علي أبو هميلة يكتب : لن يتوقف نتنياهو!


بينما كان ترامب وهو يعلن خطته ليس فقط لاستسلام المقاومة الفلسطينية العاصية على الاستسلام بالقوة الباطشة لكلاهما بل يقضى على الدولة الفلسطينية التي يعترف بها العالم، بل أي حلم بدولة لفلسطين مصرا على استبعاد أي إشارة لها في المستقبل، وكان يفرض شروطه على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تسليم السلاح، تدمير البنية التحتية والأنفاق، خروج القاده والمقاومين، ملاحقتهم سواؤ داخل غزة أة خارجها/ كان نتنياهو يجلس بجواره منتشيا منتصرا كالطاووس فقد حقق ما لم يستطع تحقيقه طوال عامين من الحرب على غزة، وظنا كلاهما أنهما قد وضع حماس في خانة اليك، أو كما يقولول في لعبة الملوك والرؤساء الشطرنج "كش ملك" ولم يتوقعا رد حماس وظنا أنهم وضعوا المقاومة في مواجهة العالم. 

هجمة حماس المرتدة 

توالت الشروط والضغوظ على المقاومة الفلسطينية من كل جانب، ودعا الدعوان إلى الاستسلام المقاومة للتسليم، فقد ظنوا أننا في الدقيقة الأخير ة من المباراة النهائية، وقد أحتسب الخصم والحكم ضربة جزاء ولم يتبقى زمن للمقاومة والنتيجة نهائية، وصرخ المتهافتون " سلم أنفسكم المكان كله محاصر" وتعالت الأصوات لوما وتقريحا وذما ماذا أخذتم من المقاومة؟ لماذا لم تستسلموا، خربتم الديار وقتلتم الصغار وأضعتم القضية! ظنوها فرصة لإعلان صهيونيتهم وانتماءهم اللقيط، قالوا لنا جفت أقلامكم وطويت صحفكم وليس أمامكم سوى الاستسلام لموت الملك (المقاومة) وترك المرمى خالي لمصوب ضربة الجزاء ليسدد في المرمى الخالي من الكبرياء والكرامة وعروق النخوة، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن. 

ليست سفن أسطول الصمود التي كانت في ذات التوقيت تشق طريقها نحو شواطيء غزة وفي البحر المتوسط، ليس للوصول ولا كسر الحصار ولكن لتعلن للعالم أن هناك شعبا يذبح قتلا، جوعا، وعطشا، وأنتم تتفرجون وتلهون وتستمتعون، لكنها سفن السياسة والمقاومة وحرفية اللعب، فالمباراة لم تنتهي بعد وصافرة الحكم القادر الأعلى الحكيم المتعال لم تطلق بعد، وبلغة كرة القدم ارتدت الكرة من قائم المرمى ليمتصها اللاعب السياسي القدير في فريق المقاومة البسالة، وترد المقاومة بهجمة سريعة مرتدة في منطقة جزاء ترامب، نتنياهو، وكل الوقوعيين الذين ينتظرون سقوطنا ليتغنوا بصدق تحليلاتهم وتخاريف عقولهم الصدأة أو الممولة. 

في كرة القدم عندما تسدد عليك كرة صعبة، عليك أن تمتص قوة الكرة، وتلك حرفية لا يمتلكها الغالبية العظمي من لاعبي كرة القدم، الحريف أو الموهوب فقط، وقد فعلتها حماس وفصائل المقاومة بحرفية السياسي لتثبت أنهم ليسوا فقط مقاتلون على درجة عالية من الثبات والإيمان والعقيدة، بل أيضا سياسيون محترفون يجيدون قراءة الأحداث والوقائع ويعرفون كيف يمررون القرار في الوقت الصعب. 

نجاح كبير 

رد حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية على مبادرة ترامب/ نتنياهو كان مبدعا لم يتوقعه أحد فقد وافقت حماس على خطة ترامب وكأنها رفضتها كما أشارت أغلب الصحف والتحليلات السياسية في الصحف العبرية، فهي توافق على تسليم الأسرى والرهائن، والجثامين، ولكن ليكن ذلك في جو يمكنها من التسليم، أي حال وقف إطلاق النار، ووقف الإطلاق النهائي ثم يتم التسليم، وهو ما أعطى ترامب فرصته ليعلن عن الحرب الثامنة التي أوقفها ويؤكد جدارته بنوبل للسلام التي يحلم بها. 

