تضألت أحلامنا من السعي لتحرير القدس الأسيرة منذ 1948 حتى أصبح حلمنا توصل الخبز والماء إلى غزة، ويحارب العالم كله معركته الإنسانية الآن من أجل هذا، أن الأحلام تعبيرا عن واقع يعكسها ويمهد لها، ولكل حلم مقوماته على أرض الأمة سواء صغر هذا الحلم أو كبر بحجم تحرير الأسرى والأسير المقدس لدي الأمة العربية والإسلامية.
الواقع يفرض أهدافه
بقدر الواقع بقدر القدرة على العمل من أجل تحقيق المستحيل، والأن الواقع صار ضعيفا مهلهلا لدرجة العجر عن إشباع بطون الأطفال والنساء والعجائز في غزة، فصارت كل المحاولات تتلخص في التعبير عن التضامن فقط وأن هناك من يشعر بعطش هؤلاء وتشوقهم إلى كوبا من الماء، او حنينهم إلى كسرة خبز تسد رمق طفال تموت جوعا، ورجال فقدوا القدرة على الوقوف، معها الكثير من شحمهم ولحمهم فصاروا هياكل عظمية لا تقوى على الصمود فيأتيهم الموت عطشا أو جوعا.
هل نتصور أننا نحاول فقط وضع قليل من حبات القمح والأرز والذرة في زجاجات لنضعها على بعد بضع كيلو مترات من شواطيء غزة لنعلن أننا معكم نشعر بكم، ولا ندري ولا نملك أي ثقة في الوصول إليهم، وبقى الأمل في وصول الرسالة فقط، بل هل تتصور أن صورا لأطفال غزة الجوعي وتلهفهم على قليل من الغذاء أمام شوادر مؤسسة غزة الإنسانية، وقتلهم بيد الجنود الصهاينة والأمريكان أصبحت هذه الصور تظهر في مطاهرات داخل الكيان نفسه وتطالب حكومة الكيان برفع الحصار على غزة وتوصيل الماء والغذاء إلى الأطفال، نعم وتصور مه هذا أننا فرحين بما يحدث في تل أبيب من مستوطني الأرض المحتلة.
مئات من التظاهرات اليومية في كل أنحاء العالم غير العربي، وغير المسلم إلا من نذر قليل في اليمن، والمغرب، والأرض وباكستان، وضئيل جدا أما القنصلية المصرية في إسطنبول تنادي بفتح معبر رفح وتوصيل الغذاء، في ظل التيار الكبير لتطاهرات العالم بعشرات الآلاف لم يعد المطالبات إيقاف حرب الإبادة على شعب غزة، وفلسطين وهو الذي كان هدفا لعام ونصف بل أصبح المطلب الرئيسي إيصال كسرة خبز، وجرعة ماء.
المناشدات العاجزة والدعم الأمريكي
يرى الساسة والقادة في العالم والعالم العربي والإسلامي ذلك ولا يملكون إلا مناشدة برفع الحصار لهؤلاء الذين يحاصرون غزة برا وبحرا وجوا، تصرخ أغلبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بإيقاف الحرب، ورفع الحصار، السماح للقوافل الإنسانية بالوصول للجوعى والعطشي، ولا مستجيب، يصوت مجلس الأمن على الإيقاف للحرب، وبالتالي فتح المعابر وإيصال المساعدات الإنسانية ويقف حق النقض (الفتيو) الأمريكي ليمنع ذلك، ويرد الكنسيت الإسرائيلي بقرار لضم الضفة الغربية إلى أرض الاحتلال، الضفة الغربية حيث سلطة لم تتواني في دعم الاحتلال ضد المقاومة في الضفة الغربية ومخيماتها واعتقلت الكثير من المقاومين، ومع ذلك يقود اليمن الصهيوني المتطرف حملة ضم غزة، وقريبا أراضي من لبنان، وتوسع في أراضي سوريا المحتلة.
