علي أبو هميلة يكتب : "جريمة في بيروت" حوار سحب سلاح المقاومة


لا ندري إلى أي مدى يأخذنا التخاذل العربي الرسمي والشعبي -إلا فيما ندر- هذه الحالة من الخزي التي تجعلنا نشعر بالمهانة والتضاءل أمام صمود أهلنا في غزة وبسالتهم، وأمام استمرار المقاومة بعد أكثر من 19 شهر في تكبيد العدو الصهيوني خسائر، واطلاق صورايخ من شمال غزة على المستوطنات في غلاف غزة، وما زال العرب أنظمة وشعوبا لا يتقدمون نحو نصرة أهل غزة على أقل تقدير بخروج احتجاجي من أجل إيقاف حرب الإبادة الصهيونية الأمريكية، ورغم تصاعد التظاهرات في أوروبا والغرب والشرق الغير عربي والغير مسلم ضد هذه الحرب لا تزال الأمة عربية وإسلامية نائمة وغائبة بينما تجري تحولات حول العالم تجاه صمود أهل فلسطين وتقديمهم نموذج فريد في التمسك بالأرض وعظمة تضحياتهم من مواطنين عاديين، إعلاميين، سياسيين فيي كل انحاء العالم. 

جرائم الصباح 

يغفو الإنسان ساعتين ليستيقظ على جرائم صهونية يرتكبها الجيش الإسرائيلي على مدار الساعة ومن بينها جرائم يشيب لها الولدان والأطفال وفي هذا الصباح ضربتنا جريمة استشهاد أطفال طبيبة مجمع ناصر ألاء الثمانية على رؤوسنا وعقولنا، وأصابت قلوبنا بالغم والحزن -حتى كلمة حزن أصبحت لا محل لها في الواقع- يا الله طبيبة تعمل وسط أنقاض المشافي تتحسس رأسها كل لحظة لتتأكد أنها لازالت في مكانها، وتتحسس قلبها المكلوم بالآلم من هول ما تشاهد لعلها تستطيع أن تستكمل مسيرة عملها الصعب، تستقبل ضحايا المحرقة الصهيونية وسط صمت عربي دولي رسمي كل ما يسعى إليه إدخال بعض اللقيمات القليلة لشعب يباد في جريمة لم يشهد لها التاريخ مثال.

بين آلالام المتراكمة في كل يوم لطبيبة الأطفال الغزاوية الفلسطينية ها هي تستقبل جثامين أطفالها الثمانية، يا الله كيف للبشر أن يحتمل، وهل هؤلاء بالفعل بشر مثلنا أم هم ملائكة السماء تعطي الأمة النائمة الدروس الإيمانية والعقائدية في الصبر والصمود والإيمان، يا الله لم نعد نحن المشاهدون والمتابعون نحتمل فكيف لهؤلاء أن يكونوا؟! ثمانية جثامين في المستشفى التي تعمل بها لأطفالها، اللهم صبرا لها وعونا، أنه المثال اليومي لأهلنا في غزة فقد، وفقد، وحزن لا يحتمله الجبال. 

بينما هذا حال أهل غزة وفلسطين يفاجئنا الصباح بجريمة كبرى يجري الأعداد لها في بيروت، يبدو أن خلع أخر ملابس العرب لم يعد كافيا للانبطاح أمام الكيان الصهيوني الأمريكي، لذا تفتق عقل الانبطاح العربي والسلطة الفلسطينية في رام الله ،واللبنانية في بيروت عن فكرة تجعلنا لا نستطيع التفريق بينها وبين جيش الاحتلال، فبعد جرائم مخزية مع فصائل المقاومة لإدارؤة عباس في الضفة الغربية ومخيم جنين وغيره وبعد سماحها بالعربدة الصهيونية في كل أنحاء الضفة تحت إدارتها، واعتقال المقاومين ومطاردتهم تذهب إلى بيروت للحوار مع السلطة في لبنان على نزع سلاح الفصائل الفلسطينية المقاومة في بيروت والجنوب اللبناني. 

