علي أبو هميلة يكتب : قافلة الصمود بين عربدة إسرائيل والوصول لغزة

 


بعد القرصنة التي قام بها الجيش الصهيوني على السفينة مادلين، واعتقال من كان عليها من شخصيات مثلت عديد من دول العالم أسبانيا، السويد، فرنسا، وغيرهم ومعهم مراسل الجزيرة المصري عمر فياض، ثم اقتياد السفينة إلى ميناء أشدود تحت الاحتلال الصهيوني، واخفاء من كان عليها ثم البدء في ترحليهم إلى بلدانهم أو محاكمتهم. 

قافلة برية عابرة للحدود العربية 

ها هي قافلة صمود أنسانية تتحرك من الجزائر إلى تونس ومنها إلى ليبيا ثم مصر وصولا إلى معبر رفح لكسر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة بعد 20 شهرا من القتل والإبادة والحصار، القافلة برية هذه المرة تعبر حدود أربع دول عربية وصولا إلى فلسطين وغزة المحاصرة وسط عجز أممي وأنساني طال إلى ما لا يمكن احتماله. 

ما يقارب عشرة آلاف مواطن من دول عربية وغربية يتحركون ويلتحق بهم من كل أرض عربية بعض العرب والمسلمين ممن لا يزالوا يمثلون النخوة والكرامة العربية، استقبال القافلة التي انطلقت من الجزائر وتضم بعض الشخصيات السياسية والفكرية العربية والعالمية-سياسين، مثقفين، أطباء، ومحامينـ كان استقبالا كبيرا في الأراضي التونسية واللبيبة حتى كتابة المقال (صباح الثلاثاء) ويبدو أن المعضلة الكبيرة حين وصول القافلة الأراضي المصرية. 

الضغط العربي على الشقيقة الكبرى مصر يضعها سلطة وشعب في مأزق كبير بعد التسهيلات التي منحتها سلطات الدول في الجزائر وتونس وليبيا للقافلة الإنسانية التي تعتزم الوصول لغزة رغم العربدة التي شنها جيش الاحتلال على السفينة مادلين، المصريين مطلوب منهم إلا يكونوا أقل من اخوانهم في استقبال القافلة ومضاعفة أعدادها على الأقل والسير معهم نحو معبر رفح، أما موقف السلطات في مصر فلا نعرف فماذا سيكون؟ 

التصور المحتمل أن السلطات المصرية لن تسمح بمرور القافلة، وبينما اكتب تتدوال أخبار عن رفض مصر للقافلة بالوصول إلى سيناء ومعبر رفح، ويبدو أنه هناك من يخشى بوصول العربدة الإسرائيلية إلى مهاجمة القافلة في الأراضي المصرية فتحدث مناوشات بين القوات المصرية والجيش الصهيوني تؤدي إلى قيام حرب، والواقع نسبة كبيرة من الشعب المصري ليسوا مؤهلين لموضوع كهذا. 

فرصة مصر لعودة المكانة 

المتوقع حتى أن سمح للقافلة بالدخول إلى الأراضي المصرية لن يمسح لهم بالتواجد على أرض سيناء وسيحبط أمنيا أي محاولة للوصول إلى  رفح، وقد تتساءل أليس هناك الآلاف من شاحنات االمساعدات أمام المعبر فلماذا لا يسمح باعتصام بشري كبير أمام المعبر يتزايد عبر الأيام القادمة لمحاصرة الكيان الصهيوني وإجباره على إيقاف حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني في غزة؟ 

يساعد السلطات المصرية في هذا الطوفان البشري الذي يجتاح العالم الآن ضد استمرار الحرب، فقد رأينا مئات الآلاف في فرنسا، بريطانيا، السويد، الولايات المتحدة الأمريكية، إيطاليا، وسويسرا يندودون باستمرار المحرقة، ويطالبون بإيقافها، وشاهدنا خلال الإسابيع الماضية تغيير كبير لدى الكثير من الشخصيات السياسية والإعلامية، والثقافية في العالم وتضامن كبير مع أهلنا في غزة وفلسطين. 

 اثبتت المقاومة في غزة وكتائب القسام والفصائل الآخرى خلال الأيام الماضية ثباتا كبيرا وكبدت الكيان الصهيوني خسائر بشرية كبيرة ما بين قتلى وجرحى، وأثبت رجال المقاومة أنهم هنا على الأرض يدافعون ويكسرون شوكة العدو ويرسلون جنوده من خلال الكمائن في خان يونس، ورفح وجباليا إلى الكيان قتلى وجرحى.

