وثيقة بالغة الأهمية نص الحوار بين ناصر وأيزنهاور


شبل ناصر  ( ابن جيل 2000 ) عاد من عام 1960 حاملا كنزا لا يدرك قيمته إلا "العارفين" : 

رحمة الله ورضوانه السابغين على الرجل بألف ولام التعريف، إذ لا يكُف عن إدهاشي، ولا أظنه يتوقف أبدًا . اليوم 26 سبتمبر / أيلول ، وهو فضلا عن كونه عيد الثورة اليمنية المجيدة ، رغم أنف الرجعية وأذنابها ، كان تاريخا ( عام 1960 ) للقاء #الريّس  أثناء زيارته الوحيدة لنيويورك ، لحضور أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة ، مع الرئيس الأميركي ( الچنرال)  دوايت أيزنهاور ، الذي كان قائدا لقوات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية ، قبل أن يدخل البيت الأبيض رئيسا في يناير 1953! 

وبعد ،  لا أميل كثيرا للتعبير العاطفي في الحديث عن السياسة / السيّالة بطبيعتها ، لكني أُقر هنا أن  روحي غمرها الشجن وامتلأ قلبي بالفخر الأبي وأنا أقرأ ( في مصدر أميركي بحت ) بأن #الريّس  ابن الـ42 ربيعا ، هَم بأن يغادر تاركا أيزنهاور وحيدا ،  لمجرد أنه استشعر أمرا بدا له غير مريح ،  في لهجة أيزنهاور عندما ادعى ان سحب عرض تمويل بناء السد كان ردا على تسرب أنباء تفاوض مصر مع موسكو ! 

فيا جبال الصبر ، أوّبي مع "نبي الكرامة"  الذي أرسله الله لأُمة "ديوان الحماسة" فحُق عليه أن يذهب لميقات ربه في عامه الـ52 ، و"عليه سلام الله وقفا فإنني ، رأيت الكريم الحُر ليس له عُمر " ! 

على أي حال ، لا يملك القلب سوى أن يخفق بمحبة الرجل النبيل ،لقوله لأيزنهاور - الذي كان قد تحدث عن دعمه للقوات البريطانية والفرنسية والإسرائيلية للإنسحاب لأنه يدعم المبدأ، بالرغْم من أهمية أصوات اليهود- أن الولايات المتحدة "دعمت إنشاء دولة إسرائيل عام 1948 وكان هذا هو الحاجز الأول الذي نشأ بين الولايات المتحدة والشعوب العربية التي كانت حتى ذلك الحين متأثرة تأثرا عميقًا بمبادئ السيد ويلسون في حق تقرير المصير والمثل العليا التي تضمنها ميثاق الأطلسي"، وكأنه يقول له أنه لولا دعم الولايات المتحدة لإنشاء إسرائيل ضد الشعوب العربية المتأثرة بمبادئ الرئيس "الأمريكي" ويلسون وميثاق الأطلسي، لما حدث العدوان الثلاثي - الذي بدأته إسرائيل- أصلا، ولما كانت هناك حاجة لدعمه لانسحاب أحد.

وكلامه عن أن إسرائيل تلقت منذ تأسيسها - 12 سنة وقتها- 2 مليار دولار - 2 مليون و740  ألف دولار تقريبًا كل يوم- ومنها مليون دولار يوميًا من أمريكا! 

وهو رد رقمي فوري في سجال منطقي ، على رائحة الشكاية المقيتة ،  في كلام الوغد أيزنهاور عن "أن الولايات المتحدة ضاقت ذرعا من بذل 23 مليون دولار سنويًا لإبقاء مليون لاجئ عربي على قيد الحياة"

ولا نملك سوى إكبار منطق ناصر العرب ، في رده على كلام أيزنهاور عن صعوبة عودة مليون من اللاجئين العرب "وأن هذا العدد من العرب كبيرًا على العودة إلى بلد بهذه المساحة الصغيرة؟"، "فرد الريّس بأن بن جوريون يتوقع هجرة 3 ملايين يهودي روسي ، إلى إسرائيل  فإذا أتى هذا العدد إلى إسرائيل فسوف تصبح مكانا مكتظًا للغاية في واقع الأمر".

