"تتلخص الحكمة التقليدية وراء السياسة الخارجية الإسر.رIئ-يلية في كلمتين باللغة العبرية ein breira - لا يوجد بديل".
هكذا يبدأ الباحث موتي غولاني مقدمته لكتابه الجاد "إسرائيل تبحث عن حرب: حملة سيناء 1955-1956" كي يكشف لاحقًا بالحقائق مدى اعوجاج تلك "الحكمة التقليدية".
لاحقًا، اعترف أبو إسرائيل، ديفيد بن-غوريون في مذكراته المنشورة عام 1970 بأن حكومته قبلت أن تلعب دور "العاهرة" - على حد تعبيره - في فيلم من إنتاج بريطانيا وإخراج فرنسا لإخضاع مصر عبد الناصر أيام أزمة السويس، ولكن طبعًا مقابل ثمن،
عقب غزو لبنان 1982 قال مناحم بيغين إن تلك كانت حرب اختيار بينما اعتبر كل الحروب قبل ذلك حروب ein breira. لو كان على قيد الحياة اليوم، كيف كان له أن يبز نتنياهو في عربداته؟
لا أحد في حاجة إلى أن يكون خبيرًا به كي يدرك أن نتنياهو انزلط أصلًا من رحم أمه وهو يصرخ: "واء إيران واء واء إيران". تصريحاته أمس لا تدع مجالًا للشك: ein breira.
لكن ما يثير المفارقة هو كم المشتركات بين "عهر" 56 والعربدة التي نعيشها الآن. من أبرز هذه المشتركات:
أولًا، الدافع الأساسي وراء البحث عن حرب وقتها كان صفقة الأسلحة التشيكية التي كانت مصر قد وقعتها عام 1953 وكان المراد وأدها في مهدها. بمعايير ذلك الوقت كان هذا هو "البرنامج النووي" المصري الذي لا ينبغي أن تقوم له قائمة.
ثانيًا، الراعي الأساسي للكيان وقتها كان بريطانيا (استراتيجيًا) وفرنسا (تسليحيًا)، وقد أدرك كلاهما بحث الكيان عن حرب فقررا أن بختبآ وراء "العاهرة" مقابل ثمن متفق عليه. الراعي الحالي، أمريكا، بختبئ الآن وراء "المعربدة" فيما يبدو أنه مشدود من أنفه في لحظة زمنية متسارعة تفوق تعقيداتها مستوى إدارة كإدارة ترمب.
ثالثًا، القوة العظمى الصاعدة وقتها، أمريكا، كانت تتحين لحظتها عن كثب لاعتلاء المسرح العالمي وإعادة ترسيم المطامع الاستراتيجية في المنطقة. المقابل الحالي لهذا هو باطن الصين وخاصرة روسيا. إذا بلغت حماقة نتنياهو حدًا بعينه من حماقة أنطوني إيدن فأي شيء مرشح للحدوث.
تقديري أن هذا لن يحدث الآن، ليس لأن نتنياهو تنقصه الحماقة والغل، وإنما أساسًا لأن النظام الإيراني أثبت مرارًا وتكرارًا أن هدفه المقدس أولًا وأخيرًا هو البقاء في السلطة بأي ثمن، وهو هدف تشترك معه فيه كل الأنظمة العربية، في مقابل خصم تعتلي قمة السلطة فيه دُمى تأتي وتُطلَق أعنتها للعربدة قبل أن تنتهي صلاحيتها ويُسمح بتحميلها مسؤولية العربدة بعد جني الحصاد.
بهذا المعنى، لا يزال نتنياهو ذخرًا لكيانه ورعاته وحماته ينبغي استثماره حتى آخر قطرة قبل أن يُلقى به إلى قارعة الطريق، بينما لا تزال أنظمة المنطقة كلها عبئًا على بلادها وشعوبها، ذخرًا لأجندة أعداء البلاد والشعوب.
تعليقات
إرسال تعليق
أترك تعليق