قد يظن بعضهم أن تصريحات نتنياهو عن خلم إسرائيل الكبرى والممتدة عبر أراضي خمس دول عربية هي مصر ولبنان والعراق وسوريا وفلسطين تصريحات جديدة، وهي غير ذلك بالمرة فالمتابع بدقة لتصريحات رئيس وزراء العصابة الصهيونية التي تحتل فلسطين وتخوض حرب إبادة لم تشهدها البشرية في غزة يعرف أن خريطة وهم دولة إسرائيل الكبرى رفعها نتنياهو في قاعة الأمم المتحدة عند زيارته الأولى للولايات المتحدة في ولاية ترامب داعمه وساعده الأول الثانية، وعندما فعلها نتنياهو صرخنا وقلنا أن الموضوع ليس غزة وليس فلسطين الموضوع هو أطماع قيام دولة الصهاينة، تلك الدولة التي لن تقف عند حدود غزة، قلنا مرارا أن الهدف هو كل عربي على الأرض العربية، وكل مقدرات العالم الأسلامي خارج الخارطة العربية، وأن هدف الهيمنة الصهيونية لا يستثني إيران شرقا، ولا تركيا غربا أن لم يمتد أكثر ولكن!
الهروب إلى الأمام
تصريحات نتنياهو للقناة العربية ليست جديدة شاهدها السادات عند زيارته للقدس في الواقعة الشهيرة بالاعتراف المصري بالكيان والتي جرت وراءها كوارث على الأمة العربية، يراها العرب والمسلمون بجوار شعار جيش الدفاع على أذرع الضباط والجنود في جيش العصابة، إذن لم يحترع نتنياهو جديد إلا أن التصريح يصدر الأن وبلا مواربة ولا خشا كما يقول المصريون، فلماذا الأن ولماذا يتواكب هذا مع تصريحات بن غفير، وسموتريش سواء داخل زنزانة القائد الفلسطيني الأشهر مروان البرغوتي أو في لقاءات سموتريش المختلفة ماهي فكرة النصر التي يرددها قادة اليمين المتطرف في حكومة نتنياهو.
كعادته نتنياهو يقفز إلى الأمام منذ انهيار نظرية الأمن الإسرائيلي في السابع من أكتوبر 2023، وتوالت الخسائر الداخلية في صلب الكيان الصهيوني بدخول حزب الله في لبنان معركة مباشرة مع الكيان الصهيوني، ورغم التحفظ من جانب الحزب في المعركة إلا انه سبب تصدع كبير داخل الجبهة الداخلية للمجتمع الصهيوني، لينهار هذا الداخل في حرب ال12 يوما مع إيران والتي طلب نتنياهو فيها من ترامب التدخل لإيقاف الهجوم الإيراني، قد يرى البعض أن نتائج تدخل حزب الله في حرب الكيان على غزة كان مضرا بالحزب وخاصة خسائره القيادية الكبرى وبين صفوف مقاوميه وما أعقب ذلك على لبنان كدولة وما نراه من رفع شعارات سحب سلاح فصائل المقاومة وخاصة حزب الله، وربما يرى البعض بنظرية الواقعية (الوقوعية) العسكرية أن إيران خسرت كثيرا أيضا على مستوى القيادات والعلماء وما حدث في مفاعلاتها النووية ولكن يرد الآن على هؤلاء نتنياهو ووزرائه المتطرفين في حكومته.
بن غفير في زنزانة البرغوتي يصرخ!
أن أكثر من يشعر بفداحة الهزيمة الصهيونية في غزة وما حدث بعد طوفان الأقصى من أطراف العملية كاملا غزة، لبنان، إيران، واليمن يدركه تماما نتنياهو، بن غفير، سموتريش لذلك يصرخون في كل مكان"سندمركم، سناخذ غزة ولن تنتصروا" بن غفير في زنزانة الأسير المنتصر مروان البرغوتي، 25 عاما من الأسر رجل تحول من شاب في قمة حيويته وشبابه إلى رجل عجوز ولكن يحمل في داخله جذور شعب لا يستسلم، لذا لم يكن غريبا أن تكشف الصورة من هو المهزوز؟ ومن المنتصر؟ فإذا كان بن غفير ينتصر فلماذا يصرخ في إسيره أو هكذا تقول الصورة التي صدرها لنا الإعلام الصهيوني، فإذا كان بن غفير منتصر فلماذا ينهار نفسيا ويصرخ سنمحوكم؟ ولماذا لمروان وليس لأسير من حماس؟ فالقضية ليست حماس هم يدركون ذلك أنها كل فلسطيني.
