علي أبو هميلة يكتب : لن تأخذ غزة بل تسقطك غزة


هل كان قدر علينا أن نعيش في عصر يتحكم في قوته العضلية المسلحة والمدجنة بأقوى أدوات التدمير ويقوده جماعات من قليلي القعل كثيري النرجسية والأحساس بالذات والأنا العليا فلا نستطيع أن نلاحق أنفاسنا من تصريحاتهم التي لا يحكمها عقل بل يحكمها المنطق الشائع عن الرئيس الكوري الشمالي، ليتضح لنا بعد تفكير أن حملة التشوية التي يتعرض لها كيم جونغ أون ما هي إلا حملة للتغطية على مخبولي العقل الذين يديرون العالم وتحت أقدامهم أسلحة نووية يهددون بها العالم ويدعون لهم سلطات قادرة عن نزع أراضي الشعب بسلطة القوة المسلحة. 

ترامب وسلطة الولايات المتحدة 

في تصريحات صحفية لرجل العالم الذي لا يتوقف عن التصريحات غير المحتملة منطقيا دونالد ترامب وبكل أريحية يجلس ويقول "سناخذ غزة" وعندما تعاود صحفي أمريكي سؤال : قلت من قبل أننا سنشتري غزة؟ فيجيبه : لا داعي لشرائها سناخذها! فيحاوره أخر : بأي سلطة تأخذها فيجيب : سلطة الولايات المتحدة!

تخيل لو أن هذه التصريحات صدرت عن زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون ماذا سيكون رد فعل العالم الغربي والجمهور العالمي في ظل الصورة الذهنية التي رسمها الإعلام الغربي لهذا الرجل على مدار سنوات، تخيل كيم وهو يعلن أنه سياخذ روما أو ليون، أو تكساس في الولايات المتحدة الأمريكية بسلطة كوريا الشمالية ماذا سيكون رد فعل العالم وخاصة في أوروبا والولايات المتحدة؟ 

أن ما أشيع عن جونغ ما هو إلا محاولة غربية للتغطية على أمثال ترامب ونتنياهو وبايدن وغير من قادة الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، وظني أن ترامب هو نموذج الغربي الأوروبي القادم منذ أربعة قرون من الزمان إلى الأرض الجديدة التي اكتشفها كريسوفر كولومبوس (أمريكا) ليقوم  بالمذبحة الإنسانية الكبرى في تاريخ البشرية ويقضي على السكان الأصليين لأمريكا الهنود الحمر وليوطن بديلا لهم القادمين  ذوي البشرة البيضاء. 

ولكن ما هي سلطة الولايات المتحدة التي يعتمدها ترامب ليأخذ غزة بدلا عن شرائها؟ هل سلطة الفيتو الأمريكي الحائل أمام العالم في إتخاذ أي قرار بوقف حرب الإبادة التي يشنها نتنياهو والجيش الصهيوني في غزة؟ أم سلطة الرؤوس النووية التي يمتلكها الكيان الصهيوني منفردا في الشرق الأوسط ولا يمتثل بها لأي قرار أممي؟ أم سلطة الولايات المتحدة العسكرية التي يتصور ترامب أنها قادرة على تحقيق أحلامه المجنونة في العالم؟ 

ربما يظن ترامب أن العالم دان له وأن خريطة الشرق الأوسط تحديدا أصبحت تدار من بيته الأبيض بأوامره لأصحاب الجلالة والفخامة الذين يحكمون دولها! فقد استطاع إعلام الولايات المتحدة وأوروبا بتخطيط صهيوني ورجال إعلام صهاينة أن يصدروا لهؤلاء والكثير من شعوب المنطقة أن الأمريكي والصهيوني لا يهزم وأنه قادر على كل شيء وبالتالي جعل الجميع ينبطح أمام الأمريكي منذ نصف قرن أو تابعه الصهيوني، فلا  يجرؤ حاكم في المنطقة العربية المنكوبة أن يقول لترامب توقف أو تفكر وتدبر فيما تقول. 