وكلام أيزنهاور عن "أن الولايات المتحدة تتطلع إلى علاقات أفضل مع الجمهورية العربية المتحدة، ولكن الولايات المتحدة تساورها دائمًا شكوك عندما يضع السوڤييت أيديهم في بلد ما" ورد الريس بأن "الجمهورية العربية المتحدة لن تقبل أي ثمن مقابل حريتها أو استقلالها، وأن علاقاتها ؛  في بعض الأحيان ، سيئة مع الشرق والغرب ،  على حد سواء"!

وبالطبع، لم أتوقف عن الضحك وأنا أتخيل وجه أيزنهاور بعد أن أفحمه الريس فيمَا يتعلق بالأسلحة التي يعطونها لإسرائيل واستشهاده بما قيل في العرض العسكري الإسرائيلي نفسه

إلى ذلك ، وبشكل شخصي، لطالما تمنيت قراءة النص الكامل  لمحضر هذا اللقاء الكاشف لأقدار الرجال، رغم أني لم أكن أتوقع الكثير، فأيزنهاور كان على وشك ترك السلطة، كما أنه كان قد دعم مصر في 1956 ، لذا فقد توقعت أن اللقاء سيكون  قصيرا على سبيل المجاملة ،  وأن الريس سيكون رحيمًا بأيزنهاور إلى حد ما، لكني ذُهلت عندما قرأت النص الموجود على موقع مكتبة الإسكندرية، ( وهو غير منشور 

 من قبل ، لسبب عجيب كعادة موقع المكتبة العجيبة ، فالنص "المترجم" موجود في موقع مكتبة الإسكندرية تحت عنوان  : " برنامج زيارة الرئيس للولايات المتحدة الأمريكية"! رغم أن الريّس لم يزُر الولايات المتحدة قطعا ، بل كان يحضر أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة ) 

ولهذا بحثت عن النص الأصلي،  كي لا نترك مجالًا لتشكيك أي ** في صدق النص عندما نقوم بنشره! فقضيت عدة ساعات أبحث عن المحضر الذي لم يكن موجودا في القسم الخاص بدورة الأمم المتحدة 1960 ، رغم وجود محاضر لقاءات أيزنهاور مع رئيس وزراء كندا ونهرو وماكميلان رئيس وزراء بريطانيا البائس ، هناك. وأخيرا وجدته  في قسم "النزاع العربي الإسرائيلي : الجمهورية العربية المتحدة", ولا أعرف هل كان  هذا مقصودا ،  أم أن تلك  الأخطاء العجيبة ، لا تحدث في المواقع التابعة لمكتبة الإسكندرية فقط؟! 

ختاما إليكم ترجمة التفريغ النصي للاجتماع, كما تجدون رابط النص الأصلي من المصدر الأمريكي ، في أول تعليق  : 

مذكرة محادثة، فندق والدورف تاورز، نيويورك، 26 سبتمبر 1960، الساعة 4:30 مساءً 

الحضور من جانب الولايات المتحدة الأمريكية:

* الرئيس

* السكرتير

* السيد ج. لويس جونز

* الجنرال جودباستر

من جانب الجمهورية العربية المتحدة:

* الرئيس جمال عبد الناصر

* السيد محمود فوزي وزير الخارجية

* السيد زكريا محي الدين وزير الداخلية

* السيد علي صبري وزير شئون الرئاسة

* السفير مصطفى كامل

* الأستاذ ثابت العريس وزير الثقافة والإرشاد الوطني

* الأستاذ محمود رياض مستشار رئاسة الجمهورية

نص الحوار:

عقب التقاط الصور وجلوس المجموعة، افتتح الرئيس الاجتماع بقوله "أننا بصدد اجتماع مثير للاهتمام وعاصف".

