قريت 3 مقالات متزامنة تقريبا تنفي وجود أو حتى احتمال نشوب حرب عالمية، وتصل المقالات الثلاثة إلى حد وصفها بالخيالات، وكأن سباق التسلح الرهيب، والمناورات المكلفة جدا، والتحالفات الأمنية والعسكرية، والحرب الأوكرانية، وحروب الكيان، ودفع تايوان نحو الحرب، وتجهيز تركيا ودول أخرى لتكون أدوات لحروب قادمة مجرد خيالات أو استعراضات – الغريب أنهم يرون أن الكلام عن حرب عالمية مصدرها أشخاص جهلة، وكأنهم يحتكرون العبقرية الإستراتيجية.
صحيح أن الحرب العالمية الجديدة لها أدوات مختلفة، نتيجة التطور الهائل في قدرات التدمير، التي لن تجعل طرفا يمكن أن يفوز بالضربة القاضية، لكن ذلك لا يعني أن ما يدور من صراعات مجرد أوهام أو تنظيرات فارغة حسب إدعائهم – إن الغرب يجد ربما لأول مرة أنه يفقد هيمنة استمرت لقرون.
كانت الهيمنة تتنقل من مركز استعماري غربي إلى مركز غربي آخر، من أسبانيا والبرتغال إلى فرنسا وبريطانيا، ثم إلى أمريكا ومعها الإتحاد الأوروبي، لكنها تدرك الآن أن مركز القوة ينتقل خارج أوروبا، لهذا فإن قادة أوروبا وأمريكا تعلن صراحة أنها أمام حرب وجودية، ورغم ما تمر بهم دولهم من أزمات إقتصادية حادة.
فإنهم ينفقون أكثر من أي وقت مضى على التسلح، ويقتطعون من صناديق المعاشات والإعانات الإجتماعية والصحية ويقترضون من البنوك وعبر السندات ما يفوق إجمالي ناتجهم السنوي من أجل الأسلحة والمناورات، واستخدموا الثورات الملونة والإنقلابات والإغتيالات، لكن الغرب لم ينجح في وقف تقدم بلدان الشرق والجنوب التي تخرج عن الهيمنة الإستعمارية، ولهذا يواصلون السعي من أجل وقف تقدم تلك البلدان التي كانت مستعمرات.
حتى أن أمريكا التي كانت تحظر تسلح ألمانيا واليابان لماضيهما في الحرب العالمية الثانية، تضغط عليهما حاليا لزيادة قدرات التسلح وعدد جيوشهم.
بل وجدنا ترامب يتحدث عن عودة الإستعمار القديم المبتشر باحتلال دول، منها كندا وبنما، لأن الإستعمار الجديد "عن بعد" من خلال احتكار أدوات إقتصادية وعسكرية يكاد يتلاشى ويفقد فعاليته.
لكن الغرب الإستعماري لم يعد قادرا حتى على كسب سباق تسلح في ظل أزماته الإقتصادية والسياسية، وما توحش الكيان إلا لإدراك أن منتجيه وداعميه يتراجعون، ولم يعد بمقدورهم الدفاع عن بقاء الكيان، لهذا يسعى إلى ترسيخ موازين قوى ربما أبقت عليه حتى لو تراجعت القوة الغربية المنشأة له. إن إنكار الصراع الدولي بحروبه ذات الأشكال المتنوعة ليست إلا عدم تقدير أو إنكار لما لا يمكن إنكاره«
فما المغزى من الإنكار؟ هل هو عدم فهم أو تقدير؟ أم أن الإنكار يتسق مع مفهوم أن الغرب ليس استعماريا، أو أنه لا يتعرض لتهديدات وجودية وأنه باق وقوي مثلما قد يتصور بعض المتحولين "فكريا"، والمدافعين عن الغرب الإستعماري، أو سوء تقدير أو نقص معلومات أو تمسك بآراء يثبت أنها تتهاوى؟
تعليقات
إرسال تعليق
أترك تعليق