أن لم تكن كل فلسطيني ما عدا الجواسيس والعملاء الذين يخدمون الصهاينة على كل أرض فلسطين، وفي كل أرض عربية فلماذا يتوعد سموتريش الضفة الغربية وهي المسالمة قياديا ويعلن أركان حكمها أنهم أعداء لحماس، ولكن سموتريش يعرف حجمهم لذلك يصرخ هو أيضا سنحتل الضفة الغربية، وسنقيم المستوطنات ستكون أرض إسرائيلية، لكن صرخاته لا تعني أنه سيحقق ذلك فهم ولمدة عامين من الحرب لم يخرجوا من غزة، عامين وكلما وعدوا شعب إسرائيل بالنصر لا يستطيعون تحقيقه، والأن يدفعون بربع مليون من جنود جيش الاحتلال على بوابات غزة، سيحتلون مدينة غزة تماما، وفي ذلك فخا لم يخرج منه الجيش الصهيوني .
هل يمضي نتنياهو إلى نهاية الكيان؟
سألت هذا السؤال منذ عام وعنونت به أحد مقالات هذه الزواية وكان المقال ردا على توسعة صهيونية لنطاقات الحرب في غزة، وربما تشابهت عدة كلمات بين المقالين، وكان نتنياهو يعد بنهاية كل أطراف المقاومة العربية بالويل والثبور، بالتدمير والنهاية، أشرت يومها أن نتنياهو لا يحتمل صمود وبسالة أبطال المقاومة ولا الشعب الفلسطيني المتجذر في أرضه، وخلصت أن تنتياهو يمضي إلى حتفه، وها هو اليوم وعلى الشاشة يمضي إلى نهاية وحتف الكيان االصهيوني نفسه، فإذا كان تنتياهو يعتقد أنه في مهمة روحية أو توراتية كما قال بنفسه، فإننا نرى أن مضيه فيما يفعل هو أيضا حتمية تاريخية، ودينية تؤكدها قصص القرآن الكريم.
لكن هل فقط يريد نتنياهو بذلك أن يؤكد رؤيته الدينية؟ ظني أن المستهدف لنتنياهو ليس الخارج العربي الذي يدرك ما هية الكيان وأهدافه منذ تصنيعه، لكن رئيس وزراء العصابة يستهدف الداخل الصهيوني المهلل، يذكرنا نتنياهو بوعود الرخاء التي يطلقها بعض الرؤساء العرب لشعوبهم عند توليهم مهام الرئاسة، فمنذ عقود كان حلم الشعب المصري مع السادات بالرخاء وبوصولنا عام 1980، وتدحرجت السنوات ويخرج علينا أحد الإعلاميين ليعد الشعب المصري برخاء عام 2075، وهكذا الحال في الكيان، نتنياهو يريد أن يقول للشعب الصهيوني "لا تنظروا لغزة ولا الخسائر التي تتكبدوها يوميا، لا تنظروا لانتحار الجنود والضباط، ولا أحتراقهم داخل آلياتهم، لكن أنتظروا وستروا، سنقيم دولة إسرائيل الكبرى سناخذ سيناء، بيروت، دمشق، بغداد، وفلسطين، وربما أجزاءا من السعودية وتركيا، سنقيم دولة عظمي، فلا تهتموا بخسائركم، أولادكم في الأسر نحن في مهمة مقدسة توراتية!
أعلن تنتياهو بوضوح أهدافة بلا مواربة، ولا يحتاج ما قاله توضيح ولا بيانات شارحة، ولم يكن رد الفعل العربي على مستو تصريحات نتنياهو، نعم هو يقفز إلى الهواء ويستهدف الداخل، لكن كان يستلزم ردا عربيا قويا، ويستلزم إدارك من لم يدرك حتى الآن أن الهدف ليس حماس، ولا سلاحها، ويدرك الجميع أيضا أن طوفان الأقصى كان خطوة استباقية قادها رجال كان الأيمان سلاحهم، وأدركوا أن لا يحك جلدك مثل ظافرك، وأنه بيدي لا بيد عمرو، فكان الطوفان هو طوق النجاة للأمة وسيدركون النصر حتما قريبا، وليتوارى المتخاذلون، والصامتون والعاجزون عن إيصال المساعدات للقوة العربية الإسلامية في خط الدفاع الأول، لكن يقينا أن غزة ستنتصر، ومن البيوت التي تمتلأ الآن بالدموع والجوع والفقر سيخرج من جديد قادة هذا الأمة في ميلادها الجديد، رغم أنف نتنياهو، ترامب، بن غفير، سموتريش، وطالما ظل الشعار النصر أو الشهادة.
المصدر : الجزيرة مباشر نت
تعليقات
إرسال تعليق
أترك تعليق