين بسوء النوايا تجاه الغرب ويقال أننا لازلنا نعاني من عقد الاستعمار؟ فإن كنا لسنا كذلك فهل يوجد عاقل أو مفسر ليقول لنا ما الذي يحدث لتلك المؤسسات ولماذا هي موجودة حتى الآن ويرتضيها العالم؟ 

الصمت العربي والإسلامي 

ما يحزن القلب ويحتار معه العقل ليس الصمت العالمي فقد تعودنا من الغرب هذا التعامل معنا كعرب ومسلمين، ولا يخجل قادة الكيان الصهيوني في إعلان نيتهم الاستيلاء على أرض العرب وتربية أجيالهم على مملكتهم الممتدة من النيل إلى الفرات ولا يستخدمون كلمات خفية في إعلانهم عن أطماعهم في فلسطين، مصر، سوريا، العراق، الأردن، ولبنان، ولا يتخفون أمام كلمات براقة أو منمقة، الأسوء من ذلك هو الصمت العربي تجاه ما يحدث، فلم تدعي أي دولة عربية، إسلامية إلى عقد اجتماع للجامعة العربية أو منظمة التعاون الإسلامي لمناقشة نقض الاتفاق، أو مناقشة أحوال أهل غزة تحت المحرقة. 

بعد أجتماعين تما في فترة الحرب الأولى للجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وبعد عقد اجتماعات عدة لوزراء الخارجية الثمانية التي صدر قرارا بها في اجتماع الرياض لم نرى أثرا لهذه اللجنة واجتماعها، والمدهش أنهم لم يلتقون منذ 19 مارس الماضي عندما بدأت المرحلة الثانية من تدمير وإحراق غزة حتى الآن، كل ما يصدر هو كلمات ضعيفة من القلائل هنا وهناك، وبعد صمت جبهات لبنان، وإيران عن أي مساندة للمقاومة في فلسطين اصبح الصمت مطبقا على أمة العرب، والأمة الإسلامية، ولا نجد صوتا قويا إلا في يمن العرب وما يقدمه من إسناد قوي للمقاومة في غزة، وما يقوم به أهل اليمن الشجعان من خلال تظاهراتهم المليونية كل أسبوع دعما لأهل غزة والمقاومة فيها، ولا صوت رصاصة تخرج من إي جبهة عربية إلا صوراريخ اليمن العظيمة تجاه الأرض العربية المحتلة، أما ما يحدث في مصر، الأردن والضفة الغربية تحت السلطة الفلسطينية فهو عار عربي وإسلامي. 

رغم التظاهرات في بعض الدول العربية والإسلامية خاصة المغرب، تركيا، أندونسيا، وبعض المشاهد في الجزائر إلا أن ما يحدث في الشارع العربي والإسلامي ما زال تأثيره ضعيفا جدا ولا يليق بأمة يذبح أخوانها، وأطفالهم ونسائهم ويحرقون على الهواء مباشرة، اعتقد أن هناك بعض الجبهات تستطيع أن توقف ما يحدث في غزة أن أرادت   ذلك خاصة الدول الكبرى في المحيط الفلسطيني أولها بالتأكيد مصر وأهلها أن أرادوا، تركيا أيضا تستطيع أن تتحرك بشكل أكبر لوقف المحرقة في غزة، وباقي الجماهير العربية، الواقع أن الكتابة عما يحدث في غزة اصبح عبئا كبيرا لا يحتمل في ظل الكوارث اليومية التي يتحملها أهلنا في غزة ببسالة وصمود نادر إنسانيا، ولذا فأن الكتابة عن تلك الآلام وهذا الذي يحدث يطرح سؤالا حول جدوى الكتابة ولكننا لا نملك إلا أن نصرخ كتابة أوقفوا حرب الإبادة وكفى عارا على الإنسانية. 

المصدر : الجزيرة مباشر نت 

تعليقات