تظل الدولة عاجزة عن التقدم طالما ظلت مقدرات الوطن في أيدي الرأسماليين والأجانب وقد خاضت الجمهورية التركية الوليدة في 1923 مع الدولة التي احتلتها في آبان الحرب العالمية الأولى للاستقلال حتى تم ذلك في هذا العام ولكن معركة الاستقلال الحقيقية لم تنتهي إلأ في عام 1939 بتأميم الشركات الكبرى ومقدرات الدولة وهي المعركة التي استمرت أربع سنوات قبل هذا التاريخ، ورغم أن أتفاقية الاستقلال تتضمنت عدم البحث والتنقيب عن الطاقة لمدة مائة عام إلا أن مناحم التعدين وخاصة الفحم كانت معركة كبيرة بين الحمهورية الوليدة وبقايا الاستعمار.
حول تأميم مناجم الفحم تدرو أحداث العمل الدرامي "أرض غير مشروعة" المعروف في الأوساط العربية والتركية بأسم "حب غير مشروع" إنتاج 2021 وقام ببطولته في ذلك الوقت الممثل التركي أوغور جونيش الذي شاهدناه في المسلسل الأكثر شعبية بين المسلسلات التركية "أرطغول" وكان بطل مسلسل "فاتح القدس" صلاح الدين العام الماضي، ومعه الممثلة التركية إسراء بيلجيتش والتي كان ميلادها أيضا في مسلسل أرطغول في دور حليمة زوجة أرطغول والأم الوالدة للمؤسس عثمان التي تنسب إليه الدولة العثمانية.
تدور أحداث دراما أرض غير مشروعه في أحد الولايات حيث الصراع بين أصحاب مناجم الفحم والعمال فيه وتحدث واقعة انهيار جزء من المنجم ويحاول داوود أحد العمال إنقاذ العمال ولكن يتأمر رئيس العمال مع صاحب المنجم ومحامية على العمال ليقتل تسعة عمال من المنجم ويتهرب صاحب المنجم من المسؤولية بل يسعى لأحضار عمال أخرين من الذين يتقاضون فتات القروش ويذهب إلى إخراج عائلات العمال الثمانية من منازلهم فقد أصبحوا غير مفيدين له في زيادة مكاسبه، ويتصدي داوود وأخويه الذين فقدوا أباهم في الحادث، وتنشأ علاقة بين دوواد وأبنة صاحب المنجم جولفام.
استغلال رجال الأعمال
رجل الأعمال صاحب المنجم مالك باشا زاد هو مالك الأرض المنجم وكل ما حولها يعيش مع بناته الثلاثة في قصر منيف، ولا يعطي عماله حقوقهم بل يستغلهم حتى الموت، لا يقوم بإصلاحات المنجم الذي يمثل خطرا على عماله بل وثروته فانهيار المنجم ينتج عنه تعطله وأيضا التقليل من ناتجه ولكنه مع ذلك لا يهتم.
بجوار مالك محامي طامع في ثروته وبنته الكبرى يساعده في استغلال العمال حتى الموت، مالك نموذج لرجل الأعمال الجشع الذي ات يتوانى عن أرتكاب الجرائم من أجل زيادة ثروته، وفي نفس الوقت يرتكب جريمة ويساعده قاطع طريق في أخفاء الجريمة، ويستغل قاطع الطريق ذلك في إبتزازه وبمساعدة محاميه يتم سرقة مبلغ كبير من مالك يتقاسماه المحامي وقاطع الطريق.
الوضع المالي لمالك يجعله يعرض أبنته جولفام على أحد أصحاب المناجم الأخرى "علي جليلك" وعلى رجل أعمال جشع أيضا أبن لعاهرة ورجل أعمال سكير، لديه أعمال خفية تظهر مع الأيام أنه على علاقة برجال أعمال فرنسيين يريدون الاستيلاء على كل مناجم الفحم في تركيا لصالح فرنسا، وهنا يطهر دور رجال أعمال أتراك ودور السفارة والقنصلية الفرنسية في مساعدة رجال الأعمال الفرنسيين في الاستيلاء على مصدر الطاقة الأول في البلاد.
