حتى اللحظة الأخيرة قبل بدء سريان وقف اطلاق النار بين إيران والكيان الصهيوني كانت الصواريخ الإيرانية تزغرد فوق سماء كل الأرض المحتلة وتوالت الانفجارات تهز الكيان ومستوطنيه من بئر سبع إلى عسقلان، ومن وسط تل أبيب إلى غلاف غزة، ومستوطنات الضفة الغربية، وأن استخوذ انفجار بئر سبع على الأهتمام الإعلامي والمتابعة لما نتج عنه من مقتل ما لا يقل عن خمسة مستوطنين وإن قيل في اخبار متفرقة أنهم وصلوا إلى 12قتيلا، لقد أرادت إيران أن تقول أنها صاحبة الهدف النهائي وأن صورايخها لا تزال قادرة على الوصول إلى كل الأرض المحتلة.
جاء أتفاق وقف اطلاق النار بوساطة أمريكية قطرية بعد أن طلب نتنياهو رئيس وزراء العصابة الصهيونية التدخل الأمريكي، هذا التدخل الثاني بعد الهجوم الأمريكي على المنشأت النووية الثلاثة في إيران، وطلب الرئيس الأمريكي الوساطة القطرية بعد الرد الإيراني بقصف قاعد العديد الأمريكية في قطر، ليصبح الطرفان متعادلان، إيران تقف كقوة إقليمية ولا تتردد في الرد على القوة العظمي الأولى في العالم وتعيد لنفسها الهيبة امام القوة الأمريكية بعد أن أعادتها بنجاح كبير أمام غطرسة نتنياهو والكيان الصهيوني بما أحدثته من دمار واسع في الكيان الصهيوني استمر حتى دقائق بعد سريان وقف اطلاق النار.
قصقصة ريش إيران
رغم استمرار القصف الإيراني وثباتها في مواجهة العدوان الصهيوني والأمريكي عليها إلا أنه يبدو أن خسائر الجمهورية الإسلامية كبيرة بالنظر إلى الضربة الأولى التي قام بها الجيش الصهيوني صبيحة الجمعة 13 يونيو/ جزيران الجاري من هجوم فقدت فيه أكثر من عشرة من علماء مشروعها النووي ومثلهم من قادة القوات المسلحة الإيرانية فبدا أن الخسارة فادحة، وما أعقب ذلك من الهجمات الأمريكية التي طالت منشأتها النووية في فوردو، نظنز، وأصفهان، والتي تغنى بها الرئيس الأمريكي.
رغم هذه الضربة التي قد يكون من نتائجها التأثير على المشروع النووي الإيراني إلا أن هناك تقارير كثيرة أهمها من المحابرات الأمريكية تقول أن التهويل الترامبي غير حقيقي، وأن نتائج الهجوم الأمريكي ليست بالحجم الذي صوره الرئيس الأمريكي، وربما أكد ذلك علماء في هيئة الطاقة النووية، وأن التاثير سيكون فقط على المدة الزمنية التي تستغرقها إيران في الحصول على السلاح النووي، لقد تم قص الجناح النووي الإيراني ولكنه قادر على النمو.
كشفت حرب الأثنتا عشر يوما أن هناك مشكلة كبيرة في سلاح الجو الأيراني، ورغم امتلاك إيران الآلاف من الصورايخ الحديثة إلا أنها تعاني كثيرا من نقص بل انعدام الدفاعات الجوية مما جعل أرضها مستباحة أمام الصهاينة، وتلك كارثة لدولة عريقة وعميقة تاريخيا، وكان هذا نتيجة الحصار المفروض عليها من قبل العالم الغربي لمدة أربعين عاما، وأيضا ربما كان هناك خذلان من بعض حلفائها في موضوع الدفاع الجوي.
حرب الجواسيس
النقطة السلبية الثالثة التي كشفتها الحرب على أيران كانت حجم الجواسيس الذي انتشر في داخل الجمهورية الإسلامية حتى قيل أنه تماعتقال ما يقارب 700 جاسوسا حتى الآن، ورغم سلبية النقطة إلا أن الحرب أيقظت القيادة السياسية والعسكرية فيها لمزيد من الجهد لتنظيف الجبهة الداخلية والدقة في سلامتها حتى تخوض معاركها بأمان.
رغم كل هذا هل يمكن أن نقول أن إيران هزمت، وهل من حق إيران أن تحتفل بانتصارها وهو الاحتفال الذي حدث بالفعل، إيران خرجت من هذا الحرب في مساواة ليس مع الكيان بل مع أمريكا تتعامل معها كند لها إذا ضربت أضرب، إذا سلمت أمد يدي، إذا تفاوضت أتفاوض، أما مع الكيان الصهيوني أرسلت إيران رسالات قوية أن العين بالعين، الموقع بالموقع، الميناء بالميناء، مراكز البحوث بمراكز البحوث، منشات مدنية مقابلها منشات مدنية، إي أن هناك قوة إقليمية كبيرة لابد من وضعها في الحسبان، بل أن إيران كسرت أوهام نتنياهو في إعادة المنطقة كما يهوى، ,ان كان السيق لبطال طوفان الأقصى.
