علي أبو هميلة يكتب : لنا البيانات ولهم مصانع الأسلحة والقذائف


إني لأفتح عيني حين أفتحها .. على كثير ولكن لاأرى أحدا 

هذا التعبير المبدع للشاعر العباسي دعبل الخزاعي هو الأمثل حينما تتأمل حال الأمة العربية والإسلامية فيما يمر بها من مخاطر جسام "زحام وأبواق طريق مزعجة" كما يقول الشاعر المصري صلاح جاهين في إحدى رباعياته.

بيانات بيانات 

 هكذا الحال بينما نتأمل ردود الفعل العربية والعالمية على ما يحدث في غزة منذ عامين وما حدث مؤخرا في الدوحة من استهداف الوفد الفلسطيني المجتمع ليناقش مبادرة ترامب للاتفاق على وقف إطلاق النار وتوقيعه مع الكيان الصهيوني. 

ما أن انتهت الغارة الصهيونية على الدوحة وأسفرت عن استشهاد خمسة من معاوني القيادة الفلسطينية وشرطي قطري حتى صدرت البيانات من كل العالم بما فيها البيت الأبيض الأمريكي الشريك والراعي الرئيسي في حرب الأبادة على غزة، وفي ضرباته من لبنان لإيران لسوريا واليمن، ومن الضفة إلى الدوحة، وإن كان ترامب أعلن أنه فوجيء بالضربة على قطر وانتهاك سيادتها وهو صاحبة الشراكة الأمنية الضخمة مع الولايات المتحدة، إلا ان هذا لا يمكن توقعه عقليا ولكن ترامب نفي، وهذا يكفي العرب والمسلمين دائما. 

تراث بلاغي متجذر

لابد أن الغرب الأوروبي والأمريكي قد أدركوا التراث العربي في البلاغة ومقارعات الشعر في سوق عكاظن والتنافس في بلاط الأمراء والملوك على جوائز الأبداع الشعري في المدح والهجاءأ فأصاب الغرب الهدف دائما، فالعرب تكفيهم البيانات الشديدة والإدانات العنيفة لكل جرائم الكيان الصهيوني، ولابد من اجتماع الأمم المتحدة بكل أعضائها ولمدة ساعات على كل مندوبي العالم أن يشبعوا عقول وإذان الشعوب والقادة العرب بكلمات عنيفة وشديدة ضد الاحتلال وجرائمه وانتهاكه، وتشبع العرب ولكنها لا تمر بجوار الأذان الصهيونية الصماء. 

وهكذا تخرج الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية كبيرة تدين إسرائيل والعدوان وانتهاك سيادة حمس دول عربية وإسلامية، وتطالب بدولة فلسطينية في إطار حل الدولتين المزعوم فقط في القاعات ولا يعترف به الكيان، ولا رئيس وزراء عصابته نتنياهو، بل يمضي نتنياهو في زعمه أن الوقت قد حان لقيام دولة إسرائيل الكبرى،  ويمضي نتنياهو في أسقاط الآلاف من أطنان القذائف على ما تبقى من بقايا غزة، وما تبقى من شعبها. 

رغم الإدانة الكيان يستمر 

48 ساعة بعد ضرب الدوحة وأثناء اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، والزعم باجتماع مجلس الأمن، ولم يتوقف القصف الصهيوني على غزة، حجيم هنا وكلمات رنانة هناك، ولكن لا أحد في العالم يقول لنتنياهو "توقف" لا أحد في العالم يمنع سفن وطائرات السلاح من الإقلاع إلى الأرض المحتلة، لا ميناء في العالم يتوقف عن إمداد الكيان بما يحتاجه من طاقة، غذا، سلاح، كل التعاملات التجارية وخطوط التوصيل برا وبجرا وجوا لا تزال تعمل وبكفاءة، بل الأدهي أنشاء طرق ومسارات جديدة بعد طوفان الأقصى، وبدء حرب إبادة الشعب الفلسطيني. 