وأضاف أن العالم كله يتطلع إلى جلسة بناءة. وحاول أن يجعل خطابه تصالحيا. وأعرب الرئيس عن شعوره الشخصي أن العالم لن يتمكن من إحراز أي تقدم إلا من خلال الأمم المتحدة. وأضاف بقوله أن أي أمة، حتى وإن كانت أمة عظيمة، عندما تحاول أن تقدم المساعدات بشكل ثنائي، فإنها تعرض نفسها لتهمة الإمبريالية، وأنه يشعر أن ساحة الولايات المتحدة قد برأت عمومًا من هذا الاتهام، ولكنها تتهم في بعض الأحيان بممارسة الإمبريالية الاقتصادية". وبالتالي فمن الأفضل التعامل مع الأمم المتحدة ومن خلالها. وقال الرئيس أن الهجوم الذي يشنه خروشوف على الأمم المتحدة وعلى الجهود التي تبذلها المنظمة في إفريقيَا "غير مبررة على الإطلاق". وكانت الولايات المتحدة ترغب في أن تقوم الأمم الأفريقية بتسوية المشاكل الخاصة بها بنفسها - حيث ينبغي أن تدير الشعوب الأفريقية شؤونها بنفسها. والولايات المتحدة على استعداد لدعم الجهود الأفريقية من أجل تشكيل اتحاد إفريقي يعزز موقف الدول الأفريقية. ولكن على ما يبدو، كما قال الرئيس، أن السيد خروشوف لم يفهم خطابه التصالحي قلبا وقالبًا.

وأضاف الرئيس أنه يرحب بأي أفكار يبديها الرئيس جمال عبد الناصر ويمكن أن تحظى بدعم الأمم المتحدة، وقال: "صراحة، لقد أعيتني الحيلة".

ثم تحدث ناصر بصوت واضح يميزه ثقة بالنفس، وقال أنه من الواجب أن يبدأ حديثه بتوجيه الشكر للولايات المتحدة على مساعدتها العظيمة خلال عدوان ١٩٥٦ ضد بلاده، وأضاف أنه يوافق تمامًا على أن دور الأمم المتحدة ينبغي الحفاظ عليه، وأن مصر كانت لها تجرِبة شخصية مع الأمم المتحدة لم تضع فيها حدا للعدوان فحسب، بل وأجبرت المعتدين أيضا على الانسحاب.

بيد أن الجمهورية العربية المتحدة فوجئت أن الأمم المتحدة احتلت مطار ومحطة إذاعة "ليوبولد فيل". وبدا للجمهورية العربية المتحدة أن هذه الأفعال موجهة ضد "لومومبا"، واعترضت مصر على ذلك لأنها رأت أن تلك الإجراءات تهدد بتقويض هيبة الأمم المتحدة. وذهبت الأمم المتحدة إلى الكونغو لطرد القوات البلجيكية. وكانت الجمهورية العربية المتحدة تولى ثقة كبيرة للأمم المتحدة باعتبارها أداة من أدوات حفظ الأمن. وشعرت الجمهورية العربية المتحدة أن الأعمال غير المواتية التي قد تقترفها قوات الأمم المتحدة يمكن أن تقوض المنفعة التي تعود من وراء الأمم المتحدة في أعين الشعوب الأفريقية، وهذه مسألة مروعة.

واستمر ناصر في حديثه حيث أعترف أنه بعد أحداث عام ١٩٤٨ كانت تساوره في البداية شكوك بشأن الأمم المتحدة. وكان قد أمضى شهورا في النقب لأن الحكومة المصرية كانت تؤمن بكل صدق بدور الأمم المتحدة، إلى أن منيت بخيبة الأمل. ومع ذلك، فقد كانت له تجرِبة أفضل مع الأمم المتحدة في ١٩٥٦. وقال ناصر أنه يرى أن الأمم المتحدة لا ينبغي أن يسمح لها باتخاذ أي إجراءات في الكونغو يكون من شأنها إعاقة الحكومة الشرعية في البلاد.

وأضاف ناصر : "علاوة على ذلك لا يمكننا أن ننسى أبدا أن الأمم المتحدة لم تصدق في وعودها بشأن قراراتها الخاصة بإسرائيل"، وقال: "أنتم طلبتم وجهة نظري، وأنا أعطيتها لكم".