الكثير من قادة المعارضة الصهيونية، وقادة جيش الأحتلال يرون أن هزيمة حماس لن تحدث، وأن الذي يتعرض للسقوط والانهيار هو الكيان وجيشه، أصبح الكثيرون يرون أن دفاع نتنياهو عن سلطته السياسية وبقاءه في الحكم سيكلف الكيان الصهيوني وجوده، وسرت تلك الحالة بين المستوطنين الصهاينة وخاصة أسر الأسرى لدي حماس. 

الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال تتفاوض مع حماس وتحاول أن تنزع من بين يدها ورقة الأسرى في محاولة لدعم نتنياهو وتحقيق أي نجاح من حربه المدمرة على غزة، ولا يزال أبناء القسام وحركة المقاومة الإسلامية يقفون بصلابة وقوة في هذه المواجهة في تصميم كبير على إتفاقية تضمن إيقاف كاملا للحرب تستعيد فيه المقاومة الشعب الفلسطيني قوته وحيويته، ويعاد إعمار غزة، ورغم كل محاولات نتنياهو إنشاء قوة فلسطينية بديلا عن  قواته في محاربة المقاومة إلأ أن المقاومة لا تزال قوية ولا يزال الأمريكان يفاوضون معها. 

أجواء مساعدة ولكن 

كل هذه الأجواء المحيطة بوصول قافلة الصمود إلى مصر يمكن أن تجعلها مصر ورقة كبيرة في يدها تستعيد بها جزءا من مكانتها التي تتلاشى عربيا وعالميا، وفرصة كبيرة للشعب المصري ليعبر عن موقفه من قضيته الأم فقط بالضغط السلمي القوي إذا انضم إلى القادمين عشرات الآلاف من المصريين، ويكون عاملا مهما في الضغط على الكيان لإيقاف الحرب على غزة، وسيكون هذا نصرا سياسيا كبيرا لمصر قبل أن يكون لغزة والأنسانية العالمية، فهل تفعلها مصر. 

لا أظن! إذن سيتوقف الركب على الحدود المصرية الليبية وهذا هو الاحتمال الأول والأكثر توقعا، فالسماح للقافلة بالعبور في الأراضي المصرية قد تكون مغامرة غير محسوبة للسلطات المصرية، خاصة إذا عبرت في مدن مصرية حتى سيناء، وهذا الاحتمال الاضعف الوصول إلى شاطيء قناة السويس وأرض سيناء وهو احتمال ضئيل ولكنه قد يحدث عندها سيصبح العدد ضعفين أو أكثر وهذا في اعتقادي لن يسمح به، فماذا إذن؟ 

مشهد تخيلي 

وصلت القافلة المكونة من 10 آلاف من الساعين لكسر الحصار المفروض على غزة منذ عام وثمانية أشهر إلى الحدود المصرية الليبية وسط دعم كبير من القبائل العربية ففي شرق ليبيا على حدود مصر، وعلى الجانب الآخر يقف الآلاف من قوات الأمن المصرية لمنع اقافلة البرية من دخول مصر، خلف هؤلاء الجنود يقف عشرات الآلاف من المصريين الذين ينتظرون القافلة للانضمام إليها والعبور معهم الأراضي المصرية وصولا لرفح. 

الوضع يتفاقم بين اصرار القادمين من مشوار طويل أكثر من عشرة أيام والواقفين منذ يومين في الأراضي المصرية في انتظارهم وبينهما تقف قوات الأمن المصرية، ويبدو في الأفق أنه لا لن يسمح للقادمين بالدخول. 

مجموعة من الاهالي الليبين بمساعدة مصريين وأخرين من دول عديدة يجهزون سفنا تمر من المياة الدولية حتى غزة، لقد قرروا أن يتخذوا نفس مسار السفينة مادلين، وفي هذا الحالة سيكون أمام جيش الاحتلال إما القرصنة على تلك السفن واعتقال كل من فيها، أو أن يصل الضغط العالمي ليسمح لهؤلاء الدخول لغزة.

أخيرا 

هل سيلقي نتنياهو بأخر أوراقه ويتاخذ قرارا بمهاجمة عشرة آلاف أو أكثر في قافلة الصمود الآنساني، وهو ما يمكن أن يكون متوقعا حال وصولهم عبر سينا بريا، أو خياليا عبر وجودهم في المياه الدولية كما حدث مع السفينة مادلين والمتضامنين ال 12، أم تقف كل دول العالم في مواجهة الغطرسة الصهيونية المدعومة أمريكيا وتصل قافلة الصمود البرية إلى غزة لكسر الحصار وإعلان نهاية نتنياهو سياسيا، ربما. 

المصدر : الجزيرة مباشر نت 

تعليقات