علي أبو هميلة يكتب : هل يعاني نتنياهو حالة إنكار للواقع؟

 


ذهب نتنياهو إلى الولايات المتحدة الأمريكية للمرة الثانية خلال شهور قليلة منذ تولى ترامب رئاسته الثانية، ذهب وهو المطلوب دوليا بتهمة أرتكاب جرائم حرب في غزة قتل خلالها ما لايقل عن 60 ألف من أهل غزة، وإصيب مالا يقل عن 100 ألف فلسطينيا، استقبله الرئيس الأمريكي شريكه الرئيسي في جرائم قتل الأطفال، النساء، الأطباء، والإعلاميين، والفيتيات، والشيوخ والعجائز استقبال الأبطال في تحدي صارخ للقانون والمجتمع الدولي. 

المرة الثانية لزيارة رئيس وزراء الكيان الصهيوني القاتل والمحتل كانت بناءا على ترامب الذي يقع تحت ضغط وعده أنهاء الحروب في الشرق الأوسط، وبعد توقيع أتفاق الهدنة جاء الدور على غزة، وتحت ذغط داخلي صهيوني نتيجة المقاومة الكبيرة والمكلفة للمجتمع الصهيوني من قتلي، أصبحوا يتساقطون في كمائن المقاومة الباسلة في غزة يوميا، وصارت جنائز قتلاهم يومية، ولكن ما حدث في المءتمر الصحفي الذي عقده ترامب ونتنياهو كان في عالم أخر غير الواقع. 

شاهدت المؤتمر وهي من المرات القليلة التي استطيع الجلوس أمام الشاشة لمشاهد مؤتمرات لهذا الثنائي، تملكني نوع من الدهشة والتعجب كثيرا مما يقال من الطرفين، حاولت أن استوعب ما قيل، وكان خلاصة ما يحدث أن هناك انفصال تام لهما عن الواقع وما يحدث فيه.

بدا لي ترامب وهو يتحدث عن ما حدث في الحرب الإيرانية الصهيونية وكأنه في حالة أنكار لواقع ما حدث، ترامب لازال يتحدث عن تحطيم قدرات إيران النووية، وخسائر كبيرة كبدها الجيش الإسرائيلي لإيران، والتأثير الكبير للضربة الأمريكية التي استهدفت المنشأت النووية الإيرانية، تناسى ترامب أو ربما ينكر ترامب كل التقارير التي تقول أنه يهول كثيرا ما حدث من إثار لتلك الضربات الجوية واهمها تقرير المخابرات الأمريكية الذي ينفي ما يعتقده أو يتصوره ترامب عن الضربة الجوية الأمريكية، وتحدث عن ضرب القواعد الأمريكية من جانب إيران بشكل كوميدي، وكأنها متفق عليها، وتناسى أن قبوله الضربة اعتراف بقوة الخصم. 

كان حديث ترامب عن تهجير أهل غزة وقبول دول في محيط فلسطين استقبال أهل غزة غريبا في نفس الوقت التي يتساقط قتلى جيش الاحتلال عشرات من جنوده حسب أعتراف الكيان نفسه، وتمادي ترامب بتهديده المتكرر عن الجحيم الذي ينتظر غزة وحماس حال رفض الاستسلام وتسليم الأسرى.

 للمرة الثانية يتناسي ترامب البطولات في غزة والكمائن التي تلتهم وأصبحت تحرق وتدمر جنود الاحتلال، وتناسي أو ربما لا يستوعب أن مليونين من فلسطيني غزة لازالوا هنا يقاومون بعد 643 يوما من حرب الإبادة,

 ألم يشاهد ترامب الرجال والنساء الذين يوارون أبنائهم ثرى غزة ولا زالوا هناك؟، ولم يشاهد العجوز الفلسطيني الجالس جلسة القائد العظيم يحيى السنوار على حطام منزله وهو يتحدى الكيان الصهيوني وأمريكا ومن يعاونهم متمسكا بالأرض أرض الأجداد والأحفاد. 

لا يزال ترامب يتحدث عن ريفيرا غزة، أي ريفيرا تلك والأرض تخضبت بالدماء، والدماء تنبت الأبطال في كل لحظة، يتحدى ترامب الواقع حتى الواقع الأمريكي نفسه، والذي أصابه بالصدمة منذ أيام قليلة في نيويورك عندما فاز زهران ممداني بترشيح الحزب الديمقرطي وهو المعروف بتأييده لفلسطين والمقاومة الفلسطينية بل قال إنه سيقبض على نتنياهو حال زيارته المدينة.

