د. أحمد السيد الصاوي يكتب : انتظروا الهجمات المرتدة


لا أتحدث هنا عن ردة فعل إيران على الهجوم الإسرائيلي الذي أعد له على مهل وبمساندة أطلسية لا تخفى إلا على إتان.

أتحدث عن هذا التكتيك الذي تم ابتكاره للتغلب بالأساس على الترسانة الروسية العامرة بمنظومات فعالة سواء للدفاع الجوي أو الصاروخي أو حتى للتصدي للمسيرات وتعطيلها بل والاستيلاء عليها.

بدا جليا أمام الخبراء العسكريين في الناتو أن ما لديهم من الصواريخ ومنظومات الدفاع الجوي لن تجدي نفعا لاسيما في مواجهة الصواريخ المجنحة والفرط صوتية الروسية ووجدوا أن الحل هو إطلاق الطائرات المسيرة الانتحارية والمبرمجة سلفا لإصابة أهداف محددة من "تحت إبط العدو" أي من حيث لا يتوقع ومن أقرب مسافة بما لا يتيح الوقت لاكتشافها والتصدي لها.

استغرق الأمر عدة أشهر من بلورة هذا التكتيك وأعتقد أن الهدف الجوهري منه أصبح لاحقا تعطيل منظومات الدفاع الجوي والصاروخي الإيرانية ابتداء ومن ثم اصطياد قاذفات الصواريخ ومنشآتها في سماء مفتوحة وما جرى في روسيا من استهداف بعض القاذفات الاستراتيجية بواسطة مسيرات جرى شحنها كأجزاء عبر الحدود الأوكرانية وتم تجميعها ووضعها في حاويات أو مرابض خفية لحين استخدامها.

تعلم دول الناتو أنه من الصعوبة بمكان توجيه ضربة استراتيجية مؤثرة للقوة العسكرية الروسية بهذا التكتيك نظرا للعمق القاري الكبير لروسيا وامتلاكها لأسلحة ردع نووية ولذا اختارت هدفا مكشوفا بدون أي تمويه حيث تنص الاتفاقات بين موسكو وواشنطون على أن تبقى القاذفات الاستراتيجية التي تستخدم في القصف بالقنابل النووية ظاهرة للرصد بالنسبة للجانبين وما جرى في الهجوم الاوكراني على بعض القاذفات الاستراتيجية في مطاراتها وعدد من الجسور وخطوط السكك الحديدية كان بمثابة "اختبار" لمدى فاعلية هذا التكتيك ولو نفذ لأول مرة في الهجوم الإسرائيلي على إيران لكانت موسكو تنبهت ومسحت كل شبر من أراضيها بما لديها من وسائل الاستطلاع وأحبطت الهجوم الاوكراني أو على الأقل استبقته بضربات مدمرة.

الخلاصة هنا أن هذا التكتيك يناسب جدا القوى العسكرية الصغيرة والمحدودة العدد والقدرات العسكرية والتقنية والتي تواجه عدوا يتفوق عليها تفوقا ساحقا بل ويناسب بشكل مذهل هؤلاء الذين يقاتلون خلف قوات العدو أو يتصدون لتوغل قواته في أراضيهم فكل ما عليهم صناعة مسيرات الكمازاكي وتعيين أهدافها وتخبئتها بأي ركن من بيت أو بين ركام خرائب ينعق فيها البوم حتى تحين لحظة استهدافها لما تم تعيينه من أهداف لها.

قدم الناتو حلا عبقريا وسهلا وقليل الكلفة للذين يكافحون القوى العسكرية الفائقة وسرعان ما ستزود الحاجة وهي أم الاختراع هذا التكتيك بتفاصيل فعالة في هجمات مرتدة خاطفة.

وانتظار الهجمات المرتدة تلك لن يطول

تعليقات