لقد تغير العالم في قضية فلسطين بعد طوفان الأقصى كما لم يكن بالنسبة لها في أي وقت من عمر الاحتلال الصهيوني لها، فمند عام النكبة وما قبله من سنوات الصراع مع العصابات الصهيونية لم يشهد العالم تعاطفا مع قضية تحرير فلسطين وتحريرها كما يحدث الآن، ولقد صدق أبو إبراهيم يحيى السنوار حينما قال أن غزة ستغير العالم وها هي ملامح النبوءة السنوارية تتحق في كل العالم فما بعد السابع من أكتوبر 2023 ليس كما قبله.
العالم أصبح غير
هل كان في خيال أي إنسان على الأرض العربية وبين شعوب الأمة الأسلامية أن إضرابا يشل حركة الحياة في إيطاليا أحتجاجا على المجازر التي تحدث في غزة والمحرقة المستمرة منذ عامين، بل تشمل هذه الإضرابات مدن إيطاليا كلها وتفرض الجماهير الغاضبة الإضراب على كل مؤسسات الدولة، أنها حقا معجزة نتاج هذا الصمود الإنساني العظيم لغزة وشعبها بلا استثناء، لم يكن إضراب إيطاليا إلأ تتويجا لتظاهرات ملايين البشر في كل أنحاء العالم يوميا ومنذ أكثر من عام ونصف، تلك التظاهرات التي بدأت بالعشرات والمئات، ثم تطورات إلى الآلاف وبعدها وصلت إلى مئات الآلاف في كل أنحاء العالم بما فيها الدول التي لم تتوانى عن مساعدة وشراكة الاحتلال الصهيوني في كل مذابحه السابقة وحربه الحالية المستمرة.
العالم الآن يتغير فهناك أكثر من 50 سفينة، والكثير من المراكب الشراعية تسير في المياة الدولية في الطريق إلى غزة لكسر الحصار الذي تفرضه إسرائيل على غزة، ورغم التهديدات الإسرائيلية التي وصلت إلى حد التهديد بمهاجمة السفن، بل تعرضت منذ ثلاثة أيام لما يشبه الهجوم، فلا يزال الأسطول الذي يضم الآلاف من المتضامنين مع بسالة وصمود الشعب الفلسطيني في غزة وعلى رأسهم العديد من الاسماء الشهيرة من النشطاء، المثقفين، والفنانين من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية يمضي نحو غزة في تصميم كبير على كسر الحصار والوصول إلى المحاصرين فيها.
العالم يتغير بل يحاصر الكيان الصهيوني حصارا يفوق حصاره على غزة، فها هو رئيس الوزراء الأسباني يعلن إرسال سفينة حربية لمساعدة إسطول الصمود المتجه إلى غزة في حال تعرضه للهجوم وحماية الأسبان المشاركين فيه، ويأتي ذلك في أعقاب الغاء أسبانيا لصفقات مع الكيان وصلت مليار يورو، وإيقاف كان التعاملات مع الكيان، ثم يعلن وزير الدفاع الإيطالي توجيه فرقاطة تابعة للبحرية الإيطالية لتقديم المساعدة بعد الهجوم الذي تعرض لها والتي شاركت فيه 12 طائرة ومسيرة قصفت السفن بمواد حارقة، وهو الهجوم الذي جاء في أعقاب هجمات إلكترونية وتشويش على الاتصالات، إذن هناك دولتان كبيرتان من دول أوروبا تقف الآن بسفينتين عسكريتين للدفاع عن أي هجوم يتعرض له أسطول الصمود في البحر الأبيض من جانب الكيان الصهيوني.
تراجع عن التهجير
العالم يتغير وها هو ترامب يتراجع عن خطته للتهجير التي يعلنها في كل لحظة ليخرج بعد تصريحات له بيوم واحد مندوبه ويتكوف ليعلن خطته لإحلال السلام في غزة وعقد إتفاق هدنة وليس فيها أي إشارة إلى تهجير ترامب أو مقولته التي سبقت إعلان بنود الاتفاق حينما قال "نحن لن نشترى غزة فلا شيء فيها يستحق الشراء فقد تدمرت" وفي اليوم الثاني لتلك التصريحات يجتمع مع قادة الدول العربية والإسلامية ليناقش معهم سبل وقف حرب الإبادة، ويستمع لكلمات عن عدوانية الكيان الصهيوني وإصراره على إغتيال المفاوضين، ومهاجمة الوسطاء كما قال أمير دولة قطر.
