د. محمد دوير يكتب : انفتاج جديد على طريق السبعينات


مع بداية الانفتاح الاقتصادي في السبعينيات ظهرت في المجتمع المصري وخاصة في المدن الكبري بعض المهن اللي كانت وقتها غريبة شوية، زي الشباب اللي بيقف علي النواصي يسأل الناس عن رغبتهم في تغيير العملة، وزي صبيان بيوزعوا حشيش وأفيون ..وظهر أيضا مهنة المشهلاتي، وبياع الكلام .. وتاجر الشنطة..والريكلام .. وسماسرة كل شيء حتي بيع الجثث لطلبة الطب، وبيع العقارات وايجارها مفروش..وتجارة الدعارة اللي كانت محدودة الي حد ما ..

وفي السنوات الأخيرة حصل انفتاح من نوع آخر.. نتيجة انتشار السوشيال ميديا بصورة كبيرة جدا.. مع تفريغ الشركات والمصانع من العمال والموظفين لاسباب كتير منها الخصخصة.. وانحطاط الذوق العام واختلال المعايير، حتي أصبح الحصول علي المال بأي طريقة هو المنفذ الوحيد لشباب لم يجد مصنعا أو شركة يعمل بها..  وإن وجدت فهي حكر علي أصحاب الواسطة..

زي ما كان شارع الهرم هو الرمز المعبر عن مرحلة الانفتاح في السبعينيات.. كانت السوشال ميديا هي ذلك الشارع العريض الواسع المفتوح للجميع لكي يبحث عن مصدر للدخل.. وبدأت تسيطر عليه وخاصة التيك توك.. نماذج سلبية ليس لديها الاستعداد لتحمل أخطاء السياسة والاقتصاد فبحثت لنفسها عن وسيلة إنقاذ حتي لو غير شريفة.. وكانت أسهل وسيلة لهذا في بلد تنازلت عن القيم والفكر والثقافة والتعليم الحقيقي، هو اللعب بالجسد واستخدام الألفاظ الخارجة كبديل عن استخدام اليد في ادارة ماكينة انتاج في مصنع..

 وأصبح الاندفاع نحو التشوه والرخص حلبة صراع بين غالبية الرواد سواء منتجي محتوي أو مشاهدين..

وعلي طريقتنا دائما في معالجة مثل هذه الأمور، القبض علي شخص أو مجموعة أشخاص  باعتباره سولك كاف لحصار الظاهرة.. والحقيقة هذا هطل وهبل ومنطق معوج في ردع ما يحدث..فالقضية أكبر من مجموعة أشخاص توجه لهم تهم من قبيل الخروج عن الذوق العام أو استعمال ألفاظ خارجة.

 القضية أكبر من الحصار القانوني أو الجنائي، رغم ضرورتها وأهميتها، وإنما هي قضية اجتماعية بجدارة.. قضية تخص شباب فقد كل مقومات الحياة الكريمة فأختار بعضهم أن يصبح عاهرا برغبته وارادته في ظل غياب الأسرة والمدرسة والحزب والنادي والمراكز الثقافية والفنية واتحاد الطلبة..الخ، ومهما اتخذنا من اجراءات قانونية تجاه بعض الأفراد فالظاهرة لن تنحسر بدون محاصرة أسبابها وتجفيف منابعها.

وبالمناسبة لو كنا قدرنا ننجح في تجفيف منابع التطرف الديني.. هننجح في تجفيف منابع الانهيار القيمي

تعليقات