أحمد مراد الجمل يكتب : حوار "تطبيعي" تافه


بدا حوار عماد الدين أديب مع المعارض الاسرائلي يائير لابيد وكأنه مجرد حوار "تطبيعي" تافه. 

الشخصية:

من هو يائير لابيد؟… وما هي أهميته في النظام ال(صهيو.ني) الراهن؟… هل يُعد من الشخصيات المؤثرة في المشهد السياسي الإسرائيلي الراهن؟!. 

تولى يائير لابيد، رئاسة الحكومة الإسرائيلية من 1 يوليو 2022 حتى 29 ديسمبر 2022، وذلك عقب استقالة نفتالي بينيت، أي إنه تولى منصب رئيس الوزراء لمدة 5 أشهر و29 يومًا، وهذا هو أكبر إنجازاته على المستوى السياسي. 

ومن 13 يونيو 2021 وحتى نهاية ديسمبر كان وزير خارجية، و تولى منصب وزير المالية في حكومة بنيامين نتنياهو (2013 – 2014)، إلا أن الحكومة تفككت بعد إقالته وإقالة وزيرة العدل تسيبي ليفني.

وهو مؤسس ورئيس حزب “هناك مستقبل” الذي أسسه عام 2012 بهدف التركيز على القضايا الاقتصادية والاجتماعية، وانتُخب لأول مرة في الكنيست التاسع عشر عام 2013، وكانت مفاجأة الانتخابات، إذ حصل حزبه على 19 مقعدًا، ليصبح ثاني أكبر حزب آنذاك.

ودخل حزبه في ائتلاف حكومي مع بنيامين نتنياهو عام 2013، لكنه لم يستمر طويلًا، حيث انتهت الحكومة في ديسمبر 2014 بسبب خلافات سياسية.

وفي انتخابات 2015، تراجع حزب "هناك مستقبل" إلى 11 مقعدًا، ليختار لابيد التوجه إلى صفوف المعارضة في حكومة نتنياهو العشرين.

من 29 ديسمبر 2022، وحتى وقتنا الراهن، فان لابيد هو والعدم سواء في النظام السياسي ال(صهيو.ني) أو بالمعنى الشعبي الدارج (لا بيحل ولا بيربط)… وبالتالي فهو ليس واحدا من الشخصيات المؤثرة في السياسة الاسرائيلية الحالية.  

المحاور:

عماد الدين أديب هو واحد من "أتخن" الصحفيين والإعلاميين "المطبعين" في مصر ، والوطن العربي، من المحيط إلى الخليج.  

هذه حقيقة من الصعب تجاهلها أو القفز عليها باي شكل من الأشكال، فهو يمتلك خبرة تمتد لأكثر من خمسين عامًا في العمل الصحفي وتقديم البرامج الحوارية التلفزيونية "التطبيعية" مع الكيان ال(صهيو.ني)، والتي توجها بلقاء مع ال(خنز.ير)، النافق أرييل شارون.  

*في هذا الحوار ظهر عماد الدين أديب بمهنيته الضعيفة وبثقافته السياسية المحدودة، فهو لا يصلح لان يكون محاورا بارعا مع شخصيات سياسية مدربة جيدا على التلاعب بالحقائق واجادة فن الَمغالطة والمناورة من عينة لابيد.

*بدا أديب في هذه المقابلة الرديئة الاعداد والاخراج وكأنه فاقد السيطرة على هذا الحوار من بدايته الي نهايته

*كان عماد الدين أديب يتحرك في اطار دائرة ضيقة جدا من الاسئلة والافكار الساذجة التي لم تكن ترقي إلى مستوي الحوار.

*كان اداؤه نمطيا وباردا، ولا يستحق الالتفات او الانصات اليه، ولم يحاول ان يفحم لابيد وان يقطع الطريق عليه وهو يسترسل في اكاذببه، وكان طوال الوقت ينظر إلى الورقة التي يقرأ منها اسئلته مما افقده القدرة على الخروج منها ليحاور ويسأل تبعا لتطور مجرى الحوار. 

 * دوافع عماد الدين أديب (محتملة):

   * السبق الصحفي: الحصول على حوار مع شخصية مثل يائير لابيد في هذا التوقيت هو "سبق صحفي" كبير لأي قناة إخبارية.

   * محاولة فهم الخصم: قد يرى عماد الدين أديب أن من واجبه كإعلامي أن يقدم للجمهور العربي فهمًا مباشرًا (وإن كان من منظور إسرائيلي) لكيفية تفكير قيادات إسرائيل، وذلك لمساعدة الجمهور على فهم المشهد المعقد.

   * إيصال رسائل مضادة (مباشرة أو غير مباشرة): أحيانًا يرى الإعلامي أن السماح للخصم بالتحدث قد يكشف تناقضاته أو يمنحه فرصة لطرح أسئلة صعبة بشكل مباشر. (لكن في هذه المقابلة، قد يرى البعض أن أديب لم يكن حادًا بما يكفي في طرح الأسئلة النقدية).

   * دور "ناقل" لرسائل معينة: قد يكون هناك تصور بأن هذا الحوار يخدم هدفًا أوسع لأطراف معينة (مثل دول التطبيع) في إرسال رسائل أو فتح قنوات اتصال غير مباشرة.

