يسري فوده يكتب : أيها الصدغ الأعظم هابي بيرث داي


تقول عرافة في أمريكا إنها رأت في منامها أن دونالد ترمب يموت بأزمة قلبية عند الساعة العاشرة يوم 3 سبتمبر (غدًا). للأسف، هي ليست متأكدة مما إذا كانت الساعة العاشرة صباحًا أم مساءً، ولا هي متأكدة مما إذا كان هذا بالتوقيت المحلي أو بأي بتوقيت، لكنها تقول إن أحلامها لم تخطئ أبدًا قبل هذا.

أخطأت أم لم تخطئ، ثمة احتمال كبير في نظر كثيرين في أمريكا وحول العالم أن ترمب لن يكمل دورته الرئاسية. تتحول الكاميرا إذًا وفقًا للدستور الأمريكي - أو ما بقي منه على أية حال - في اتجاه نائبه جيه دي فانس.

قولوا له "هابي بيرث داي"؛ فاليوم يصادف عيد ميلاده الحادي والأربعين. هذا تقريبًا نصف عمر ترمب وبصحة خرتيتية جيدة ترشحه للبقاء طويلًا على سدة عصر التحلل الأمريكي وانهيار نظام ما بعد الحرب العالمية.

هو ثالث أصغر نائب رئيس في تاريخ أمريكا، والدوافع وراء انتقائهم لا تختلف كثيرًا في طريق توسيع شبكة الأصوات أولهم، جون بريكينريدج عام 1857 تحت رئيسه جيمس بوكانن، لأنه أتى من الجنوب أثناء الحرب الأهلية في مقابل الشمال المنتصر. معادل هذا لدى فانس أنه أتى من بين "الكادحين" في مقابل ما يرونه استنزافًا ماديًا  لأمريكا. وثانيهم، ريتشارد نيكسون عام 1953 تحت رئيسه دوايت آيزنهاور، لأنه كان صدغًا سليط اللسان أُلعبانًا بما يسمح لآيزنهاور بالاحتفاظ برونق الثوب الأبيض لبطل الحرب الذي حرر العالم من النازية. معادل هذا لدى فانس أنه يعوض الانفصام العقائدي والعجز الأخلاقي لدى ترمب عن الواقع الذي تسعى إلى إحلاله حركة ماغا.

لكن لدى فانس ما يكفي أيضًا من جهالة وسلاطة لسان وانتهازية وإن كانت بصورة أقل غباءً مما لدى رئيسه. لم يكن كثيرون حول العالم يعرفونه حتى رأوه على الهواء في البيت الأبيض يمزق ضيفًا رئيسًا لدولة صغرى في حالة حرب مع قوة عظمى من المفترض أنها خصم تقليدي استراتيجي لبلاده وللغرب كله.

لا يثير هذا دهشة متابعيه؛ فقبل "انتقائه" احتار في تحديد ما إذا كان ترمب "a**hole مثير للسخرية" أم أنه "هتلر أمريكا"، على حد قوله. ولم يمنعه هذا من خوض الانتخابات معه لاحقًا عندما "انتقوه" لتسهيل أجندة حركة ماغا على قاعدة "الكادحين" الذين عبر عنهم في مذكراته الأكثر مبيعًا.

ثم وقع في حيرة داخلية: ماغا تريد أمريكا للأمريكان وتدوس على أي أحد وأي شيء وأي تاريخ في سبيل ذلك، فماذا إذًا عن الموقف من إسرائيل التي تستنزف المليارات سنويًا من كدح الطبقات التي أتت به؟ قطعة بطاطس ساخنة وجد لها حلًا سريعًا: "أمريكا أولًا مع استثناء إسرائيل"، على حد قوله.

السابع من أكتوبر (طوفان الأقصى)؟ لا، هذا خطأ جو بايدن وحده. أوروبا؟ لا، فهي تعيش عالةً على أمريكا وآن الأوان لتغيير هذا. هي أيضًا في رأيه تقمع حرية التعبير، ولكن فقط لأنها لا تطلق أيدي شركات التقنية الأمريكية العملاقة لتلويث المجتمعات الأوروبية وتعظيم المكاسب المادية، مثلما ترفض الصادرات الغذائية الأمريكية التي لا ترقى لمستوى معايير الجودة الأوروبية. بريطانيا؟ لا، هذه أول دولة نووية إسلامية عن حق في رأيه بدليل انها انتخبت حزب العمال اليساري. المهاجرون؟ لا، يعودون من حيث أتوا، طبعًا باستثناء زوجته ابنة المهاجر الهندي.

هذه فقط عينة من آراء الصدغ الأعظم ومواقفه في انتظار مصير تاجر الشقق. هابي بيرث داي!

تعليقات