رغم تنازل مصر عن السيادة علي جزيرتي تيران وصنافير للسعودية قبل 8 سنوات، إلا أنها لا تزال تثير إشكاليات بين الرياض والقاهرة. فمصر أوقفت نقل ملكية الجزيرتين، علي خلفية ربما خلافات فنية تتعلق بتركيب كاميرات مراقبة لتحل محل القوات متعددة الجنسيات المتمركزة عليهما كجزء من اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل من أجل الحفاظ على نزع السلاح من الجزيرتين.
ومع ذلك، فإن الأسباب الكامنة وراء تردد السيسي تتجاوز هذه القضايا الفنية، ويكمن في جوهرها نزاع بين مصر والمملكة العربية السعودية بسبب عدم وفاء الرياض بإلتزاماتها في هذا السياق وهنا لا اقصد
حزمة الدعم المالي والاقتصادي المقدرة ب 22 مليار دولار و اوهام وخدعة لعبة تصدير التنمية لسيناء عبر مشروع نيوم
بل أيضا عدم ذهاب الرياض بثيران وصنافير الي محطة الاضرار بالامن القومي المصري والعمل علي مشروع بديل مع إسرائيل وامريكا يهمش قناة السويس ويسلم البحر الأحمر الي اسرائيل واثيوبيا عن
طريق التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية حيث ادركت القاهرة متأخرا ان صفقة نقل الجزر بمثابة عنصر أساسي في خطة تقزيم مصر وتطويقها كشريان للتجارة العالمية .
تتمتع الجزيرتان بمزايا جيواستراتيجية للمملكة العربية السعودية حيث ستمكنها السيطرة عليهما من إدارة مدخل خليج العقبة وتعزيز مكانتها كقوة إقليمية. علاوة على ذلك، ستساهم هذه الخطوة في تحقيق الطموحات السياسية والاقتصادية لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي يسعى إلى ترسيخ مكانته كزعيم إقليمي و هو يدرك انه لن بصل لهذا الهدف الا بدعم امريكي إسرائيلي ومنحهما مفتاح خليج العقبة
وهو يعتقد ان إسرائيل هي القاعدة العسكرية للولايات المتحدة ما يُمكّنهما من السيطرة على المنطقة بأكملها، وتيران وصنافير في موقعهما الجغرافي، الذي يحمل في طياته تداعيات سياسية بالغة الأهمية لمن يسيطرة عليهما. حيث تقعان عند مصب خليج العقبة، وهو ممر حيوي يربط الأردن وإسرائيل بالبحر الأحمر، وتُشكلان محورًا حيويًا للشحن والتجارة، وهما من الممرات المائية القليلة التي تربط آسيا وأوروبا. وبداية مشروع قناة بن جوريون الجديدة، وهو مشروع إسرائيل البديل لقناة السويس .
وتسيطر جزيرة تيران على الممر البحري في المنطقة الاستراتيجية للبحر الأحمر، وهذا يعني أنها تسيطر على كل الشحنات المتجهة إلى إيلات، وهو منفذ إسرائيل الوحيد إلى البحر الأحمر. ومن ثم تعمل قناة بن جوريون لربط ايلات بعسقلان وحيفا علي البحر المتوسط
وبفقدان مصر للجزيرتان بالغتي الأهمية تخسر مصالحها الاستراتيجية في قناة السويس، أهم طرق التجارة الدولية في العالم، وفي شبه جزيرة سيناء
مما يُمثّل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري .
لذلك ترفض مصر الي الان تسليم الجزيرتين الي الرياض دون ضمانات واضحة وصريحة تؤكد إخراجهم من اللعبة الأمريكية الإسرائيلية
في هذا السياق الجيوسياسي يأتي تصريح المصدر المصري المسؤول لموقع مدي مصر باعتزام السعودية السماح للامريكان ببناء قاعدة عسكرية في ثيران وهدف هذا التصريح ليس احراج النظام السعودي شعبيا فقط وتعريته عربيا بل أيضا
هو رسالة تحذرية حمراء للرياض بأنك تلعبي بالنار وان مصر تفهم جيدا الخطوة القادمة في منتصف هذا الشهر، عندما يصل ترامب الي السعودية وأن جدول أعماله يشمل مناقشات حول الأمن الإقليمي، وصفقات الأسلحة، وربما ترتيبات عسكرية جديدة في البحر الأحمر واستبدال قوات حفظ السلام الدولية باخري أمريكية علي جزيرتي تيران وصنافير للضغط علي مصر وتهميش دورها الإقليمي، مما يسهل سيناريو تهجير اهل غزة الي سيناء وتمدد إسرائيل جغرافيا في الضفة وغزة و دمشق.
لذاك لم يكن تصريح المصدر المصري المسؤول الا رسالة للرياض بأن كواليس اللعبة الخطرة مكشوفة ولن تمر بسلام .
ومن المؤكد الآن ان الإدارة المصرية تدرك حجم خطائها الكارثي في الإفراط في الاستدانة والديون ولعبة تجارة الفائدة مع بيوت المال مما اجبرها علي تنازلات مؤلمة
أحدها النخلي عن تيران وصنافير للسعودية لتكون بمثابة بوابة التطبيع الإجباري بين تل ابيب والرياض واضعاف مصر
مما شجع ترامب علي الطلب بكل وقاحة حق المرور المجاني في قناة السويس مقابل حمايتها وهنا يقصد عندما يقوم ببناء القاعدة
تعليقات
إرسال تعليق
أترك تعليق