محمد حماد يكتب ; كيف نقرأ هذه الصورة؟


في زمنٍ مضطرب، تتنازع فيه المصالح، وتُعاد فيه صياغة عالم جديد، وتُؤسس فيه مفاهيم بديلة للقوة والشرعية، تظهر صورة واحدة لتختصر هذا التحول.

أربعة زعماء عالميين في قلب بكين: شي جين بينغ، فلاديمير بوتين، كيم جونغ أون، ومسعود بزشكيان. 

الصورة ليست مجرد لحظة بروتوكولية، بل مشهد تأسيسي لتحول عالمي، يحمل دلالات رمزية تتجاوز الحدث إلى ما يشبه البيان السياسي البصري.

تموضع الرئيس الصيني في مركز الصورة، بزيه الرمادي الماوي، ليس تفصيلًا عابرًا. إنه إعلان رمزي بأن الصين لم تعد مجرد قوة اقتصادية، بل مركزًا قياديًا يعيد تعريف النظام العالمي.

 شي لا يقف في المنتصف فقط، بل يتوسط وضعية جديدة تكرس  للصين  مكانتها ومركيزتها في مواجهة الهيمنة الغربية، عبر بناء شراكات استراتيجية وتوسيع نفوذها في آسيا وخارجها.

على يمين ويسار شي، يقف بوتين وكيم، كأنهما جناحا الردع النووي لهذا التحالف. 

بوتين، المنخرط في حرب أوكرانيا، وكيم، المعزول دوليًا، لا يظهران كأطراف ضعيفة، بل كقوى تملك أدوات الردع، وتحظى بدعم رمزي من الصين. 

وجودهما إلى جانب شي هو تكريس لتحالف لا يقوم على التبعية، بل على تقاطع المصالح في مواجهة الضغوط الغربية.

وراء بوتين، يظهر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، ليس بعيدًا ولا هامشيًا، بل واضحًا في الصورة، كصوت جديد ينضم إلى هذا الاصطفاف. لقاءه مع شي على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون، وتأكيد الصين على دعم حق إيران في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، يضع إيران في قلب هذا التحالف، كطرف يسعى لتثبيت حضوره في نظام عالمي متعدد الأقطاب.

الصورة تُقرأ كما يُقرأ المشهد السياسي:

- الإيقاع: في تناغم الأزياء الرسمية، والوقفة المتزنة، والوجوه الصارمة.

- الترتيب: حيث المركز يُمنح لمن يقود، والأطراف لمن يملك أدوات الردع، والخلفية لمن يطرق الباب.

 المشهد لا يطلب الاعتراف، بل يفرض نفسه كواقع جديد، كأنما يقول: نحن هنا، ولسنا بحاجة إلى تصاريح من أحد.

هذا الاصطفاف الرباعي هو إعلان رمزي عن نهاية مرحلة وبداية أخرى:

- نهاية الأحادية القطبية: حيث لم يحضر أي زعيم غربي، في مشهد يعكس القطيعة الرمزية.

- بداية التعددية الشرقية: حيث يجتمع خصوم واشنطن على منصة واحدة، في لحظة توحيد سرديات المقاومة، من روسيا إلى كوريا الشمالية، ومن الصين إلى إيران.

الصورة ليست مجرد توثيق لحظة، بل إعلان عن تحول في موازين القوى. مشهد لا يُقرأ فقط من زاوية العلاقات الدولية، بل من زاوية ترتيب الأدوار، وتوزيع 

تعليقات