إذن لنذكر ترامب 

تصريحات ترامب عن غزة وإخذها بسلطة الولايات المتحدة ! أن لم تجد من ينتقدها أو يرفضها فيجب علينا أن نذكره نحن بتجارب الحروب التي شنتها الولايات المتحدة خارج أراضيها المغتصبة من شعبها الأصلي (الهنود الحمر) لم يتذكر ترامب منذ أيام الأسلحة الأمريكية وهي تستعرض في أفغانستان في ذكرى تحريرها واستقلالها إذن فلنذكره أنه طلب هذه الأسلحة وكان رد الأفغانيين أن كنت تستطيع فلتأتي لتاخذها، وتلك كانت أخر تجارب احتلال الأمريكان لأراضي الغير وفشلت فيها الولايات المتحدة وخرجت من أفغانستان مهزومة ذليلة. 

هل نذكر السيد ترامب بتحارب الولايات المتحدة العسكرية من فيتنام إلى العراق  من اليمن إلى سوريا التي يسحب قواته منها الآن، في فيتنام خسرت الولايات المتحدة ما يقارب من 60 ألفا من جنودها وأجبرت الولايات المتحدة على الانسحاب بعد هزائم مريرة في حرب رفضها العالم ورفضها الشعب الأمريكي ذاته.

تجارب في العراق شاهدة على هزيمة الولايات المتحدة، أما دولة صغيرة مثل كوبا وهي تقارب غزة في حجمها بالنسبة للويات المتحدة وعلى بعد خطوة واحدة فقد أذلت الولايات المتحدة كثيرا ولا تزال حتى الأن صامدة، أم هل نذكر السيد ترامب بفشل محاولات السيطرة عبر العملاء على دول في أمريكا الجنوبية مثل البرازيل، والأرجنتين وفنزويلا تلك الدول التي حاولت فيها الولايات المتحدة استبدال حكامها الوطنيين بحكام عملاء لها. 

ما هي سلطة الولايات المتحدة والتي اختارها ترامب ولم يقل مثلا قوة الولايات المتحدة وهي الدولة صاحبة أكبر ديون في العالم بما يقارب ثلاثة ترليون ونصف من الدولارات أم يعتمد ترامب على غسيل العقول الذي قاده إعلامه الصهيوني على مدار سنوات عن الرجل الأبيض الأمريكي الذي لا يقهر، فجعل هذا حكام العالم يصمتون أمام تخاريفه وأمام ديونه التي يغطيها بطباعة السيد الدولار. 

غزة ستسقط ترامب وتابعه قفه 

أذن فلندكر ترامب أن غزة تلك التي سياخذها بسلطة الولايات المتحدة لا تزال صامدة أمام أحدث أسلحته وقذائفه وطائراته، وقنابله الذكية وغير الذكية منذ 23 شهرا، هل قدر السيد ترامب حجم القنابل التي أسقطت على غزة طوال هذه المدة؟

 هل قدر كمية الأسلحة الذكية وغير الذكية من مصانعه ومصانع أوروبا التي وصلت إلى الكيان الصهيوني قبل وأثناء الحرب على غزة؟ أم يا ترى قبل أن يجلس جلسته المريحة تلك طلب تابعه نتنياهو وسأله ما الذي حدث في خان يونس مؤخرا وفي بيت حانون؟ لا أظن هذا تم فالسيد ترامب بعتمد على قانون الصدمة الكلامية فيخرس المرجفون، والمهزومون نفسيا بفعل إعلام أمريكي بدأ ذاته يتغير ويبدل من صوته بعدما شاهد الصمود الأسطوري لأهل غزة. 

أخيرا هل وصل لترامب قبل إعلانه نيته سرقة غزة  حجم خسائر الجيش الصهيوني وما يحدث في الجبهة الداخلية في إسرائيل، وما يحدث من تغير في الرأي العام العالمي، وهل وصل إليه استقالة تسعة وزراء في هولندا احتجاجا على عدم قدر الدولة الهولندية على عقاب الكيان الصهيوني؟ 

هل يدرك السيد ترامب بسلطته الكلامية الإعلامية الوهمية ماذا فعلت غزة الصغيرة الحجم عظيمة الصمود والقتال في العالم، أظن أن ترامب وتابعه قفه (نتنياهو) لم يدركا بعد درس غزة كما لم يتعلما من درس كوبا النقطة السوداء التي تقع في حضن سلطة ترامب.

يقينا غزة الصغيرة الصامدة الباسلة ستغير تاريخ العالم، ويقينا أن غزة ستسقط ترامب وتابعه نتنياهو ومعه كل من صمت وتخاذل وعجز، ويقينا هناك أمة قادمة بعد غزة لن يكون فيها ترامب ولا نتنياهو وكيانهم المصطنع. 

المصدر : الجزيرة مباشر نت 

تعليقات