معتز منصور يكتب : المزايدون على الحركة أين الجديد حقاً؟


الرد على خطة ترامب ليس تراجعاً بل تثبيت للثوابت، والجديد الحقيقي عند واشنطن وتل أبيب

منذ أن أعلنت الحركة ردّها على خطة ترامب ذات الـ21 بنداً، علت أصوات المنتقدين والمزايدين. 

بعضهم رأى أن الحركة لم تقدّم جديداً، بل أعادت إنتاج مواقف سابقة، فيما سعى آخرون إلى تصوير ردّها كخطوة إلى الوراء أو تفريطاً ضمنياً. 

غير أن مراجعة موضوعية لمواقف الحركة خلال العامين الأخيرين، تكشف أن ما حدث لم يكن تنازلاً أو انقلاباً على الثوابت، بل تثبيتاً لها، مع اختلاف في اللغة والتكتيك. أما الجديد الحقيقي، فهو في مواقف واشنطن وتل أبيب، لا في مواقف غزة.

ثوابت لم تتغيّر

منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، ظلّت الحركة تربط أي صفقة تبادل بانسحاب إسرائيلي كامل من غزة، ووقف الحرب، وإدخال المساعدات. 

هذا الموقف لم يتبدّل. كذلك، لم يكن قبولها بتشكيل حكومة فلسطينية من التكنوقراط المستقلين جديداً؛ فقد أُدرج هذا البند ضمن اتفاقها مع حركة فتح في كانون الأول/ديسمبر 2024.

ما تجاهلته الحركة

خطة ترامب تضمنت بنداً حول نزع السلاح، غير أن الحركة لم تتطرّق إليه. 

وهذا ليس صدفة: فالمطلب أميركي ـ إسرائيلي قديم، والحركة سبق أن حسمت موقفها منه بربطه بقيام دولة فلسطينية على حدود 1967 (تصريحات الحية، نيسان/أبريل 2024). 

تجاهل البند إذاً ليس تراجعاً، بل استمراراً في الموقف الرافض.

الاختلاف الشكلي

الجديد الوحيد كان في الشكل: ربط الحركة البنود بموقف فلسطيني جامع يستند إلى القوانين والقرارات الدولية، بما يمنح خطابها طابعاً وطنياً شاملاً. 

غير أن الحركة كانت قد رفضت سابقاً أي وصاية أو وجود لقوات أجنبية في غزة (بيان 5 تموز/يوليو 2024). 

أي أن هذا “الجديد” لم يكن سوى إعادة صياغة بلغة أكثر دبلوماسية.

الجديد عند الآخرين

الحقيقة أن التحول لم يكن عند الحركة، بل عند الطرف المقابل. فالولايات المتحدة وإسرائيل، اللتان طالما رفضتا البنود الأساسية التي طرحتها الحركة، عادتا لتُبديا اليوم استعداداً للتعاطي معها. أي أن الجديد يكمن في تراجع مواقفهما، لا في ثبات موقف الحركة.

قراءة أعمق: بين الثبات والتكتيك

الثبات على المبادئ لا يعني الجمود. الحركة لم تغيّر جوهر مواقفها، لكنها أعادت تسويقها ضمن ظروف سياسية متغيرة. 

فهي تحافظ على خطوطها الحمراء، وفي الوقت نفسه تُظهر انفتاحاً على النقاش لتفادي عزل نفسها دولياً. 

هذه القدرة على الجمع بين الثبات والتكتيك تفسر بقاءها لاعباً أساسياً في المعادلة، مهما حاول خصومها التشكيك.

المزايدة على الحركة لا تستند إلى منطق سياسي، بل إلى رغبة في تسجيل نقاط إعلامية. 

فالحركة لم تقدّم تنازلات جديدة، ولم تتراجع عن ثوابتها. أما واشنطن وتل أبيب، فهما من تراجعتا وقبلتا اليوم بما رفضتاه بالأمس.

وبالتالي، فإن السؤال الأجدر بالطرح ليس: لماذا لم تأتِ الحركة بجديد؟، بل: لماذا قبلت أميركا وإسرائيل اليوم بما كانتا ترفضانه على الدوام؟

تعليقات