تناسى أو ينكر ترامب أن 50% من الشباب الأمريكي يؤيد حماس، ويتناسي أيضا أن هناك تريند ضخم في العالم يجتاح الشباب تحت عنوان (الموت لجيش إسرائيل) وهو الذي بدأ بحفل لمغني الراب بوبي فيلان وأطلق جملته "الموت لجيش إسرائيل" بعدما نادى يالحرية لفلسطين، وقامت الدنيا ولم تقعد في بريطانيا وأمريكا، فإذا بالشعار يصبح على ألسنة الشباب في العالم، وعلى الجدران والملابس.

نتنياهو في صدمة 

حالة الإنكار لتأثير طوفان الأقصى لم تصب ترامب بل أمتدت للشريك القاتل بنيامين تننياهو الذي لا يزال يردد جملته المتكررة عن القضاء على المقاومة الفلسطينية (حماس) وتسليم سلاح المقاومة وخروج قادتها من غزة.

يبدو أن صدمة كمين بيت حانون المركب والتي ظهرت في صورته وهو يتلقى الخبر في واشنطن جعلته يهرب من الواقع ويحاول إنكاره، كمين بيت حانون الذي قتل فيه حسب المصادر الإسرائيلية 6 جنود، واصيب 11 أخرون منهم 2 في حالة خطرة وهو الكمين الذي تكون من ثلاث مراحل الأولى لدبابة، ثم لفرقة إنقاذ، ثم إخرى جاءت لإنقاذ الفرقة، واستطاعت المروحيات إنقاذ أخرون من الأسر، هذا القانون زاد من حالة نتنياهو النفسية وهو الذي كان قبلها بدقائق يطالب بترشيح ترامب جائزة نوبل للسلام. 

نتنياهو الذي لم يفق لعد من تأثير طوفان الأقصى وتبعاته، وما حدث في تل أبيب نتيجة القصف الإيراني وتدمير ثلثها، وتدمير مواقع عسكرية، ومراكز بحثية، مطارات، وموانيء لا يزال يتحدث عن خروج حماس، تسليم سلاحها، حتى تصبح غزة أمنة للكيان الصهيوني، ويحاول أن يقلل من خسائر الجيش الصهيوني الذي يطالب قادته بتوقيع أتفاق فوري مع حماس، حماس التي يفاوضها ترامب وتابعه نتنياهو تحت ضغظ عظيم من المقاومة الفلسطينية. 

الجيش الإسرائيلي يعلن عن انتحار 43 جنديا فيه كان الجندي الأخير قد أحرق نفسه منذ أيام، وفقد الجيش حسب أعداده (غير الموثوق فيها) مقتل 20 جنديا في يونيو/ حزيران الماضي، وفقدان 26 في الأسبوع الأول من يوليو/تموز الجاري، وفضلا عن حالات الاكتئاب التي يمر بها الآلاف من جنوده، وغيرهم من المصابين، وفي ذات الوقت لايزال نتنياهو متمسكا بأحلامه عن تحرير الأسرى بالحرب، والقضاء على حماس, 

تتوالى الصدمات على نتنياهو من خان يونس، إلى بيت حانون، ومن الشجاعية إلى رفح كمائن يومية، وجنائز يومية، وبكاء، وصراخ في كل أنحاء الأرض المحتلة من مستوطنيه، فقدان ضباط وجنود من نخبة جيشه الذي لا يقهر يوميا.

دوائر سياسية وبحثية، صحفيين وسياسيين في الكيان الصهيوني يتحدثون عن خسائر لم يشهدها الكيان منذ نشأته، أحاديث جانبية عن نهاية الكيان، وكلما توالت تلك الأحداث وزاد عدد القتلي وخسائر الأليات والدبابات أزداد معها صراخ نتنياهو، بن غقير، سموتريش وزراء اليمين المتطرف الصهيوني وتعالت صراختهم (لن نوقف الحرب) وتعمقت حالة الإنكار لدى نتنياهو وترامب، ويرد عليهم أبو عبيدة " لن تنرك الأرض، سنرسل لكم جنودكم كل يوم، وستزداد جنائزكم، وأنه لجهاد نصر أو استشهاد"

المصدر : الجزيرة مباشر نت  

تعليقات