أن تذهب إلى مستشفى لتجدتك ومساعدتك على المرض والألم المفاجيء فتترك أمام المشفى ساعات طويلة لعجزك عن دفع رسوم الدخول، او انتظار خطاب يعتمده مسؤول عن علاجك في مؤسسة عريقة كالهيئة الوطنية للإعلام (ماسبيرو سابقا) وتمر ساعات وأنت على بوابة المشفى وجسدك وقلبك ونفسك يهرب منك فتلك كارثة، وإذا كنت ممن يدفعون إشتراكا شهريا وسنويا يقترب من 5000 جنيها كل عام فتلك مصيبة كبرى، أما أن تنتظر مسؤولا حتى يستيقظ من نومه ويذهب إلى ماسبيرو ثم ينظر إلى طلبك إذن دخولك المشفى ويتناقش ويناقش فتلك نهايتها الوفاة.
ست ساعات كفيلة للموت
هذا ما حدث في الهيئة الوطنية للإعلام للزميلة عبير الأباصيري أحدى المعدين القلائل والكبار بالقناة الأولى بالتليفزيون المصري التي تركت على بوابة المستشفى ست ساعات لعجزها عن دفع 1400 جنيها مصريا بما يعادل 30 دولارا فقط لا غير.
رغم أن الزميلة الراحلة تدفع إشتراكا شهريا في المؤسسة التي تعمل بها وحقها في حالة الطواريء أن تدخل أقرب مشفى لمنزلها حتى يتم إجراء المطلوب منها إلا أن مستشفياتنا أصبحت هكذا تترك المريض يموت حتى يدفع، ولك أن تتخيل ما عاناه مرافقيها حتى يحصلوا لها على خطاب ماسبيرو لتدخل للعلاج.
ست ساعات من الاتصالات حتى الحصول على الرد، وكتابة الخطاب والعودة إلى المستشفى، ست ساعات كانت كفيلة بتأخير الحالة، والمؤكد أن أجلها قد حان وأننا جميعا في موعدنا لاتستأخر ساعة ولا نتقدم، ولكن هذه الحالة التي أعتبرها زميل أخر أنها كثيرا تتكرر لابد لها من علاج، والأغرب أن تأتي هذه الحالة بعد أن بشرنا السيد أحمد المسلماني من أسبوع بإسناد مهمة الرعاية الصحية لوزارة الصحة، وأيضا تعيين مديرا جديدا للرعاية الصحية.
الواقع أن تدهور الأحوال للرعاية الطبية في الهيئة الوطنية للأعلام بدأ منذ سنوات والمؤكد أن المسلماني الذي يبذل جهودا إعلامية كثيرة وينتشر بكثافة عبر وسائل الإعلام ليس مسؤولا عن هذا التدهور بل بالفعل منذ 2012 ونحن نعيش مأسي كثيرة بسبب تعقيدات الموافقات الورقية على دخول الحالات الطارئة بدون خطاب من الهيئة.
أحوال تتدهور سنوات
كانت إحدى الكوارث الأخرى هو فسخ التعاقدات مع الغالبية العظمي من المشافى بسبب تراكم الديون على الهيئة الوطنية، وهو ما أعقبه فسخ التعاقدات مع الصيدليات أيضا، والآن أصبح عدد المستشفيات المتعاقد معها ماسبيرو لا يتعدى أصابع اليد الواحدة وتكون محظوظا حينما تجد أحداها قريبا من مسكنك.
ومن الأحداث المحزنة أيضا أن كثير من معامل التحاليل والأشعة أيضا فسخت عقودها مع ماسبيرو، ولعل إذكر الأن في نهاية فبراير/ شباط 1998 تعرضت لحادث كبير أمام محكمة الجيزة نتج عنه كسر مضاعف في الركبة، ونقلني بعض المارة إلى مستشفي أم المصريين، وقد عوملت معاملة ممتازة كوني مخرج في التليفزيون المصري وكنت مصرا على الانتقال لمستشفى أخرى.