وقال الرئيس أن الأمم المتحدة لم تكن تملك عام ١٩٤٨ القوة والسلطة الكافيتين لإنفاذ القرارات الخاصة بفلسطين. ووافق على الرأي القائل أن عدم تنفيذ القرارات يولد عدم احترام للمنظمة، وأنه يتفهم شعور الجمهورية العربية المتحدة ببعض المرارة تجاه الأمم المتحدة. ولكن الولايات المتحدة تحاول باستمرار أن تحسن أداء الأمم المتحدة وأن تعززها.

أما ما يخص الكونغو، فقد قال الرئيس أن هذه المسألة أخذت أكبر من حجمها. فقد كانت مهمة الأمم المتحدة الرئيسية من وجهة نظر الرئيس هي توطيد القانون والنظام. والوضع حتى الآن في الكونغو يثير الحَيْرَة والارتباك، حيث بات من الصعب القول ما بين عشية وضحاها من الذي يمسك بمقاليد الأمور - كازافوبو" أم "لومومبا". وأضاف الرئيس أن الأمين العام ربما أراد من وراء إغلاق المطار أن يدرأ عن الكونغو تدخلا أحادي الجانب في البلاد تقدم عليه أي من القُوَى الخارجية.

وفي الظروف التي تعم فيها الفوضى، لا بد للأمم المتحدة بمجرد دخولها أن تحفظ السلم. وربما كانت هناك بعض الأخطاء في العمليات أو التكتيكات، ولكن نتائج التصويت (۷۰) صوتا مقابل لا شيء أظهرت أن الرأي العام العالمي يعتقد أن الأمم المتحدة تبذل كل ما في وسعها.

وتابع الرئيس بقوله أن دور الأمم المتحدة على نفس القدر من الأهمية بالنسبة للأمم الكبرى والأمم الصغرى، فالأمم المتحدة منظمة ذات أهمية قصوى بوصفها أداة للدول الكبرى في تقديم المساعدات.

وإشارة إلى أزمة السويس عام ١٩٥٦، سرد الرئيس كيف أنه منح كل الدعم الممكن للأمم المتحدة، على الرغم من انشغاله بالانتخابات الرئاسية وعلى الرغم من (أهمية) التصويت اليهودي"، لدفع القوات البريطانية والفرنسية والإسرائيلية على الانسحاب. وأضاف أن هذا الأمر لم يكن من السهولة بمكان، ولكنه كان يدعم المبدأ، وأنه يعتقد أن المبدأ نفسه كان لا بد أن يحظى بالدعم أيضا في الكونغو، حتى وإن حدث خلل في العمليات من وقت لآخر.

وإشارة إلى أزمة السويس عام ١٩٥٦ ، سرد الرئيس كيف أنه منح كل الدعم الممكن للأمم المتحدة، على الرغم من انشغاله بالانتخابات الرئاسية وعلى الرغم من (أهمية) التصويت اليهودي"، لدفع القوات البريطانية والفرنسية والاسرائيلية على الانسحاب. وأضاف أن هذا الأمر لم يكن من السهولة بمكان، ولكنه كان يدعم المبدأ، وأنه يعتقد أن المبدأ نفسه كان لا بد أن يحظى بالدعم أيضا في الكونغو، حتى وإن حدث خلل في العمليات من وقت لآخر.

وقال ناصر أنه ليست هناك ثمة حاجة لمناقشة أهمية وجود الأمم المتحدة من عدمه فالحاجة إلى الأمم المتحدة واضحة لا لبس فيها. وعلاوة على ذلك أثنى بوضوح على الشجاعة التي أبدتها الولايات المتحدة في الوقوف ضد رغبات حلفائها المقربين. ومع ذلك، فقد دعمت الولايات المتحدة إنشاء دولة إسرائيل عام ١٩٤٨. وكان هذا هو الحاجز الأول الذي نشأ بين الولايات المتحدة والشعوب العربية التي كانت حتى ذلك الحين متأثرة تأثرا عميقًا بمبادئ السيد ويلسون في حق تقرير المصير والمثل العليا التي تضمنها ميثاق الأطلسي. وأضاف ناصر أن الجمهورية العربية المتحدة ترغب في تطوير بلادها، وأن هذا جزء طبيعي من التطلعات الوطنية لأي بلد.

