محمد سيف الدولة يكتب : الحصار المصرى لفلسطين والحصار الامريكى لمصر 1967


تقوم السلطات المصرية في فلسطين اليوم بدور مشابه للدور الذى قامت به أمريكا ضد مصر في 1967، فلقد رفضت امريكا عام 1967 صدور قرارا من مجلس الامن ينص على الانسحاب الفوري للقوات (الإسرائيلية) من سيناء و الاراضى التى احتلتها، فى تحد سافر لميثاق الأمم المتحدة.

 واشترطت بدلا من ذلك فى القرار المشهور بالقرار 242، اعتراف مصر بحق (إسرائيل) فى الوجود مقابل  الانسحاب من سيناء.

 لم تكن امريكا وقتها هى التى اعتدت على مصر او احتلت اراضيها بشكل مباشر ولكنها هى التى اعطت الغطاء الدولى لإسرائيل للاستمرار فى احتلال أراضينا، وعدم الانسحاب منها الا بعد خضوع مصر واستسلامها. 

لم تقبل مصر عام 1967 الشروط والضغوط الامريكية واستمرت فى النضال الى ان حققت نصر 1973،  الذى سرقته منا امريكا فى الثغرة ومفاوضات فض الاشتباك الأول وفى اتفاقيات كامب ديفيد، ولكن هذا حديث  آخر.

واليوم تتخذ السلطات المصرية والعربية مع فلسطين موقفا يشابه ما فعلته أمريكا ضد مصر في 1967 : فهى تشارك فى فرض الحصار على غزة وفى حظر  السلاح عن فلسطين منذ ٢٠٠٧ وهى تعلم جيدا ان الهدف هو اخضاع المقاومة واكراهها على الاستسلام وإلقاء السلاح والاعتراف باسرائيل.

والسؤال هو: لماذا تطلب مصر من الفلسطينيين اليوم ما رفضته لنفسها عام 1967 ؟

واذا كانت مصر قد رفضت، عن حق التفريط فى كيلومتر مربع واحد من ارض الوطن فى طابا، فلماذا تضغط مع الضاغطين على الفلسطينيين لكى يتنازلوا عن 78% من فلسطين لاسرائيل ويكتفوا بالمطالبة بدولة على حدود ٦٧؟

اليس الأكرم لها ان تقف على الحياد ! نعم على الحياد، فلقد يئسنا من مطالبة السلطات المصرية بالانحياز للمقاومة ودعمها، فهذا، من شواهدنا، اصبح اليوم بعيد المنال .

فقط نقول لهم : قفوا على الحياد و لا تنحازوا للكيان الصهيونى، هذا هو اقصى ما نطالب به الآن.

 لقد طالب توفيق الحكيم فى السبعينات حين كان السادات يوقع اتفاقيات كامب ديفيد بان تقف مصر على الحياد بين العرب و(إسرائيل)، كما وقفت سويسرا على الحياد فى الحرب العالمية الثانية.

 يومها قامت الدنيا ولم تقعد، و ثار عليه وتصدى له المئات من الكتاب الوطنيين الشرفاء امثال احمد بهاء الدين ورجاء النقاش وغيرهم.

ولكننا الان نتراجع ونعود لندعوكم لتبنى دعوة الحكيم بان تقفوا على الحياد .

 لا نريد منكم دورا فى القضية الفلسطينية، فقط انسحبوا منها، لانكم بذلك ستنأون بأنفسكم عن موقع المباركة والدعم للموقف الاسرائيلى .

انتم تعترفون باسرائيل، اكتفوا بذلك، ولا ترغموا الآخرين على الاعتراف .

 انتم لن تقاتلوا (إسرائيل)، حسنا، ولكن اتركوا الشعب الفلسطينى يقاتلها.

 انتم ضحيتم كثيرا من اجل فلسطين وآن الاوان ان تنتبهوا لأنفسكم، حسنا، ولكن دعوا الآخرين يضحون من اجلها.

أنتم ترفضون دعمهم بالسلاح، حسنا، ولكن لا تطالبوهم بنزع سلاحهم .

أنتم لا تريدون توجيه النقد الى اعتداءات (إسرائيل) وإرهابها، حسنا، ولكن لا تنتقدوا المقاومة وتوصموها بالإرهاب.

 أنتم تلتزمون بالحفاظ على أمن (إسرائيل) فى سيناء، سامحكم الله، ولكن قفوا على الحياد، وحافظوا على أمن الشعب الفلسطينى أيضا وحقه فى الوجود والدفاع عن أرضه.

أيها السادة، حكام مصر وحكام العرب جميعا، ان لم تكونوا راغبين فى دعم المقاومة الفلسطينية، فعلى الاقل لا تشاركوا فى اخضاعها .

ولا تفعلوا بها، دام عزكم، ما حاولت أمريكا فعله مع مصر عام 1967 ونجحت فيه بعد حرب 1973

فكوا الحصار واستخدموا ما لديكم من أوراق قوة لاجبار (إسرائيل) على وقف العدوان وفتح المعبر وإدخال المساعدات

 ولا تكونوا عقبة أمام حق الشعب الفلسطينى فى الدفاع عن ارضه ووجوده، 

ولا تشاركوا فى كسر واخضاع ارادته، 

ولا تتحالفوا مع (اسرائيل ضد فلسطين)، 


تعليقات