معتز منصور يكتب : جردة حساب مبدئية


منذ اليوم الأول، الموقف الرسمي الإيراني كان ولازال واضحًا: القصف سيتوقف فور توقف إسرائيل عن ضرباتها. 

إيران قدّمت نفسها في هذا الصراع باعتبارها في موقع دفاعي، راق للبعض هذا التوصيف أم لم يرق. 

لم تعلن نيتها القضاء على إسرائيل أو إسقاط نظامها.

على الجهة الأخرى، الكيان الرسمي كان أكثر وضوحًا في خطابه التصعيدي؛ هدفه المعلن هو القضاء على البرنامج النووي الإيراني والقدرات الصاروخية، بل ذهب أبعد من ذلك حين دعا نتنياهو الإيرانيين صراحةً لاستغلال الحرب لإسقاط النظام.

النتائج؟ 

إسرائيل لم تنجح في القضاء على القدرات البالستية ولا على البرنامج النووي، وإن كانت مبدئيا قد كبّدته تأخيرًا كبيرًا. 

في المقابل، انتهت الحرب بشروط إيران: وقف إطلاق النار، وسط دمار هائل داخل إسرائيل، موجات هجرة عكسية غير مسبوقة، وضحايا وخسائر اقتصادية أثقلت كاهلها.

الخسائر موجعة للطرفين، بلا شك. لكن قراءة المشهد ببرود تكشف بوضوح أن كفة اللحظة تميل لصالح إيران؛ دولة خسرت قادة ومواقع، لكنها ما زالت قادرة على تهديد إسرائيل حتى آخر دقيقة، ونظامها لا يزال قائمًا، مدعومًا بتماسك شعبي غير مسبوق. في المقابل، دولة تملك تفوقًا عسكريًا وجويًا ودعمًا أميركيًا هائلًا، لكنها لم تستطع حتى اللحظة تأكيد ما إذا كانت أقوى قنبلة خارقة للتحصينات قد أحدثت أثرًا حقيقيًا في فوردو، وتجد نفسها الآن مدفوعة لإغلاق أبواب الهجرة العكسية أمام شعبها.

الوقائع شيء، والمشاعر شيء آخر تمامًا. 

أما العربي الذي يتحسّر لأن الحرب لم تُكمل مشهد الدمار حتى آخره، أو يتخيّل أن نهاية إيران وحدها ستكون خلاصًا، فربما عليه أن ينشغل بالاستماع  اغنية موفق بهجت وابوري رايح وابوري جاي  بدل الخوض في معارك تفوق قدرته على الفهم أو التأثير.

تعليقات