وقال ناصر أن الشعوب الشرق أوسطية تضع مسؤولية كبيرة على عاتق الولايات المتحدة مسؤولية لا مفر منها نظرا لوضع الولايات المتحدة في العالم. ولا يمكن للولايات المتحدة أن تتنصل من مسؤوليتها عما حدث في الكونغو لأن العامة البسطاء يرون أن الولايات المتحدة والأمم المتحدة هما وجهان لعملة واحدة تقريبًا.

واستطرد ناصر بقوله أن إفريقيَا تتحرك بسرعة في الوقت الراهن، وأن الجمهورية العربية المتحدة لم تكن بالقطع ترغب في امتداد الحرب الباردة إلى إفريقيَا. وقال أن الجمهورية العربية المتحدة تقف ضد النفوذ السوفيتي في الكونغو بالقدر نفسه الذي تعارض به انتشار النفوذ السوفيتي داخل الجمهورية العربية المتحدة.

وأكد الرئيس مجددًا أن الولايات المتحدة ستدعم الأمم المتحدة عندما يستدعى الأمر التحرك أو اتخاذ إجراءات. وقال إن الولايات المتحدة لن تسعى إطلاقًا إلى خطوة استباقية" وتتدخل من جانب واحد. وأعرب عن سروره بقرار الأمين العام إعادة الدكتور "بانش" وإرسال شخص من جنسية هندية ليحل محله، لأن الدكتور بانش" أعطى دلالة كبيرة للولايات المتحدة في الكونغو. وقال الرئيس أن الولايات المتحدة ترغب في دعم برنامَج اقتصادي للأمم المتحدة في الكونغو وإفريقيَا بشكل عام، لأنه يعتقد أننا يجب أن نمد يد المساعدة من أجل كسر شوكة الفقر والأمية والمرض في القارة.

وقال الرئيس أن الولايات المتحدة لا ترغب في السيطرة على أي جزء من أراضي أي دولة ولا تريد أن تفرض هيمنتها على أي من كان. ولكنها لا تريد أن تكون مرمي لاتهامات في الاتجاه المعاكس من قبل دوائر معينة". فالولايات المتحدة ترغب في أن تشهد تطورا في كل شعوب العالم. وقال الرئيس أنه عرض على بورتوريكو عدة مرات منحها الاستقلال ولكن سكانها اعترضوا ولم يقبلوا بالاستقلال.

وقال ناصر أنه منذ اللحظة الأولى لتوليه السلطة في عام ١٩٥٢ كان يتطلع إلى إقامة علاقات جيدة مع الولايات المتحدة، وأنه حاول جاهدا الوصول إلى هذه الغاية، ولكن إسرائيل ظلت الحاجز الرئيسي دائمًا وأبدا. وأشار أنه كان يرغب في شراء أسلحة، ولكنه لم يستطع الحصول على أي أسلحة من الغرب. وفى الوقت نفسه، كانت إسرائيل تتلقى أسلحة من الغرب - طائرات من فرنسا ودبابات من المملكة المتحدة، وقطعا من المدفعية عيار ۱۰٥ ملليمتر وبنادق عديمة الارتداد من الولايات المتحدة.

وقال الرئيس إننا لم نرسل قط أي أسلحة هجومية إلى إسرائيل - "فقط بعض مُعِدَّات الرادار والأسلحة الدفاعية".

وقال ناصر ردا على ذلك أنه استمع إلى تقرير في الإذاعة الإسرائيلية من تل أبيب يصف ظهور المدفعية 105 ملم الأمريكية والبنادق عديمة الارتداد في عرض عسكري إسرائيلي. وقال المعلق الإسرائيلي أن هذه البنادق ستستخدم ضد الجمهورية العربية المتحدة.

