معصوم مرزوق يكتب " غزة تنتصر رغم الألم والخذلان


يعلم الله مساحة آلام النفس والبدن ، ومع ذلك ما زالت لدي المقدرة علي الإمساك بالقلم ، ومعانقة الأحداث .

منذ بداية الحرب في غزة ، كتبت وقلت في أكثر من لقاء تليفزيوني ، أنني 

أحمد الله ، فقد تحققت النظرية التي اعتنقتها لأكثر من أربعين عاما :

" تكسب إسرائيل في توازن الردع ، وتخسر في توازن الرعب " .

نتيجة للتسليح الحديث الذي توفره أمريكا لإسرائيل ، يستطيع الجيش الإسرائيلي إحراز نتائج جيدة في أي معركة ضد جيش نظامي ، فهو يملك افضل المقاتلات ، وأكثر المدرعات تدريعا وقدرة علي المناورة ، فضلا عن انواع قاتلة من الذخائر بعضها محرم الإستخدام دوليا .

لذا فأنه في مواجهة جيش مثل ذلك ،  يكون إستخدام أساليب حرب العصابات هو الانجع ، والذي يمكنه إحداث خسائر مؤلمة في صفوف الجيش النظامي ، وهو ما بينته في دراستي عن نظرية " توازن الرعب " ، ودللت علي ذلك بالمعارك التي خاضتها فيتنام ضد كل من فرنسا وأمريكا ، وانتصرت في الحرب ، ولو كان ذلك بأثمان فادحة في صفوف المجتمع المدني. 

توازن الرعب هو آداة الجيوش الفقيرة في مواجهة جيوش الأغنياء، فالفقير يستطيع دائما الإختباء في مكان غير متوقع كي يقذف السيارة المدرعة للغني ولو بحجر، ثم يختفي . 

الجيوش تتحرك كأفيال ضخمة عمياء ، بينما يتقافز حولها المقاومون في حرب العصابات بخفة الذئاب الجائعة ينهشون من كل جانب ، بحيث تتحول تلك الفيلة في النهاية  إلي أبدان خائرة هائجة .

شيئ من ذلك يحدث الآن في غزة .

وهذا هو ما فعلته غزة في الضمير العالمي .. من يلوم السابع من أكتوبر لا يعرف أهمية المقاومة لمن يعاني من الظلم والقهر . 

رغم كل عذابنا أمام مشاهد المذابح التي يرتكبها السفاحون الصهاينة ، فأن فقه التاريخ يعلمنا أن كل الشعوب التي قدمت الشهداء علي طريق الحرية مثل الجزائر وفييتنام ومصر ...وصلت إلي لحظة الإنتصار ، مهما طال الطريق .

حتي في آخر الدنيا ، استراليا ، تنتصر المقاومة  الفلسطينية ، وشعب غزة البطل المحاصر ، ومثلما انكسر النازي أمام المقاومة الباسلة لشعب مدينة ستالينجراد ، سوف ينكسر الصهيوني المتعجرف .. أنه لم يفقد فقط معركة الصورة علي أهميتها ، وإنما فقد أحد أهم أسباب وجوده ، لقد فقد توازن الردع ، ولم يبق أمامه سوي توازن الرعب الذي يخسره بمقتل كل جندي من عصابته ، وبتدمير كل آليه ، وبإنتشار حالات الإنتحار واليأس بين صفوفه .

وإلي المحبطين في صفوف المتخاذلين ، أقول لهم :" لا نطالبكم أن يكون لكم ثقة وإيمان شعب استراليا ، وشعوب أغلب العالم الآن .. نطالبكم فقط أن تصمتوا ..أن تواروا عاركم بالصمت .. فقد وصم التاريخ أمثالكم وأشباهكم ، ولسوف تنتصر فلسطين ، وما خريف 2027 ببعيد ".

لا زالت بين الأصابع المرتجفة فسيلة ، وسوف نغرسها ، وسوف تكون في مستقبل قريب غابات من أشجار الزيتون علي كل تلال ووديان فلسطين الحبيبة

تعليقات