وبالفعل تم نقلي لأخرى وتم عمل اللازم وكان كثيرا، ومكثت في المشفى 40 يوما تحت رعاية كاملة، وكل هذا يتم فقط ببطاقة هويتي كمخرج في ماسبيرو وجاء خطاب التحويل من ماسبيرو والتعهد بكافة التكاليف بعدها بيوم أو إثنين، كان هذا ما تعودنا طوال فترة وجود صفوت الشريف كوزير، والواقع أنه استمر حتى نهايات 2010.
بقايا من زمن الرعاة
كان صفوت الشريف رغم كل ما يؤخذ عليه حريصا على أبناء ماسبيرو حرص الأبوة بالفعل، ولا يقبل لنا وهو يعرفنا جيدا بكل أتجاهاتنا أن يقلل أحد أي ما كان منا، وللأمانة أذكر أيضا أن أنس الفقي كان من الناحية الإنسانية فريدا، أتذكر أن مخرجة زميلة كانت تعالج زوجها في القصر العيني الفرنساوي وتوفى الرجل وعليه عشرة آلاف جنيها، لم تستطع زوجته الدفع للخروج به إلى مدفنه، كلمتني في السادسة صباحاأ اغلقت معها واتصلت بالوزير في نفس اللحظة، إذكر أن أنس الفقي قام باللازم على الفور وأصدر قرارا بأن يدفع أحاد الإذاعة والتليفزيون المبلغ ليخرج المتوفي.
تغيرت الأحوال في السنوات العشر الأخيرة كثيرا هناك أكثر من حادثة كان التأخير في دخول المشافي سببا في تضاعف الحالات المرضية أو وفاتها، حادثة شهيرة أيضا في 2015 هي وفاة مدير التصوير الصديق الراحل مصطفى قاسم وهو يعمل داخل الأستوديو فاجئته أزمة قلبية، صعد به الزملاء إلى غرفة العاجل في ماسبيرو ولم يكن هناك غير طبيب شاب أعطاه قرص أسبرين وتركه.
نزل الزميل مع زميل أخر ليبحثا عن مستشفى، الغريب أن كل هذا يتم سيرا في طرقات ماسبيرو، وفي الطريق إلى المستشفى في كان الزميل قد فارق الحياة، وقامت الدنيا وتظاهرنا ولكن لم يستفد أحد من الحادث، ولم يتعظ قيادات ماسبيرو بل أهملوا الرعاية الطبية التي تحصل فوق ما يزيد عن مليون جنيها سنويا.
ليست مسؤوليته كاملة
لست هنا في مساحة لتحميل السيد أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام كل ما مر من تدهور في ماسبيرو ولا في الرعاية الصحية بالمناسبة رغم دفعي أشتراك سنوي لمدة 36 فقد حرمت من ضمن ما حرمت من الرعاية الصحية التي دفعت ثمنها من أجري.
لست ضد محاولات المسلماني في تطوير ماسبيرو وحل مشاكله أن كانت هناك محاولات، ولكن يجب إصلاح المنزل من الداخل، يجب أن يشعر من هم داخل ماسبيرو ومن خدموه وخرجوا إلى التقاعد أنهم ليسوا عالة عليه، وأن حقهم حياة محترمة لا تجعلهم يحتاجون لمد اليد، أو لاستنزاف أعمارهم على بوابات المستشفيات، أيضا لا بد أن يعمل من لازالوا داخل ماسبيرو أنهم محاطون بالرعاية ليست فقط الصحية ولكن المعنوية والمادية.
أخيرا سؤال لرئيس الهيئة هل تعرف عدد المصاعد والدرج في ماسبيرو؟ إذا كانت الإجابة نعم فأنت على الطريق الصحيح، وأم كان لا فستكون عندما تعرفها.
المصدر : الجزيرة مباشر نت
تعليقات
إرسال تعليق
أترك تعليق