وقال وزير الخارجية للرئيس أن صفقة صغيرة لبيع هذا النوع من الأسلحة قد تمت بالفعل.

وقال ناصر أن الحقيقة الواقعة هي أن الجمهورية العربية المتحدة لا يمكنها الحصول على أسلحة من الغرب في حين أن إسرائيل تحصل بالفعل على أسلحة من الغرب. وبالتالي فإن الجمهورية العربية المتحدة تصبح عرضة للعدوان من جانب إسرائيل.

وقال ناصر: "يجب أن أحمى بلادي وشعبي وإسرائيل هي الحاجز الذي يحول دون وجود علاقات طيبة بين الولايات المتحدة والعرب. وأضاف أن تصريحات نيكسون وكيندي أثارت ردود أفعال حادة في مصر لأنهما طالبا ظلما وبهتانا بفتح قناة السويس أمام الملاحة الإسرائيلية ولكنه تساءل عن مآل قرارات الأمم المتحدة الأخرى، وقال أن حرية التعبير كما تمارس في الولايات المتحدة لن تفهم على علاتها في العالم العربي، ولكنه رأى على شاشة التلفاز أعضاء في مجلس الشيوخ وفى الكونغرس يناقشون أزمة قناة السويس في مصر بحرية تامة. وقال ناصر: "نشعر بالامتنان لكم عندما ترسلون لنا قمحا ولكننا لا نرغب في أن يثير هذا الدعم مناقشات وحججا حول ما إذا كان ينبغي لنا أن نحصل على القمح وبأي شروط، لأن هذا، كما قال، يتنافى مع الكرامة المصرية.

وواصل ناصر حديثه فقال : إذا شاءت الولايات المتحدة أن تدعم فتح قناة السويس أمام السفن الإسرائيلية، فيتعين عليها بالمثل أن تبذل قُصَارَى جهدها لحث الأمم المتحدة على إجبار إسرائيل على تنفيذ القرارات التي أخلت بها".

وقال الرئيس أن الولايات المتحدة ضاقت ذرعا من بذل ۲۳ مليون دولار سنويًا لإبقاء مليون لاجئ عربي على قيد الحياة دون إحراز أي تقدم نحو التسوية. وقال الرئيس: "أعتقد أننا نود اليوم وليس غدا أن نرى حلا لهذه المسألة

وقال ناصر أننا كنا باستمرار نتبع خط المطالبة بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة فحسب وكافة القرارات في هذا الصدد، باستثناء مناسبة واحدة رد فيها على هجوم شنه ديان، لكنه لم يهدد "برمي اليهود في البحر". كل ما أراده هو تنفيذ قرارات الأمم المتحدة.

وقال الرئيس أنه يعتقد أننا يجب أن نلقى نظرة فاحصة على ما يمكن القيام به الآن من خلال الأمم المتحدة في ما يخص المشكلة العربية - الإسرائيلية.

أما في ما يتعلق بالأسلحة، فقد قال الرئيس أن الحرب أخذت منحي جديدًا بعد هيروشيما. وأضاف أنه عندما تولى الرئاسة قال للسيد دالاس أنه لا يريد أن يشهد بداية سباق للتسلح في الشرق الأوسط. وقال إنه يحترم موقف الجمهورية العربية المتحدة باعتبارها دولة محايدة - وأنه لا يمكن في واقع الأمر أن يوجد أي اعتراض على حصول الجمهورية العربية المتحدة على سلاح سوفيتي ولكن الولايات المتحدة لا ترغب في أن ترى هيمنة سوفيتية على الجمهورية العربية المتحدة.

وقال الرئيس أن الولايات المتحدة تنفق ما بين ٤٦ و ٤٧ مليار دولار سنويًا على التسلح وهو رَقْم مبالغ فيه. وأعرب عن أمله في حدوث توازن في التسلح داخل الشرق الأوسط على الرغم من أنه يدرك مدى عمق العداء القائم بين العرب واليهود.

