علي أبو هميلة يكتب : بن غفير يصرخ في شوارع تل أبيب "أمسك مراسلا"


لا يتردد الكيان الصهيوني في استهداف الصحفيين في كل أرض يخوض فيها معركة ويكن حالة من العداء لكل من يكشف جرائمه على الأرض التي يحتلها ويمارس فيها أبشع الجوائم الإنسانية التي عرفها العالم، لم يتوانى هذا الكيان وجيشه عن تصويب قنابله ورصاصه بأتجاه الصحفيين والمراسين الذين يعملون تحت النار في غزة ولبنان، وربما أن استطاع في اليمن الآن لفعل حتىوصل عدد الصحفيين في غزة وفي جنوب بيروت أكثر من 250 شهيدا وعشرات من أسرهم، فحالة الانتقام تمتد إلى أطفال وأسر الصحفيين حتى يجعل مهنة الصحافة والإعلام ليست خطرا على من يمارسها فقط بل لتمتد إلى أسرهم واطفالهم، كما يفعل مع عائلات القادة والمقاومين في غزة، ليضيف مزيدا من جرائم الحرب في سجله الذي لا ينتهي. 

عداء للإعلام 

مع بداية الحرب على إيران فجر الجمعة 13 يونيه الجاري لم يتوقع الاحتلال وقادته ردة فعل الجمهورية الإسلامية الإيرانية على هجومه الذي اغتال فيه أكثر من عشرة من قيادات الحرس الثوري الإيراني وعلماء المفاعل النووي في طهران، وعندما بدأت إيران في ممارسة حقها في الدفاع عن نفسها، وهاجمت الكيان الصهيوني والكثير من المواقع العسكرية وبدأ يظهر في الصحافة وعلى شاشات التليفزيون ، ووسائل التواصل الاجتماعي حجم خسائره الناتجة عن الهجمات الإيرانية خاصة في أماكن متعددة من تل أبيب وحيفا ويافا كانت كاميراتت ومراسلي القنوات والصحف العالمية متوجدون على الأرض لنقل ما يحدث. 

شعر الكيان الصهيوني وقادة حكومته اليمينية المتطرفة بخطورة ما يتم بثه على وسائل الإعلام والتواصل من أخبار وفيديوهات تنتشر بسرعة كبيرة، وكان أخطر تلك المقاطع ما يبثه المستوطنون في الأرض المحتلة خاصة ما يتعلق بالأماكن العسكرية وغيرها من الأماكن، كذلك ما يبث من الملاجيء وتحت أنقاض ما يتم تدميره الذي كشف حجم الخسائر، ومع ثاني أيام الحرب صدر منشور يجرم على المستوطنين تصوير ما يحدث على الأرض، وعقاب كل من يفعل ذلك بالسجن والغرامة. 

ربما لأول مرة في تاريخ الكيان يكشف عن وجهه الفاشي والديكتاتوري في التعامل مع مستوطنيه، فهذه المعركة مع إيران تتنقل لأول مره على الأرض المحتلة ويتأثر بها شعبه، والتي ظنها الكيان ومستوطنيه أنها أرض الأمان، الاستقرار والديمقراطية، ويذكر أن مثل هذا القرار أتخذ أثناء ضربات حزب الله والهجمات الإيرانية السابقة فيما قبل توقيع أتفاق الهدنة مع لبنان وعمليتي الوعد الصادق 1،2 الإيرانيتين، كانت الخشية في هذا وذاك ليس فقط كشف حجم الخسائر وسقوط أسطورة الجيش الصهيوني الذي يعربد في كل مكان، ولكن الخشية فقدان الثقة من جانب المستوطنين في الجيش والحكومة والكيان ذاته. 

خطر على الكيان 

كان أخطر الأخبار المصورة التي نقلت كثير مما حدث تلك الفيديوهات التي صورت حالة الرعب بين المستوطنين، وشاهدنا رجالا ورجال يهرولون في الشوارع وإلى الملاجيء وهم في حالة من الذعر التام مما أنتج أصابات بينهم، ثم شاهدنا من يخرجون إلى الشوارع بلا ملابس وهم مرعوبون، وما حدث في الملاجيء من طرد المستوطنين من الدول الفقيرة والعمال من الهنود وغيرهم مما أظهر فاشية المجتمع الصهيوني نفسه، وكانت صور المطارات واندفاع كثير من المستوطنيين للخروج من الأرض المحتلة، والتي أعقبه قرارا من وزيرة الاتصالات بمنع السفر خارج الأرض المحتلة ضربة في قلب الكيان.  