الطرف الأخر في الحوار (العار) السلطة اللبنانية تلك السلطة التي تخلت عن المقاومة وجعلت أرض لبنان مستباحة يوميا أمام الجيش الإسرائيلي ولم تعد تتفوه حتى بإدانة القصف الصهيوني لبيروت، وبعد ما ترك لها حزب الله الوقت لتكون دولة، حزب الله الذي قاوم من قبل ودافع عن لبنان على مدار ثلاثين عاما وكسرته الخيانة من الداخل وأفقدته قادته والآلاف من أبناء تركهم في أمتحان صعب حتى لا يقال أنه عائق أمام السلام وهو يدرك أنه استسلام مهين، ورغم هذا الاستسلام ها هم السلطتان في بيروت والضفة يحاولان أن يقدم فرائض طاعة جديدة لدولة الاحتلال وراعيها الأكبر الولايات المتحدة الأمريكية. 

أيلول أسود جديد 

لا تملك السلطة الفلسطينية أي سلاح من أسلحة المقاومة حتى في الضفة الغربية، ولا تملك سلاح سوى ما يمكنها من الضغط على المقاومة الفلسطينية بل أن الظن أن وجودها ذاته من أجل تلك المهمة، فعلى ماذا يفاوض طارق عباس أبو مازن في بيروت؟ وفي بيروت لم يحضر أي فصيل مقاومة هذا الحوار العجيب الذي لم يحضره أي فلسطيني في لبنان، ولم يقبل أي منهم مثل هذا الاتفاق، ولن يقبلوا، إذن السلطة الفلسطينية لا تملك سلاح المقاومة، ليس لها أن تتحدث أو تتفاوض بأسمها حتى فصائل المقاومة في فتح باتساع فصائلها، ومحمود عباس الذي أرسل ابنه للتفاوض على السلاح العربي الوحيد في مواجهة الكيان لا يتمتع بأي شعبية بين الشعب الفلسطيني بل أن استطلاع للرأي بين أنه إذا أجريت انتخابات سيكون نصيب عباس السقوط، وما يقارب 70% الشعب الفلسطيني مع المقاومة وضد سحب سلاحها أو التنازل عنه، وخروج حماس مقابل إيقاف الإبادة. 

بينما لا تملك السلطة في لبنان أي قدرة أو سلطة على نزع سلاح الفصائل الفلسطينية، او المقاومة اللبنانية وعلى رأسها حزب الله والذي هو مكون رئيسي في الساحة اللبنانية والعربية، ورغم كل ما تعرض له لا يزال يمثل أملا كبيرا للجماهير العربية، على ماذا يتفق الطرفان؟ وهل يستطيعا أن ينفذا ما اتفق عليه؟ أم انه مجرد انبطاح جديد أمام حكومة نتنياهو المتطرفة التي يقول سموتريش أحد عناصرها الأكثر تطرفا أنهم لن يتوقفوا حتى إبادة غزة ومن فيها، خطة واضحة فهل تضمن السلطة في بيروت والضفة بعد نزع سلاح المقاومة ـأن حدثـ وهو المستحيل عينه إلا يسعى سموتريش والحكومة الصهيونية المتطرفة إلى إبادتهم في لبنان والضفة حسب الخطة الصهيونية؟ لا يظن أي عاقل ذلك. 

أما أن الهدف من هذا الحوار بين السلطتين في لبنان والضفة الغربية هو اقتتال عربي/ عربي على نمط ما حدث في الأردن في سبتمبر/ أيلول 1970 في الأردن وما شاهدناه وتابعه العالم العربي كله من مذابح عرفت بمذابح أيلول الأسود، الآن بينما تستمر خطة الإبادة الصهيونية يخرج علينا أبو مازن، والرئيس اللبناني جوزيف عون بخطة عبقرية لصراع عربي/ عربي يمدان فيه يد المساعدة للعجز الصهيوني عن تحقيق أهدافها في غزة، فلا نزعت سلاح ولا أخرجت المقاومة، ولا توقف استنزاف جنوده، ولا عادت مطاراته كما كانت، ولا صممت أسلحة المقاومة، الواقع أن هذا الاتفاق إلى خطر بالغ على فلسطين، ولبنان، وإذا حاولت أيا من السلطتين في بيروت والضفة أتخاذ أي خطوة نحو تنفيذ سيسيل الدم العربي أنهارا في لبنان وفلسطين، لا أعرف هل أقول لأبو مازن وعون أحذرا أم أن هدفهم ربما يكون هذا بديلا عن مذابح صهيونية يدينها العالم، وتقف الإنسانية الآن ضدها، ولكن ما أوقن به وأيماني لا يتزعزع به أن جريمة كهذه لن تمر، ولن يمروا فسلاح المقاومة شرف لا يسلم حسب تعبير بيان لجماعة صوت الشهيد الفلسطينية. 

المصدر : الجزيرة مباشر نت 

تعليقات