مؤامرة تصنع نهاية لا يريدها حر شريف صنعها تواطأ الجميع على كسر غزة؟
كما تمر حبة الزيتون بمراحل متعددة في رحلة عصرها، من القطف إلى التنقية، كذلك تمر غزة بمراحل متعددة من الفعل والتخطيط والتنفيذ، يتشارك فيها أطراف شتى، ظاهرهم التناقض وباطنهم الاتفاق على هدف واحد: إنهاك غزة، وتحطيم روحها، وتجفيف منابع قوتها.
منهم من "يقطف" الثمار، فيبدأ مرحلة استغلال المعاناة، ومنهم من "يعصر" الوجع، ومنهم من "يسخّن" الماء ليزيد الضغط، وآخرون يبرعون في "تنقية" المشهد ليبدو مقبولًا أمام العالم، مموّهين الحقيقة تحت شعارات براقة.
هكذا يبدو حال الحلول المطروحة لواقع غزة. الكل يلعب دورًا: العرب، المسلمون، الأمريكان، الأتراك، الصهاينة، أعداء ومطّلعون، منسقون ومتفرجون، والكل – للأسف – بارع في تنفيذ مهمته.
كل الطرق تؤدي إلى إرهاق غزة بجهادها، ووطنيتها، وآمالها، وآلامها؛ ليدفعها الجميع إلى نهاية مرسومة سلفًا: قتل، تشريد، جوع، وعطش، حتى تصل إلى "المراد" الذي يرضي أعداءها.
يظهرون بوجه الرحمة، وفي باطنهم مكر الذئاب. يتحدثون بلغة الحقوق، ويخططون بلغة السيطرة. يدّعون الوقوف ضد نتنياهو، بينما هم مهندسو مشاريعه وممولو غاياته. فلو كانوا حقًا ضده، لما شاهدنا أقسى شهور غزة تمر خلال الأشهر الأربعة الأخيرة، التي تزامنت مع زيارة كبيرهم الذي أشعل فتيل الدماء، ثم غادر ليترك خلفه الموت والرماد.
حينها قال: "القرار سيكون الأربعاء أو الخميس أو الجمعة"، وكأن تلك الكلمات كانت توقيعًا على مزيد من الضغط، على المقاوم، وعلى المفاوض، وعلى المواطن البسيط، ليقبل بأقل مما كان يحلم، لا لأن هذا ما يريد، بل لأنه "أفضل الممكن" كما يدّعون.
واليوم، تُطرح علينا حلول لا حماس فيها، ولا فتح، ولا حتى فلسطينيون. تُعرض علينا مبادرة عربية، لكن الراعي أمريكي، والموجه صهيوني، والهدف حكم غزة خارج إرادتها، وفصلها عن سياقها الوطني، وخنق ما تبقى من صوتها الحر.
هي ليست مؤامرة خفية، بل خطة تُنفذ بمهارة، ومشهد يُدار بحرفية، والعالم يتفرج، وبعض العرب يصفق.
ولكن غزة، كما الزيتون، تمر بالمراحل لتخرج عصارتها الأصيلة، لن تنكسر بسهولة، ولن تخون طينها، وإن طال الليل.
"وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين."
(الأنفال: 30)
مؤامرة تصنع نهاية لا يريدها حر شريف صنعها تواطأ الجميع على كسر غزة؟
تعليقات
إرسال تعليق
أترك تعليق