كل هذا يضرب الأسس الرئيسية في تكوين الكيان في العمق، ها هي الأرض الموعودة بالأمن والاستقرار والديمقراطية تتحول إلى أرض الخوف والرعب وعدم الأمان لهم، المستوطنون يفروون إلى بلادهم الأصلية تاريخ المكان الذي لم يصبح أمنا لهم، لدرجة اعتقاد الكثيرون أنه لو سمح للمستوطنين بالخروج فلن يبقى إلا المتطرفين منهم. 

قرارات متصاعدة

توالت القرارات فيما يخص وسائل الإعلام المعتمدة فصدر قرارا بمنع التصوير لكثير من وسائل الإعلام العالمية في أي مكان في تل أبيب، وحيفا مع توالي الخسائر الكبرى، وأصاب الجنون وزراء نتنياهو المتطرفين أمثال بن غفير، وسموتريش فصاروا يتجولون وراء كل من يقوم بالتصوير في المدن المحتلة ويقبضون عليه، ومن المواقف الطريفة أن بن غفير أمسك أحدهم أثناء التصوير ولكن أتضح بعد ذلك أنه من المسموح لهم بالعمل، لقد أصبح على كلا الوزيرين أن يتتجولا في الأرض المحتلة رافعين شعار "أمسك مراسل صحفي" 

فرضت الحكومة الإسرائيلية حالة من التعتيم التام على ما يحدث على الأرض وتركت نوافذ بسيطة جدا لا تتعرض للتفاصيل وتمرر من خلالها ما تريد تمريره لتقول للعالم ما تريد عن طريق بياناتها الرسمية أو أظهار مشاهد بعيدة للاتفجارات والتدمير الذي يحدث نتيجة الدفعات بالصواريخ والمسيرات القادمة من إيران، ورغم ذلك مررت صورا لتدمير مباني  في أماكن عسكرية، استخبارتية، ومنشأت صناعية ومراكز أبحاث مرتبطة بالصناعات العسكرية ونووية.

سحر إمامي أيقونة إعلامية جديدة

بينما كان العالم يتلقى مئات الصور من أماكن متعددة في اليوم الأول والثاني للرد الإيراني القاسي حتى الأن أصبح العدد لا يزيد عن صورا وفيديوهات قليلة، مما يمنح الجيش الإسرائيلي أفضلية بث ما يراه مناسبا لحالة التجييش العالمي ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لقد أصبح من الصعوبة لديهم أن يشكلوا عقول العالم إعلاميا كما كان يحدث من قبل، وظهرت صورتهم الحقيقية عسكريا وداخليا، كما حدث خارجيا خلال الأشهر العشرين الماضية في غزة ونتج عنه تغييرا كبيرا في الرأي العام العالمي, 

كانت الجريمة الأخرى المضافةة لسجل جرائم الحرب للكيان الصهيوني وجيشه هي مهاجمة التليفزيون الرسمي الإيراني، وبقدر الخسارة الكبيرة الواضحة على شاشة تليفزيون العالم بعد القصف إلا أن لحظة القصف كانت كاشفة جدا لحالة الإعلاميين الإيرانيين، تلك الحالة الممتدةة من غزة في استمرار الصحفيين ومراسلي الصحف في عملهم رغم تعرضهم للموت في كل لحظة.

لقد أعطت مذيعة التليفزيون الإيراني سحر إمامي درسا كبيرا ليس فقط في الثبات والقوة الصمود قبل قصف الاستوديو التي تبث منه بل وأثناء القصف نفسه، لقد كانت ثباتها أثناء القصف وفي خروجها نموذجا للمؤمنين بقضايا، وكان الأكثر صمودا هو خروجها مرة أخرى على الشاشة نفسها بعد أقل من  20 دقيقة لتتحول سحر إمامي لإلى أيقونة جديدة للمرآة التي تعمل في العمل الإعلامي بعد إيقونة الشهيدة شرين أبو عاقلة في جنين، واستشهادها على يد قناص صهيوني. 

يظل الكيان الصهيوني معاديا للإعلام والحقائق بقدر معاداته لكل ما هو عربي وإسلامي، فهم يعادون الحقيقة التي تكشفهم دائما، ولا يريدون للإعلام استخداما إلا بقدر ما يحقق مصالحهمم وينشر أكاذبيهم ودعاياتهم في محاولة لإعادة صورة الحمل الوديع وسط عالم من الوحوش التي تريد التهامهم، وكذلك في تصدير وقائع تبين أنهم القوة القادرة والغالبة على الشعوب والجيوش في المنطقة، لقد كشف الإعلام في العامين الأخيرين الوجة الحقيقي للكيان الصهيوني رغم تبني الكثير من وسائل الإعلام سرديتهم لكن أصبح الآن في ظل التقدم التكنولو جي يمكن لكل حامل جهاز تليفون كشف ما يريدون أخفاءه هم أو غيرهم. 

المصدر : الجزيرة مباشر نت 


تعليقات