بعد ضربة الدوحة وانتهاك سيادة واستقلال قطر نتنياهو يعلن "لا أحد في المنطقة يستطيع إيقافنا" ولا ترامب ولا غيره يقول له ماذا تقول، بل الحال في العالم يقول "أمض في طريقا ولا تبقي على حجر ولا بشر في تلك المنطقة. 

اتفاق بين العالم والكيان 

كأنه اتفاق ضمني بين العالم كله والعصابة الصهيونية مقتضاه نحن نعرف داء العرب ودوائه، سنملأ الدنيا بيانات شجب وإدانة لأفعالكم ونجعل الأصدقاء والعملاء في كل العالم يصرخون منددون بجرائمكم، ولكن لا تعطوهم بالا، فهذا يكفي الأمة المذبوجة سيملأون شاشاتهم بما نقول،ويسودون صحفهم بالأجتماع الكذا والدول الكذا التي تعترف، والأعتراف المتوقع من دول كذا، سيفرحون ويهللون، ولكنكم عليكم الاستمرار في ضرب غزة، سوريا، لبنان اليمن، بينما نحن جالسون في مقاعد ما يمسى بالأمم المتحدة. 

أترك العرب يجتمون في أروقة الجامعة العربية، وقمة عربية استثنائية، وإسلامية طارئة، دعوهم يصرخون ويشجبون وينددون، وينادون العالم بخطوات تجاة العربدة الصهيونية والقتل الجماعي النازي المتوحش، دعوا رؤسائهم، ووزراء خارجيتهم يخرجون ويصرحون ويعلنون، وأتركوا ساستهم، ومنظماتهم وهيئاتهم يطالبون القادة والدول المنظمات الدولية بإتخاذ مواقف ضد إسرائيل، ولكن أمضوا إلى تدميرهم وأحلامكم فيهم بلا توقف. 

الأسلحة والقذائف لإسرائيل 

مصانع الأسلحة والمختبرات العلمية لا تتوقف عن تصنيع أسلحة جديدة تجرى تجاربها في الأرض العربية والأسلامية بأمداد غربي وتوصيل أحيانا عربي إلى الكيان ليستخدمها في إبادة العرب، فقد حسم الموقف العالمي، الشجب والإدانة للعرب وبيانات الصراخ، والأسلحة، والقنابل والمساعدات للكيان الصهيوني، أما المساعدات لأطفال غزة ونسائها وشيوخها فلتفسد على بوابات العبور في رفح وغيرها. 

لم تتوقف التجارة مع الكيان الصهيوني يوما منذ بدء العدوان عالميا، عربيا، إسلاميا، لم تقف سفينة تجارية في ميناء ولم تتعطل، بل أنجزنا لهم طرقا برية تمر بأرض عربية، فماذا نتنظر من اجتماع في الأمم المتحدة، مجلس الأمن، اجتماع قمة عربية إسلامية في الدوحة، بحق ماذا نتنظر ونحن نقترب من أكتمال العام الثاني من المذبحة والأعتداء وانتهاك السيادات في كل انحاء المنطقة؟ 

المقاومة هي الحل 

أن أمة بلا قوة لا يجسب حسابها في موازين العالم الجديد (ولا القديم) أمة لا نتنج سلاحها تظل مرهونة لأعدائها مهما قدموا من خدمات وهدايا، وتنازلات، أمة لا تشعر شعوبها بالحرية والقدرة على الحركة لتشارك في صد العدوان لا يمكن أن يحسب حسابها في ميزان العالم.

 أمة لا تحقق العدالة يكفيها كلمات لا تسمن ولا تغني، هذا العالم المتوحش لا يلجمه سوى قوتك، أما أمة تحارب بعضها البعض، وتتقاسم كل يوم وطنا بين قوات متناحرة لن تذهب إل المستقبل، لذا سيظل العرب والمسلمين رهائن بيانات الشجب والإدانة ما لم يتوحدوا، وينتجوا غذائهم وسلاحهم، وعلومهم، وحتى ذلك الحين فالمقاومة ودعمها هو الحل. 

المصدر : الجزيرة مباشر نت 

تعليقات