يتغير العالم وها هو رئيس كولومبيا يقول" إن عدة دول أبدت استعدادها لتشكيل جيش وخوض حرب لتحرير فلسطين" يا الله كما حدث هذا في العالم كيف أصبح في مقدور عدة دول مناقشة فكرة الحرب من أجل تحرير فلسطين العربية المسلمة، وبعد 77 عاما من قيام دولة الاحتلال، أنها تجليات الطوفان وتصديقا لنبوءة الشهيد السيد السنوار الذي كان قائدا لملحمة طوفان الأقصى التي غيرت العالم، ثم يأتي الرئيس التشيلي ليعلن في الجمعية العامة للأمم المتحدة "أريد أن أرى نتنياهو والمسؤولين عن الإبادة الجماعية يتم اقتيادهم إلى المحكمة الجنائية الدولية"
منظومة عالمية جديدة
تتصاعد الدعوات للتفكير في منظومة مجلس الأمن وحق النقض الذي يمنع إقامة العدل على الأرض فمن يتخيل أن العالم تتوقف قراراته على صوت واحد فقط بينما العالم كله في جانب صوت واحد يفقده عدالته وأحكامه على الدول المارقة، بدأت هذه الدعوة من الرئيس التركي وها هم عدد من روساء الدول في العالم يتكلمون من أجل إعادة النظر في منظومة القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن، الرئيس الكولومبي كرر الدعوة لإنشاء مجلس أمن جديد ربما لا يكون فيه حق نقض يشل إرادة العالم.
الواقع أن صور التغير الذي أنجزه طوفان الأقصى في العالم لا يمكن حصرها ورصدها بسهولة ففي كل لحظة يظهر ملمح جديد لهذا التغير الحادث في العالم، بل أن جلسات الأمم المتحدة المنعقدة الآن في نيويورك شهدت انتفاضة عالمية ضد الكيان، وهذا الانسحاب الكبير من وفود العالم حينما يلقى نتنياهو كلمته في القاعة وتركه وحيدا مع بعض الوفود لدول هامشية في العالم لدليل كبير على هذه الانتفاضة العالمية ضد الكيان الصهيوني، أما كلمات رؤساء دول من كل العالم وخاصة أمريكا اللاتينية فهي فخر لأبناء فلسطين قبل أن تكون فخرا لرؤساء هذه الدول، فالصمود الكبير لأطفال ونساء وشيوخ غزة ألهم العالم الشجاعة والكرامة ليتحدثوا بشجاعة أمام الهيئات العالمية.
طوفان يتمدد للعالم
يتمدد طوفان الأقصى ليغير معالم التاريخ ومعالم العالم بينما تنكمش القوة الغاشمة الصهيونية أمام المقاومة في غزة وفي تقرير صحفي عبري يعترفون أن خبر مقتل جنود في جيش الاحتلال على يد المقاومة قد أصبح خبرا يوميا عاديا في الإعلام الصهيوني، بالأمس فقط أخترقت مسيرتان من اليمن العظيم كل الدفاعات الجوية الصهيونية لتصل إلى إيلات المحتلة (أم الرشراش) وتصيب أهدافها وتسبب إصابة مالايقل عن 50 مستوطنا بإحد الفنادق بينهم حالات حرجة بحسب الإعلام العبري، وطالبت جهات عديدة بالتحقيق في خلل الدفاع الجوي الإسرائيلي الذي كان يتفاخر به كثيرا الصهاينة.
ويتبقى السؤال الإجابة الأن : من يحاصر من؟ من أكثر تدوالا في العالم الآن؟ العالم يتحدث عن من أكثر؟ الأبطال من أبناء شعب فلسطين في غزة، أم الاحتلال وقوته الغاشمة التي يستخدمها في تدمير غزة؟ الصورة الواضحة الآن تقول أن أجابة كل هذه الأسئلة تقول أن الكيان الصهيوني هو المحاصر وهو الخاسر الأكبر بعد عامين من طوفان الأبطال، وعامين من الصمود الأسطوري لشعب لا يعرف إلا الانتصار وفي كل لحظة يثبت أطفاله قبل رجاله أنهم سيستعيدون الأرض كاملة ويقيمون دولتهم المحررة من النهر إلى البحر وأنه لجهاد نصرأو استشهاد.
المصدر : الجزيرة مباشر نت
تعليقات
إرسال تعليق
أترك تعليق