الحوار: 

‏1- قال لابيد، إن "مصر تظل الدولة الأهم في معادلة الاستقرار الإقليمي"، مشيرًا إلى أن “العلاقة مع القاهرة هي أحد أعمدة الأمن في الشرق الأوسط، رغم الاختلافات في وجهات النظر في بعض الملفات”.

…تعبيرات إنشائية يذكرها اي سياسي إسرائيلي. 

2- لابيد: "لا نثق في أي تيار سياسي يستخدم الدين للوصول إلى السلطة".

… تقريبًا تصريحات نيتانياهو والوزراء كلها تنطلق من كتب الدين اليهودي. 

3- لابيد: “موقفنا من الإخوان واضح، كما هو موقفنا من كل تنظيم مشابه لحماس، التي نرفض أن تبقى في السلطة أو أن تشارك في صياغة مستقبل غزة”.

… إذًا… ما هو موقفكم من أحمد الجولاني في سورية.  

4- "مصر شريكًا في محاربة التطرف، ونقدّر ما تقوم به من وساطات مستمرة رغم تعقيدات الملف الفلسطيني”.

… إنشاء!. 

‏5- "لا لحكم حماس في غزة"!. 

… أبو مازن يطالب بذلك. 

6- هناك “مقترحًا جزئيًا ومهمًا مطروحًا الآن على الطاولة بخصوص الرهائن”، و أن الولايات المتحدة تدفع نحو إنجازه، وأن إسرائيل وافقت عليه.

… ما الجديد؟!.

7- لابيد: ندعو الدول العربية إلى ممارسة الضغط على حركة حماس للقبول بالمقترح، معتبرًا أنه “في مصلحة سكان غزة وسكان إسرائيل والمنطقة بأكملها”.

… تفعل ماذا أكثر مما تقوم به من ضغوط. 

8- "الحرب يمكن أن تنتهي خلال 24 ساعة إذا وضعت حماس سلاحها”.

كيف؟… ولماذا بعد 24 ساعة؟. 

9- "حماس باعت المساعدات الإنسانية من أجل شراء الأسلحة”، وأن “إسرائيل تقاتل حماس لا سكان غزة”، و"لا يمكن أن يُترك مستقبل غزة بيد حماس، ولو كنت أنا رئيس الوزراء لما وقع هجوم 7 أكتوبر، وكنت سأدفع باتجاه تشكيل حكومة بديلة هناك”.

… كلها كلمات خطابية مخادعة.  

11- أن “أي اتفاق مع طهران يجب أن يستوفي خمسة شروط ضرورية: وقف تخصيب اليورانيوم… إخراج كل ما تم تخصيبه خارج إيران… تفكيك أجهزة الطرد المركزي… إنهاء وحدة الأسلحة والصواريخ الباليستية… فرض رقابة دولية غير محدودة على البرنامج النووي الإيراني.

( يظن نفسه انه ترامب) 

12- "إسرائيل دولة ذات سيادة، ونظامها القضائي مستقل”، و "نعرف كيف ندير شؤوننا كدولة”.

 كذب.  

13- "سوريا ولبنان.. بداية جديدة دون سلاح الميليشيات".

… دون حديث عن الجولان، أو الجنوب اللبناني.  

14- دولة الإمارات حجر الأساس في الاتفاقيات الإبراهيمية، وتمثل نموذجًا لمستقبل مختلف للشرق الأوسط، و"الشيخ عبد الله بن زايد هو أذكى شخص أعرفه في مجال الدبلوماسية”.

… هذا هو المطلوب ترويجه من خلال هذا الحوار.  

المحصلة:

* الحوار "تافه جدًا": من منظور البحث عن حلول عملية أو الكشف عن معلومات مفاجئة تغير المعادلة على الأرض، نعم، قد يُنظر إليه على أنه تافه بمعنى أنه لم يقدم خارطة طريق حقيقية أو حلولاً مبتكرة. 

التصريحات كانت في مجملها تعكس مواقف إسرائيلية معروفة (رفض حماس، اشتراط نزع السلاح) مع إضافة بعض اللمسات الخطابية. في ظل الكارثة الإنسانية في غزة، قد تبدو هذه التصريحات مبتذلة أو غير ذات جدوى.

 * "تطبيعي جدًا": من منظور الرافضين للتطبيع: بالطبع هو تطبيعي بامتياز. 

أي منصة إعلامية عربية تُعطى لمسؤول إسرائيلي (خاصة في أوقات الحرب) تُعتبر "تطبيعًا" يكسر حواجز الرفض ويُضفي شرعية (ولو ضمنية) على وجود الاحتلال أو على أفعاله، وهذا يساهم في غسيل الصورة الإسرائيلية أو تقديمها كطرف طبيعي في المنطقة.

وقد يرى المؤيدون أن التواصل هو جزء لا يتجزأ من الدبلوماسية، وأن فهم الطرف الآخر ضروري. 

وأن السماح بمثل هذه الحوارات لا يعني بالضرورة الموافقة على مواقف الطرف الآخر، بل هو محاولة لفهمها والتعامل معها.

أن الحوار، من حيث المضمون الجديد والمؤثر على الأرض، كان محدودًا، والرسائل التي قدمها لابيد كانت متوقعة إلى حد كبير.

في النهاية، هذه المقابلة تبرز التوتر الدائم بين متطلبات "السبق الصحفي" و"فهم الخصم" من جهة، وبين الحساسيات السياسية والأخلاقية المتعلقة بـ"التطبيع" وتقديم "منصة للعدو" من جهة أخرى في عالمنا العربي.

تعليقات