محمد عبد القدوس يكتب : كلام غير تقليدي عن ثورة يوليو ومفاجأة لحضرتك!


عجائب عبدالقدوس 

عندي رأي خاص في ثورة يوليو عام ١٩٥٢ ، وأعتقد أن العديد من الناس يشاركونني فيه ..

وأبدأ الموضوع من أوله ..

منذ أيام كانت الذكرى ال٧٣ لثورة يوليو ١٩٥٢ .. وهناك رأي يرى أن ما جرى حدث عظيم جداً ، والآخر يرى العكس تماماً ..

وأنصار الثورة هم وحدهم الذين لهم الحق في التعبير عن أنفسهم في الصحف وأجهزة الإعلام الرسمية ، وخصومها ممنوع عليهم ذلك.

لكن الدنيا تغيرت عن زمان ، وأمامهم حالياً مجال واسع يتمثل في مختلف مواقع التواصل الإجتماعي والفيس بوك وهي الأكثر إنتشاراً بالتأكيد من الصحف الورقية والقنوات الفضائية الرسمية ، ولفت نظري جداً "نجيب ساويرس" رجل الأعمال الشهير الذي قال عن ذكرى ٢٣ يوليو في تدوينة له بأنها اليوم الذي بدأت فيه مصر رحلة السقوط والفشل الإقتصادي وقمع الحريات ودفن الديمقراطية وإنحسار الجمال الحضاري !!

ورد عليه أنصار الثورة في عنف وقسوة تجاوزت أحياناً حدود الأدب.

ولكنني لم أتعاطف مع كلاهما !!

وأوعى تفتكر أن موقفي هذا فيه نوع من الهروب ، لكنني أميل إلى رأي ثالث لم أجده إلا إستثناء أو نادراً على "السوشيال ميديا" وهي أن الثورة لها إيجابيات وعليها سلبيات ..

إنجازات كبرى حققتها خاصة السد العالي وتأميم قناة السويس والقومية العربية والإنحياز في توجهاتها إلى الناس البسطاء والعمل على تحسين أحوالهم وإلى جانب هذه الإيجابيات العظيمة كانت هناك أخطاء شنيعة مازال بعضها يلقي بظلاله حتى اليوم خاصة الهزيمة القاسية عام ١٩٦٧ ، ومصادرة الحريات وتأميم الصحف ووضع الحراسة على آلاف الناس ومصادرة ممتلكاتهم وسحق الديمقراطية والزج بالمعارضين في السجون والقضاء على أستقلال القضاء .. وغير ذلك ..

وللأسف لم أقرأ أو أشاهد إلا استثناء أي كلام يعبر عن الرأي الثالث .. أنت يا إما مع الثورة أو ضدها ومفيش أي كلام تاني !!

والمفاجأة التي أقدمها لحضرتك بهذه المناسبة أن علاقتي وثيقة من زمان بأبنة "ناصر" الكبرى "هدى عبدالناصر" ..

والسبب إنساني ولا صلة بالسياسة .. وقد كنت من أوائل الذين تظاهروا ضد "ناصر" عام ١٩٦٨ بعد كارثة ١٩٦٧ .. لكن أبنته التي تعرفت عليها بحكم عملي كصحفي أراها محل تقدير وأحترام وتستحق تعظيم سلام ، فهي نموذج الوفاء للأب حتى لو أختلفت أنت مع والدها مليون مرة ..

وصفة الوفاء نادرة في زماننا هذا .. كان يمكن أن تشق طريقها كزعيمة للتيار الناصري وتصبح من أقوى نساء مصر وأكثرهن تأثيراً في عالم السياسة وفيها كل المؤهلات اللازمة لذلك ، لكنها أختارت الإبتعاد عن الأضواء .. وكرست حياتها كلها لجمع تراث والدها في الفترة من عام ١٩٥٢ وحتى وفاته سنة ١٩٧٠ وهي مهمة شاقة جداً وصعبة قوي وجزء أساسي من تاريخ مصر ، ونجحت في ذلك ، وقدمت بذلك أكبر خدمة لأبيها والثورة ولمصر كلها .. 

والوفاء للوالد .. والدها ووالدي رحمهما الله صفة مشتركة تجمع بيننا .. ومن هذا المنطلق نشأت صداقة حلوة بيننا ماتزال مستمرة حتى اليوم .. وهذه الصداقة التي هي أقوى من أي أعتبارات سياسية يراها البعض تدخل في دنيا العجائب .. ولا يفهمها !!

تعليقات