معصوم مرزوق يكتب : رجل الدولة ، والزعيم !


الفارق بين الزعيم الشعبوي ، ورجل الدولة ، هو مدي مقاومة ضغوط الرأي العام ، ومدي فهم الدور اللازم للقيادة والتوجيه في الإتجاه السليم .

الزعيم الشعبوي تقوده عواطفه كي يتخذ مواقف لقطات تصويرية تجلب آهات الإعجاب من الجمهور ، بغض النظر عن مدي سلامة تلك المواقف.

رجل الدولة يجتهد في العمل من خلال فريق يعكس بدائل مؤسسية ، بغض النظر عما يضيفه ذلك من أصوات في صندوق الإنتخابات .

الزعيم الشعبوي قد يحقق إختراقات غير متوقعة ، وقفزات تكتسب شعبية ، بغض النظر عن إجمالي الإخفاق الشامل المترتب علي الإستبداد والإنفراد بالرأي .

رجل الدولة قد يخفق في بعض قراراته ، نتيجة لحسابات خاطئة ، إلا أن الطبيعة المؤسسية للحكم تتيح العلاج المستمر ، والمحاسبية الواقية.

وربما يقول قائل أن الأفضل أن يجمع رأس الدولة بين الصفتين ، أي أن يكون زعيماً شعبوياً ، ورجل دولة ..

تلك الخلطة التي تبدو عبقرية ، أثبتت التجارب التاريخية أنها مجرد أوهام خيالية ، فمن الصعب أن يتخلي رجل الدولة  عن أسلوب العمل المؤسسي ، كي يتمتع بهالات الزعامة العاطفية ، وكذلك يستحيل علي الزعيم الشعبوي أن يتحلي ببعض صفات رجل دولة ، لأنه ببساطة يعتبر أنه هو نفسه الدولة ، والشعب ينقسم إما إلي مبهورين أو منافقين له ، أو مجرد خونة.

وإنتقال الشعوب من تجربة الزعيم الشعبوي ، أبو الشعب ، وصانعه الأول وكاتبه الأول .. إلخ ، إلي مرحلة رجل الدولة ، ترتبط بمدي التطور الثقافي والإقتصادي لهذه الشعوب ، فكلما ارتقت في مجالات التعليم والثقافة ، زاد إدراكها وثقتها في إمكانياتها للمشاركة الفعلية في عملية صناعة القرار ، وكلما تمتعت بالقدر المعقول من التنمية الإقتصادية ، استطاعت أن تفكر بشكل عقلي منفعي لا يتأثر بمسرحيات الزعامة الزاعقة .

لذلك ، فأن التعليم والثقافة والإقتصاد ، هي أبرز ضحايا الحكم الشعبوي الإستبدادي ، وقد قال إحدهم ذات يوم :" كلما قيل لي ثقافة أو مثقف ، تحسست مسدسي "

تعليقات