وقال ناصر مؤيدًا ما قاله الرئيس حول التكلفة المرتفعة للتسلح أنه لا يعتقد أن حربا محدودة بين بلدين صغيرين هي مسألة ممكنة في الوقت الراهن، وأن أزمة السويس عام ١٩٥٦ كانت خير دليل على ذلك. وقال ناصر أنه يحبذ بشدة السلام وليس الحرب.

وقال الرئيس أنه يرغب في وجود مناقشات ودية ومثمرة بين الولايات المتحدة والجمهورية العربية المتحدة حول ما يمكن القيام به لمساعدة اللاجئين العرب. وأضاف أن هذه المساعدة لا تحث عليها معاناة اللاجئين فحسب، بل لأن مشكلة اللاجئين تجثم بشكل كبير على ضمير العالم.

وقال ناصر أنه قبل أسبوعين فقط قال بن غوريون أن إسرائيل لن تقبل عودة أي من اللاجئين.

واستفسر الرئيس من ناصر عن عدد اللاجئين الذين هم على استعداد للعودة من وجهة نظره؟ وأجاب ناصر بسرعة: "جميع اللاجئين". وأضاف أنه في حالة عودة جميع اللاجئين ستكون دولة إسرائيل عندئذ مكونة من مليون عربي و ٢ مليون يهودي وأن طبيعتها كبلد سوف تتغير لأنها لن تكون دولة لليهود جميعا فحسب كما هو الحال الآن.

وقال الرئيس :أليس هذا العدد من العرب كبيرًا على العودة إلى بلد بهذه المساحة الصغيرة؟"

وأجاب ناصر أن بن غوريون يتوقع وفود 3 ملايين يهودي إلى إسرائيل من روسيا. فإذا أتى هذا العدد إلى إسرائيل فسوف تصبح مكانا مكتظًا للغاية في واقع الأمر.

وسأل الرئيس وزير الخارجية عما إذا كان يهود العالم يعارضون عودة اللاجئين العرب.

وأجاب وزير الخارجية: "فعليا، نعم".

وقال ناصر أن إسرائيل تلقت منذ أن تأسست كدولة ٢ مليار دولار من المساعدات الخارجية بشكل أو بآخر.

ودار بعض النقاش حول حجم المساعدات التي تلقتها إسرائيل؛ وأضاف السفير كامل مؤكدًا: "ما يقرب من مليون دولار يوميًا من الولايات المتحدة.

وقال الرئيس أنه يريد أن يطمئن ناصر أن الولايات المتحدة ترغب في توطيد علاقات ودية مع جميع البلدان في منطقة الشرق الأوسط. واتفق معه في الرأي أن إسرائيل تمثل مشكلة رهيبة، ولكن دولة إسرائيل موجودة فعليا والمعضلة تكمن في التوصل إلى حل لهذه المشكلة دون إشعال أتون الحرب. وأعرب عن اعتقاده أن بعض اللاجئين العرب يفضلون الحصول على تعويضات بدلا من العودة إلى إسرائيل.

واعترض ناصر على ما يفكر به الرئيس أن "إسرائيل" موجودة فعليا"، وقال إن قبول إسرائيل كأمر واقع يعنى السماح للص بالاحتفاظ بمسروقاته.

وقال الرئيس لناصر أنه إذا كان بوسعه التفكير في أي سبيل لحل مشكلة اللاجئين، فينبغي له إبلاغه لحكومة الولايات المتحدة بشكل سرى لأنه إذا تسربت كلمة واحدة، ستذهب بعض الأطراف صاحبة المصلحة إلى أعضاء معينين في مجلس الشيوخ لينبري هؤلاء بدورهم في توجيه خطابات في هذا الصدد دون إحراز أي تقدم.