ضربات في قلب الكيان
استباحت الصواريخ الإيرانية سماء الأرض المحتلة طوال فترة الحرب، أصابت بالدمار مناطق واسعة حتى قيل أن ثلث تل أبيب قد أصابه الدمار، انتهت أسطورة الأمان داخل الكيان الصهيوني، رغم أن الكيان يدعي مقتل 28 مستوطنا في تلك الحرب، وأصابات بلغت 3000، إلا أن هناك ما لايقل عن عشرات من المشردين الذين أصبحوا بلا مأوى.
فقد الكيان السيطرة التامة على سماء الأرض المحتلة وتوالى فشل القبة الحديدية وما ساندها من قوات دفاع جوي أمريكي وغربي حتى أن الصواريخ الأيرانية أصابت الكثير من المنشات شديدة الحساسية في الكيان، وقد كان صاروخ واحد يلاعب كل الدفاعات الصهيونية والأمريكية ويصل لهدفه، وأصبحت كل مناطق الاحتلال عرضه للقصف، بل أن في بعضها كانت الدفاعات تنفجر في أماكن داخلها، اثبتت إيران أن هذا الكيان اللقيط هشا، وأن بالأمكان هزيمته وتدميره، وان الصورة الذهنية عن قوته غير حقيقية.
وصل الرعب والهلع إلى المستوطن الصهيوني أصبح لا يشعر بااستقرار في أرض وعد بالأمان والديمقراطية، ووصل الأمر كما قال السفير الأمريكي عشنا 12 يوما في الملاجيء، أما المستوطن فقد حمل عشرات الآلاف منهم متاعه وهرب إلى قبرص عن طريق البحر، ومصر والأردن عن طريق المعابر، وتقدم خمسين عضوا في مجلس الشيوخ الأمريكي بطلب لترحيل 700 الفا من اليهود الأمريكي من الأرض المحتلة.
الاقتصاد الصهيوني ينهار
تعرض الاقتصاد الصهيوني إلى هزات عنيفة بل أن تكلفة التصدي للصواريخ الإيرانية بلغت مليار دولارا، فضلا عن غلق المئات من الشركات، وما إصاب ممتلكات المستوطنين من أضرارا قدرت بمبالغ كبيرة، أيضا ما تم تدمير من مؤسسات أهمها مراكز بحثية يقال أن تعرضت لخسارة كبيرة، ميناء حيفا، مطار بن جريون، واللد، وغيرها من المنازل حتى أن الغرف المحصنة دمرت، وفي اللخظات الإخيرة قبل سريان اتفاق وقف اطلاق النار قتل أربعة مستوطنين كانوا في غرفة محصنة.
تلك بعض الضربات التي اصابت الكيان في حرب ال 12يوما، هل تراها بسيطة أو خسائر يمكن تعويضها؟ فأن كان الاقتصاد يمكن تعويضه وستفتح خزائن الولايات المتحدة وأوروبا لإعادة أعمار تل أبيب والأرض المحتلة فأن ما لا يمكن تعويضه هو هؤلاء الذين فروا من إسرائيل، والذين سيفرون بعد إعادة فتح المجال الجوي، وبقاء اليقين لديهم أنهم في أمان.
من الذي انتصر
انتهت معركة بين إيران والكيان الصهيوني لها حساباتها الخاصة لدى الطرفان إيران دخلت دفاع عن الدولة الإيرانية وضد استهدافها وحققت نجاحا بالنسبة لها ولم يكن مطلوبا منها أكثر مما فعلت في كشف شعوب وأنظمة، نخب وعلماء عاجزين عن دعم المقاومة الفلسطينية، كانت إيران تدافع عن نفسها ولكنها أعطت القدرة على تدمير الكيان وزواله إذا حضرت الإرادة.
إيران تحارب قضيتها لا قضية العرب وانتصرت لنفسها على عدونا وأصابت هذا العدو في نقاط كشفها بعضها طوفان الأقصى ولكن إيران عرتها تماما، الكيان الصهيوني لن يستطيع أن يعالج خساراته من حرب إيران، كما لن يستطيع أن يلملم ما حدث ويحدث له في غزة حتى لو طال عمره سنوات، وأقول الآن أن تلك السنوات لن تطول في ظل الخسائر الكبيرة في غزة وفي قلوب المستوطنين وجنود جيش الأحتلال ومع تزايد ضربات المقاومة، وإنا لمنتصرون.
المصدر : الجزيرة مباشر نت
تعليقات
إرسال تعليق
أترك تعليق