على أبو هميلة يكتب : كرسي العرش القاتل في مملكة الحرير


 يلاحق الدم والقتل والاغتيال كرسي العرش في مملكة الحرير التي رآها المخرج والمؤلف المصري الشاب بيتر ميمي مؤلفا ومخرجا والي انتهى عرضه هذا الاسبوع وعرض في عشر تليفزيونية جاءت سريعة الإيقاع مدتها لا تتخطى ال 45 دقيقة، لعنة كرسى الحكم الذي لا تتوقف الدماء من حوله وعليه من اللقطة الأولى للعمل حتى اللقطة الأخيرة، مملكة أصحت خرابا بفعل صراع الميراث على الحكم. 

الدم يملأ القصر

بدأ العمل بقتل الملك الشرعي للحكم  الجاليرى على يد شقيقه الأصغر الأمير الدهبي، والذي يطارد أبنا الملك الصغير شمس الدين، والرضيع جلال الدين، يقوم الخادم رضوان بتهريب الأميرين بينما يترك الأميرة جليلة لأن الملك لن يقتل الدهبي لن يقتل طفلة فلا خوف منها على حكمه.

يملأ الدم جنبات قصر الملك بدماء الشقيق وزوجته، هكذا كانت البداية كما كتبها بيتر ميمي المخرج والمؤلف المدلل لدي المتحدة للإنتاج المسيطرة على الإنتاج الدرامي في مصر منذ 8 سنوات، قدم ميمي خلال مسيرته الفنية القصيرة التي بدأت في 2012 أعمالا بلغ عددها 24 عملا سينمائيا وفنيا، منها 12 مؤلفا ومخرجا. 

في المشاهد الأخيرة من مملكة الدم (الحرير سابقا) يتقاتل الأشقاء الثلاثة على الحكم، الأميرة جليلة التي تزوجت أبن عمها الملك الذهبي تتأمر على قتل زوجها، وتدبر مكيدة له بعد أن حملت حملا غير شرعي، وأقنعت زوجها أنه أبنه لتلد وريا للعرش التي تعتقد بأحقيتها فيه، تفأجا جليلة بأن الوريث الشرعي شمس الدين، وولى العهد الأمير جلال الدين أحياء، فتبدأ في التأمر عليهما. 

الورثة يتقاتلون 

شمس الدين الوريث الشرعي  وجلال الدين يجدهما تجار عبيد بعد محاولة قتل الخادم رضوان وزوجته فيبعان شمس الدين ويأخد أحدهما جلال الدين يقوم بتربيته، بمرور السنوات يصبح شمس الدين جندي من جيش عبيد الملك ويقوم بإنقاذ شقيقته جليلة التي تعرف عن طريق حكيم المملكة وحامل أسرارها أنه شقيقها فتحاول التخلص منه، ثم تكتشف أن جلال الدين حيا فتحاول قتله أيضا، هكذا يكبر الأمراء فيقود كل منهم جيشا ليصل للحكم. 

جلال الدين الأمير الصغير يكتشف أنه أبن الملك الجاليري يقوم بتكوين جيش من قاطعي الطريق ويهاجم القصر، يعتقل عمه وأبنته ثم يقتلها، ويدمر جزء كبير من جيش المملكة، ويصبح الملك ويبدأ في محاولة قتل أخيه الأكبر وشقيقته التي كونت هي الإخرى جيشا يحارب ضد مملكة شقيقها، وهكذا يصبح ميراث الحكم هو ميراث الدم بين الأشقاء فكرسي العرش يقتل كل من جلس عليه، تقوم جليلة بالاستيلاء على مملكة شقيقها جلال الدين بعد قتل كل ما تبقى من جيشى المملكة وعندما تجلس على الكرسي تقتلها شقيقة قائد الجيش الذي أحبها فكرهت ضعفها أمامه وقتلته. 

بيتر ميمي 

اعتقاد بيتر ميمي خريج كلية الطب وصاحب دبلومة السينما أنه يستطيع أن يقدم أفلام ومسلسلات تليفزيونية تأليفا وإخراجا يجعله يفقد أعماله، ليس كل مخرج يستطيع كتابة الأعمال التي يقوم بإخراجها، فالكتابة عمل شاق وعدد المخرجين الذي قدموا أعملا كتابة وإخراج ضئيل جدا أهمهم كتابة داوود عبد السيد ولذا فإن أعماله لا تتعدي 12 عملا في مشوار طويل زمنيا، منها 8 أفلام كتابة وإخراج، بينما كتب المخرج الكبير صلاح أبو سيف أربعة أعمال، وكتب يوسف شاهين سلسلة السيرة الذاتية الخاصة به وهي أربعة أفلام أيضا في مشوار نصف قرن من الإبداع. 

