عمرو صابح يكتب : قراءة في كتاب "وعليكم السلام"


الأستاذ محمود عوض (1942-2009) يُعَدّ واحدًا من أبرز الكُتّاب في تاريخ مصر. أسلوبه في الكتابة يجمع بين ملامح أساليب محمد التابعي، ومحمد حسنين هيكل، ومصطفى أمين في آنٍ واحد. وقد تميّزت أعماله بالتنوّع بين الأدب والسياسة والتاريخ والفن والمجتمع.

ويُعَدّ كتابه «وعليكم السلام.. مصر وإسرائيل والعرب: الجذور والمستقبل» واحدًا من أهم المؤلفات التي تناولت الصراع العربي الإسرائيلي، ولا نظير له في مجاله.

محمود عوض يوظف السرد الصحفي، الوثائق، والمذكرات السياسية، لكي يقدم للقارئ جذور فكرة زرع إسرائيل في قلب العالم العربي ،والقوى الداخلية والخارجية التي جعلت من الحلم الصهيوني حقيقة على أرض فلسطين.

جوهر الكتاب هو المقارنة بين: 

"السلام الإسرائيلي": الذي يهدف لترسيخ شرعية إسرائيل وتأمين حدودها وإلغاء أي تهديد وجودي لها.

"السلام العربي": الذي يُفترض أن يقوم على استعادة الأرض والحقوق وضمان العدالة للشعب الفلسطيني.

يبدأ محمود عوض من ما قبل قيام إسرائيل، ويتتبع كيف كانت هناك دائمًا محاولات مبكرة لعزل مصر عن الصراع (حتى قبل ثورة 1952).

يربط بين مشروع الاستعمار الأوروبي في المنطقة وبين نشأة الكيان الصهيوني.

يخصص مساحة كبيرة لتحليل مسار مصر السياسي من عبد الناصر إلى السادات.

يرى أن عبد الناصر مثّل مشروع المقاومة والمواجهة، بينما السادات فتح الباب لأول سلام منفرد مع إسرائيل.

يقدم نقدًا لاذعًا لمعاهدة كامب ديفيد باعتبارها صفقة خاسرة، خرجت منها مصر من معركة الصراع كطرف معزول.

يعرض كيف أن التنازلات العربية المتتالية أعطت إسرائيل الوقت الكافي لتوسيع مشروعها.

يتساءل: هل يمكن تحقيق "سلام حقيقي" دون إعادة تعريف موازين القوى؟

السادات يظهر عنده باعتباره الرجل الذي غيّر مسار مصر من قوة إقليميةكبرى إلى بلد محبوس داخل حدوده ومكبل ببنود السلام مع إسرائيل .

كيسنجر يظهر كـ "العقل المدبر" لسلام يخدم أمريكا وإسرائيل لا العرب.

مصر خُدعت بالسلام المنفرد لأن إسرائيل لم تتنازل فعليًا عن شيء استراتيجي، بينما خرجت مصر من الصراع.

العرب بلا مشروع واضح: غياب الرؤية الجماعية هو ما جعل إسرائيل تنتصر في ميدان السياسة بعد أن تلقت هزائم عسكرية (حرب الاستنزاف وحرب 1973).

السلام المفروض = استسلام مؤجل.

يكرر المؤلف فكرة أن قبول السلام على شروط إسرائيل يعني القبول التدريجي بالأمر الواقع.

يكشف عن وعي مبكر بخطورة الانتقال من سلام الضرورة (وقف الحرب) إلى سلام الاستسلام (قبول الهيمنة الإسرائيلية).

الكتاب هو وثيقة سياسية – تاريخية ضد فكرة التسوية المنفردة التي قزمت الدور السياسي المصري في العالم العربي.

يؤكد الكاتب أن الكرامة الوطنية لا يمكن أن تُشترى بالمعاهدات، بل تُبنى بمشروع قومي متكام

تعليقات