رجال الأعمال أمثال مالك باشا زاده (لاحظ الاسم) وعلي غليلك الموجودون في الولاية التركية لا يهمهم سوى المكاسب ولو على حساب الدولة، وارتكاب كل الجرائم من قتل وتخريب، مالك يتردد في بيع المنجم للفرنسيين فيتخلص منه علي الذي يتعاون مع رجال الأعمال الفرنسيين و يعتبر أحد رجالهم، وتبدأ معركة لتخريب المنجم بعد مقتل مالك حتى يحصل عليه بأقل الأثمان، وتلقى كل التهم على دوواد الذي يحمي المنجم والعمال والأهالي .
ثلاث أعمال درامية
الفترة التاريخية الممتدة من 1920 حتي نهاية الألفية الثانية شاهدتها في ثلاثة أعمال تناولت تلك الفترة من بداية حرب الاستقلال وحتى منتصف التسعينات وتولي نجم الدين أربكان المؤسس الجديد للدولة التركية، والأعمال الثلاثة كانت في مجملها صراع تداخل فيه رجال الأعمال ورجال الدول الأجنبية وبعض الموظفين في دوائر الدولة الفاسدين في طرف، وأبناء الوطن المخلصين في طرف أخر.
هذه الأعمال هي عزيز ويتناول المعركة الأخير في استكمال استقلال تركيا مع الأحتلال الفرنسي وهي معركة هاطاي، وأنتج في نفس عام "أرض غير مشروعة" والمسلسل الثالث إنتاج 2025 بعنوان "كان يا ما كان في إسطنبول" وعرض الموسم الدرامي الماضي ويتناول فترة بداية التسعينات في القرن الماضي وصراع من أجل إعادة تأسيس الدولة وهي الفترة التي شهدت التمهيد لنجم الدين أربكان للوصول للحكم وهي الفترة المؤسسة لتولي العدالة والتنمية الحكم بقيادة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
رغم تفاؤلي بالعمل وكنت أتوقع استمراره طويلا إلا أن الجمهور كان له رأي أخر فلم يستكمل العمل موسمه الأول أول استكمله بصعوبة وهو نفس مصير العملين الأخريين "عزيز" و"حب غير مشروع" فلم تستكمل الأعمال الثلاثة إلا موسما واحدا.
صراع المخابرات التركية والفرنسيين
دوواد شاب تركي شارك في حرب الاستقلال التركية التي امتدت خمس سنوات له علاقات مع رجال الجيش التركي ورجال الاستخبارات التركية، وعندما يصل رجال المخابرات إلى الولاية الموجود فيها منجم مالك باشا زاده للفحم يكون دوواد الرجل الأكثر ثقة لرجال الاستخبارات التركية في معركة الحفاظ على مناجم الفحم والتعدين في تركيا.
يبدأ صراع كبير بين الأتراك ورجال الأعمال الفرنسيين الذي يدعمهم رجال المخابرات الفرنسية المتوجدين في القنصلية والسفارة الفرنسية، وأيضا الدبلومسيين والعمل يشير هنا إلى أهمية وضع الدبلومسيون في السفارات والقنصليات المعادية تحت عين رجال الأمن والدولة، ولا يتواني الفرنسيون باستخدام بعض أبناء الوطن الطامعين في الأموال أو المناصب للإغداق عليهم بها.
هذا في مقابل مساعدتهم لاستغلالهم في تحقيق أغراضهم في الأستيلاء على مقدرات الدولة واستغلالها، وفي سبيل الدفاع عن الوطن وثرواته يسقط بعض رجال المخابرات شهداء، وأيضا بعض رجال الشرطة، لكن المعركة لا تنتهي بسقوطهم بل يستمر أخرين يفعلون اللازم من أجل استقلال الأوطان والحفاظ على ثروته لأبناءه الذين يكدحون دون أن يكون لهم غرض سوى العيش بأمان في الوطن، ولكن يظل هناك طامعون في الخارج للسيطرة على الأوطان وثرواتها، وفي الدخل الضعفاء والخانعين وأصحاب النفوس الوضيعة أخلاقا وقيما.
المصدر الجزيرة مباشر نت
تعليقات
إرسال تعليق
أترك تعليق