محمد حماد يكتب : مسيو ماكرون: هل تعرف معنى الضمير الإنساني؟


في تغريدة فاضحة على منصة "إكس"، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الإفراج الفوري عن الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس، متحدثًا عن "700 يوم من الهمجية والمعاناة والظروف المهينة".

 ماكرون، كغيره من زعماء الغرب، اختار أن يُغمض عينيه عن 700 يوم من القصف والتجويع والتدمير وعمليات الإبادة اليومية التي يعيشها الفلسطينيون في غزة. 

كأن المعاناة لا يُعيد بها إلا حين يكون الضحية إسرائيليًا.

الغرب، الذي يتغنى بحقوق الإنسان، يُمارس انتقائية فجة حين يتعلق الأمر بفلسطين. يُدين احتجاز الرهائن، لكنه يصمت أمام احتجاز شعب بأكمله خلف جدران الحصار. يُندد بالظروف "المهينة" التي يعيشها الأسرى الإسرائيليون، لكنه لا يرى في المجاعة التي فرضتها إسرائيل على غزة أي "إهانة". 

هذه ليست مجرد مفارقة، بل سقوط أخلاقي ممنهج يُعيد إنتاج الاحتلال كـ"رد فعل"، ويُصوّر المقاومة كـ"همجية".

خطاب ماكرون لا يُدين إسرائيل، بل يُبرّئها ضمنيًا، ويُعيد إنتاج سرديتها الأمنية. في الوقت الذي ظهر فيه الأسير الإسرائيلي في فيديو نشرته كتائب القسام، وهو يُحمّل حكومته مسؤولية استمرار الأسر، ويصف نفسه بأنه "أسير لدى نتنياهو وبن غفير وسموتريتش"،

 اختار ماكرون أن يتجاهل هذه الحقيقة، ويُوجّه خطابه لحماس فقط في انحياز مفضوح يُكرّس الاحتلال ويُجمّل وجهه القبيح.

ماكرون لا يُدين الاحتلال، بل يُدين المقاومة. لا يُدين القصف، بل يُدين من يحاول أن يرد عليه. 

لا يرى في المجاعة التي فرضتها إسرائيل على غزة أي "ظروف مهينة"، بل يرى في احتجاز جنود الاحتلال مأساة إنسانية. 

حين يُغرد ماكرون، فهو لا يخاطب العالم، بل يُغازل نتنياهو. 

يتجاهل أن الأسير الإسرائيلي ظهر في فيديو يتهم حكومته بأنها السبب في استمرار الأسر، ويقول بوضوح: "نحن أسرى لدى نتنياهو وبن غفير وسموتريتش".

لكن ماكرون لا يريد أن يسمع هذا الصوت، لأنه لا يبحث عن الحقيقة، بل عن تبرئة الاحتلال.

مأساة الغرب الوحيدة هي أن يُحتجز إسرائيلي، أما أن يُحتجز شعب كامل خلف جدران الحصار، فذلك لا يستحق التغريدة.

تغريدة ماكرون، تدين الغرب الذي يتحدث عن حقوق الإنسان، وهو يسلّح إسرائيل. 

الغرب الذي يُدين العنف، وهو يُبرّر القصف. 

الغرب الذي يتحدث عن الكرامة، وهو يُشارك في سحقها. 

الغرب الذي يدين همجية احتجاز عشرين اسرائيليًا ويغض الطرف عن إبادة شعب تجري كل يوم على رؤوس الأشهاد.

ماكرون، في خطابه المتباكي، لا يُمثل ضميرًا عالميًا، بل يُجسّد انحطاطًا أخلاقيًا غربيًا متراكمًا، يُبرّر القتل حين يكون القاتل إسرائيليًا، ويُدين المقاومة حين تكون فلسطينية. 

مسيو ماكرون،  

هذه ليست مواقف سياسية، بل جرائم أخلاقية تُرتكب باسم الحضارة. وأنت، في كل حرفٍ نطقت به، كنت شاهدًا على سقوط الغرب الأخلاقي.

هل تدرك أن من يتحدث عن "الهمجية" وهو يصمت عن المجازر، لا يُدين الجريمة بل يُشارك في صناعتها؟  

هل تظن أن الإنسانية تُختزل في صورة رهينة، بينما يُمحى شعبٌ كامل من الذاكرة؟  

يا سيد الإليزيه،

  الضمير لا ينتقي ضحاياه، ولا يُفرّق بين دمٍ ودم.  

الضمير لا يُغرد من باريس بينما يُقصف الأطفال في غزة.  

الضمير لا يُدين الأسر، ويُبرّر الإبادة.  

الضمير الحي لا يتباكى على الأسرى العشرين، ويصمت أمام مائة ألف شهيد.

تعليقات