وأضاف الرئيس أن الولايات المتحدة تتطلع إلى علاقات أفضل مع الجمهورية العربية المتحدة، ولكن الولايات المتحدة تساورها دائما شكوك عندما يضع السوفييت أيديهم في بلد ما". وأكد ناصر بحزم أن الجمهورية العربية المتحدة لن تقبل أي ثمن مقابل حريتها أو استقلالها، وأن علاقاتها كانت سيئة في بعض الأحيان مع الشرق والغرب على حد سواء، ولكنه لن يخضع أبدا أو يتنازل قط عندما تكون حرية الجمهورية العربية المتحدة أو استقلالها على المحك. وقال: "نريد أن نحافظ على كرامتنا. ووُجهت إهانة لكرامة مصر عندما جاء الرد المفاجئ من واشنطن بأن الولايات المتحدة سحبت عرضها لبناء السد العالي، وكان هذا الرد بمثابة صدمة كبيرة لأن المصريين" شعب مرهف الحس للغاية".

وقال الرئيس أن سحب العرض جاء فقط عقب ورود أخبار تفيد أن الجمهورية العربية المتحدة تتفاوض مع الاتحاد السوفيتي لبناء السد العالي.

وفي هذه اللحظة تقدم ناصر خطوة معلنا عن الرحيل، ولكن الرئيس استوقفه وطرح عليه سؤالًا آخر: "ماذا سيحدث في الأرْدُنّ"؟

وأجاب ناصر أنه منذ عام 1957 والأردنيون يدعون بصفة مستمرة أن الجمهورية العربية المتحدة تتآمر مع الاتحاد السوفيتي ضد الأرْدُنّ. وكانت الجمهورية العربية المتحدة تتخذ دائمًا موقفًا دفاعيا. وأضاف: "ليس لدينا عملاء في لبنان أو سورية أو العراق (كما ورد في النص الأصلي) هناك في هذه البلدان أناس يشاركوننا أفكارنا وأنا لا أعرف من هم، لكنهم يؤمنون بي ويؤمنون بالوحدة العربية. وقد أدلى الملك حسين منذ بضعة أشهر بخطاب تحريضي ضد الجمهورية العربية المتحدة، ولكن المَدّ الشيوعي كان آخذا في التصاعد في بغداد، وأنا أحجمت عن الرد لأنني لم أرغب في تشجيعهم بأي شكل من الأشكال. ولكن في وقت لاحق عندما كان الملك حسين في المغرب، ألقى خطابًا ضد ناصر، وحيث أن المَدّ الشيوعي كان قد انحسر عن العراق، خرج ناصر عن صمته الذي دام لمدة ٤ أو ٥ أشهر وبدأ في شن هجوم مضاد".

وقال ناصر أنه لم يمض ٢٤ ساعة على اغتيال هزاع المجالي حتى كان الأرْدُنّ يحمل الجمهورية العربية المتحدة المسؤولية عن الحادث. وتساءل ناصر بشكل بلاغي منمق كيف استطاعوا أن يعرفوا من الذي اغتاله بهذه السرعة؟ ومن الذي اغتال جَدّ الملك؟ لم أكن أنا لأنني كنت وقتها أخدم في صحراء النقب الضارية. المسألة وما فيها أن الكثيرين يعتنقون أفكارنا". وأضاف أن الأرْدُنّ في الوقت الحاضر لديه خمسة ألوية على طول الحدود السورية؛ ومنذ يومين فقط توغلت القوات الأردنية داخل سورية ووجهت إليها اتهامات بارتكاب أعمال تخريبية. و كانت الجمهورية العربية المتحدة قد وضعت دوريات على طول الحدود.

وقال الرئيس أن ما لم نستطع فهمه هو لماذا الدولة الأضعف والأكثر فقرا من بين جميع الدول العربية هي التي تهاجم الجمهورية العربية المتحدة، وأن هذا الأمر ليس منطقيًا.

أجاب ناصر: "إنها مسألة نفسية. فالشعوب تحب الوحدة العربية. وبعضها يرفع صورتي والبعض الآخر يهتف يحيا ناصر. والملك حسين يريدهم أن يهتفوا "يحيا حسين". المسألة كلها شخصية.

المصدر: مكتبة أيزنهاور، ملف ويتمان، مذكرات وزارة الخارجية الأمريكية. 

(وزارة الخارجية، الملفات المركزية، 786B.11/10–360)

تعليقات