جاء السيناريو والحوار في مملكة الحرير في أضعف الحالات الشخصيات إحادية الحالة أما شر أما خير، النص ضعيف جدا حوار أقرب للمسرح المدرسي، لا عمق في الشخصية، لا أدري ما السبب الذي يجعل بيتر ميمي الذي يتمتع بقدرات إخرجية جيدة الذهاب إلى منطقة الكتابة، فيقدم فيها نصا باهتا، ربما هناك فكرة مثل لعنة كرسي الحكم، صراع الأخوة على العرش الملعون والموصوم بالدم، ويقدم بيتر نصيحة باهتة في نهاية عمله الدرامي على لسان الملك شمس الدين الذي يدخل قصره على جثث الجيش وربما الشعب حين يضع السيف مشهرا في كرسي العرش ليقول "حتى يتذكر كل من يجلس عليه أن القتل نهايته" 

قدم بيتر ميمي أعمالا جيدة إخراجيا مثل مسلسل الحشاشين، الأب الروحي، ومن الأفلام الجيدة حرب كرموز، بيت الروبي، من أجل زيكو، الجو العام في مملكة الحرير يذكرنا بمسلسل الحشاشين وأجواءه، وتميز فيه المخرج بأختيار أماكن التصوير، استعرض جماليات الأماكن، تحريك المجاميع، والمعارك الحربية، أضاءة الأماكن وديكوراتها، واختيار فريق التمثيل، والواقع أن فرق إنتاج وإخراج ميمي وتكلفة إنتاجه تساعده كثيرا في اعماله الدرامية خاصة التاريخية، ولابد أن إشيد هنا بفيلمه المميز حرب كرموز وهو من الإفلام التي أنتجت في السنوات الأخيرة وينتاول المقاومة المصرية ضد الاحتلال الإنجليزي. 

كان من الممكن ولكن! 

أجاد فريق تمثيل مملكة الحرير في أدوراهما خاصة الكبار عمرو عبد الجليل في دور الملك الذهبي، حسن العدل حكيم المملكة وعالمها وحافظ أسرارها، محمود البزاوي رضوان خادم الملك الجاليري المخلص، وليد فواز جبل زعيم قطاع الطريق الذي يتولى تربية الأمير جلال الدين.

أبطال العمل الشباب استطاع أحمد غزي تجديد نفسه في دور الأمير جلال الدين بعيد عن شخصيته في مسلسل قهوة المحطة، أسماء أبو زيد تثبت كل فترة أنها متمكنة من أدواتها وممثلة ثقيلة، كريم محمود عبد العزيز تألق في دور الأمير شمس الدين أن كنت لازلت أرى في بعض حركاته صورة والده محمود عبد العزيز، ولكن كريم يتخلص كثيرا من أنطباع الشكل، وحركات والده، وهناك الممثلة سارة التونسية في دور ريحانة الماكرة بنت دكاكين الهوى التي تحاول أن يكون أبنها الملك عبر علاقتها بالملك الذهبي ثم الملك جلال الدين وتلد وريث محتمل للعرش. 

مملكة الحرير عملا دراميا كان من الممكن أن يكون عملا جيدا من حيث الجو الدرامي العام من خلال أدوات المخرج والممثلين لو ترك بيتر ميمي منطق السبوبة التي يتعامل بها مع المرحلة والدراما سواء سينمائيا وذهب بفكرته لمؤلف درامي جيد، او لو بحث في كتاب الرواية المصرية عن نص أدبي متميز، فهو يمتلك موهبة في إدارة الأعمال وإخراجها، لكن إصراره على الكتابة الدرامية يفقده الميزة التي يتمتع بها ويصبح العمل باهتا في النص، ولكن مملكة الحرير يقول أن الحصول على كرسي العرش طريقه الدم والخيانة، ونهايته الدم والقتل، فماذا يا ترى يريد أن يقول لنا بيتر ميمي مخرج المتحدة المدلل. 

المصدر : الجزيرة مباشر نت 

تعليقات