يقف الشريك الأمريكي داعما لمشروعات الكيان الصهيوني في التوسع على حساب الأرض العربية في دول الجوار الفلسطيني، ويحمل المبعوث الأمريكي لمباحثات التفاوض حماس مسؤولية فشل المفاوضات، ويترك ويتكوف مبعوث ترامي والوفد الأمريكي والصهيوني جولة المفاوضات لإيقاف الحرب، والحجة تشدد حماس، وهل توافق حماس التي تقف وحيدة في مواجهة الحرب الصهيونية الأمريكية لمدة عامين على غزة على التنازل عن 40% من أرض غزة يسيطر عليها الاحتلال في مقابل هدنة شهرين، وإطلاق سراح الأسرى، أي هوان تاريخي وأي مذلة ستلاحق المفاوض عندما تنتهي مدة الهدنة وتعود إسرائيل وأمريكا لاستكمال مهمة القضاء على غزة والمقاومة.
هل سيتوقف العدوان على غزة، الضفة، بيروت، دمشق إذا وافقت حماس على شروط نتنياهو، ترامب، ويتكوف من أجل الهدنة، ذاك ظن المتهافتين على سلام مؤقت صوري، بل ذلك انعكاس للحالة العربية أولا، الحالة الإسلامية ثانيا، ومن احساس القوة من أجل تحرير القدس، والمسجد الأقصى إلى توصيل كسرة خبز لغزة، ولن تتوقف أطماع الكيان الصهيوني في الأرض العربية من النيل إلى الفرات، وأن أجل بعض أحلامه بعض الوقت، لذا يتوازى خطوط تفاوضهم مع استهدافهم الضفة، بيروت، ودمشق لعل بعد ذلك يجيء موعد الجائزة الكبرى سيناء والقاهرة.
خسرت القوة .. خسرت كل المعارك
مشوار طويل وصل بنا إلى حال أصبحنا نستحق الشفقة من مستوطنين صهاينة فصاروا يناودون بالتوقف عن قتل الأطفال وإيصال الخبز والماء التي يعجز 400 مليون عربي، وملياري مسلم عن توصيله للأطفال، بدأ بتبديل الوضع العربي من المقاومة إلى السلام، بقذف البندقية بعيدا إلى غصن الزيتون المزيف بالحمامة البيضاء، ومن جعل قلب الأمة العربية يعلن أن حرب أكتوبر آخر الحروب والذهاب لتل أبيب من أجل السلام، وهم يدركون أنه سلام زائف.
لقد كسب الكيان بالسلام ما لم يكسبه بالحرب والنصر الذي حققه في يونيو/حزيران، لتخرج القوة الأولى والجيش الأكبر من معركة المصير لتقفد الأمة أول نقاط قوتها من أجل الحلم بتحرير القدس الذي رفعته شعارا الجيوش العربية في حرب فلسطين 1948، ورفعته مصر عبد الناصر من قبل يونيو/ حزيران 1967، وبعد الهزيمة وحتى وفاته، ولكن جاء سلب أهم نقاط القوة العربية بعد انتصار أكتوبر/ تشرين الأول.
توالى خسران مقومات القوة العربية فقد تغير الخطاب السياسي، والإعلامي، والثقافي ليتغني العرب ( بالسلام أحنا بدينا بالسلام) ولينخر السوس بداخل سنابل القمح لتبدو قوية ضخمة شكلا ولكنه كان مرضا، تتحول العراق إلى قوة لها حساباتها الإقليمية والدولية، وتجر كالأبقار إلى الذبيح فتقف الأمة لتشاهد على الهواء مباشرة تدمير العراق وبغداد ونفقد قوة إخرى، ومن العراق إلى سوريا، ومن سوريا إلى اليمن، ومنه إلى لبنان.
هكذا تتضاءل القوة ، وتتضاءل معها الاحلام وبعدما كان الشعار حرية فلسطين من النهر إلى البحر، أصبحنا حلمنا وصول كسرة خبز من النهر أو البحر، أنه أنعكاس القوة التي تهاوت بخطة صهيونية وبتكاسل وتواكل عربي وأعتقادات خاطئة، وتصورات وهمية بسلام مع من لا يعرفون سلاما قديما، وحديثا، لا مع أنبياء ولا شعوب ضعيفة وقوى متهالكة، فمن يريد السلام عليه بالقوة، ومن يريد أيصال الغذاء والماء عليه أن يقتنص حقه من فم الأسد، دامت المقاومة الفلسطينية ودام سلاحها، وسلاح كل من يساعدها ويدعهما، دام الحوثيين في اليمن، ورجال المقاومة الفلسطينية في غزة، وأنه لجهاد نصر أو استشهاد.
المصدر : الجزيرة مباشر نت
تعليقات
إرسال تعليق
أترك تعليق