حماس توافق على تسليم السلطة، إذن لن تكون حماس في السلطة القادمة لغزة، ولكن ستكون إدارة غزة لقيادة فلسطينية وإدارة فلسطينية من التكنوقراط الفلسطيني لحين إجراء انتخابات ديمقراطية تحت إشراف الأمم المتحدة، إذن لن تكون هناك حماس في إدارة غزة وهي هنا تفعل كما يقول المصريون "ريح الزبون" ولكن بشروطنا. 

المساعدات تدخل تحت رعاية الأمم المتحدة ومنظماتها وكاملة، وإعادة الأعمار بإشراف عربي، والسلاح للمقاومة وليس للهجوم، وكما قال موسى ابو مرزوق لم يعد هناك سلاح أصلا للتسليم فقد دمرتم كل الأسلحة عبر عامين من الحرب، وما تبقى سلاح فردي ليس في مقدور أحد جمعه ولا تسليمه، والسلاح لمقاومة الاحتلال حق شرعي تؤكده المواثيق الدولية. 

لم تقدم حماس أي تنازل منذ السابع من أكتوبر  2023 في شروطها لإيقاف الحرب أو الهدنة أو الاتفاق، ولكن كانت هجمتها المرتدة تحقق أهدافها لترامب أيقاف الحرب واستعداده لنوبل السلام، وتقول للعالم كله أنها مع إيقاف الحرب والسلام، وأنها غير معنية بحكم غزة ولا إدارتها، حماس تريد السلام هكذا أعلن ترامب وفي هذا نجاح كبير فها هو ترامب الذي يسعى للتهجير، وريفيرا غزة ومشروعاته الاستثمارية وإدارة غزة بسلطة دولية يتزعمها هو يضع حماس في طرف المفاوض معه، ويعترف بكونها قوة أصيلة ولها تواجد دولي للتفاوض معها، بل أكثر من هذا رحب بمواقفة حماس على السلام ونشر بيانها المكتوب بماء الذهب على صفحته بالإنجليزية، 

نتنياهو لن يتوقف 

منذ ساعات الليل وأنا أجمع ملامح هذا المقال اسمع قصف إسرائيلي على غزة، لم يتوقف سوى ساعات قليلة عندما طلب ترامب من الجيش الصهيوني إيقاف الحرب، ولكن نتنياهو بعدما استوعب صدمة رد حماس عاد إلى طبيعته وعاد القصف والقتل والتدمير ليلة الأحد، ولم يسلم منه الأطفال ولا النساء، الشيوخ ولا المباني المتبقية، لقد وضع رد حماس نتنياهو مستقبله أمام العالمن وأمام الداخل الصهيوني الذي لم تتوقف مظاهراته للمطالبة بوقف الحرب، وإستعادة الرهائن. 

لكن هل يمكن لنتنياهو أن يوقف الحرب، الحقيقة أنه حتى لو لم يكن رد حماس بهذه الحنكة والخبرة السياسية ولو وافقت حماس على النقاط العشرين في خطة ترامب بكل مساوئها وكل ذلها واستسلامها فأن نتنياهو لن يتوقف عن الاستمرار في الحرب، فالحرب أن توقفت فهذه نهايته سياسيا، فهو مطلوب دوليا كمجرم حرب بحسب إتهام الجنائية الدولية، وكسياسي فاسد أمام القضاء الصهيوني، واستمرار الحرب تعني محاكمته داخليا أو دوليا، وبالتالي لا فرصة أمامه لنجاح في أي انتخابات إسرائيلية قادمة. 

نتنياهو يحلم ومعه ترامب بحلم إسرائيل الكبرى وهذه ليست وهما لديهما فقط بل لدي اليهود والمسيحية الصهيونية، وبالتالي أيقاف الحرب نهاية مؤقته لهذا الحلم والذي لا يتوقف عن إعلانه مملكة الجنة أو إسرائيل الكبرى التي تضم فلسطين، الأردن، مصر، سوريا، وأجزاء من العراق، السعودية، وتركيا، حلم يجد فيه نتنياهو وترامب خلاصهما، وأي تداول لفكرة إيقاف حرب غزة وبالمنطق التي تطرحه حماس هو نهاية أحلام نتنياهو، وفي النهاية الطاووس الذي يسمى نتنياهو لن يهدأ، ولكن هذا ليس فقط بل النهاية القدرية لكل ما تم من مظالم وقتل وتدمير، هل نظن أن الله سيترك ذلك بلا عقاب، أو هل نظن أن الله لن يمنحنا ويمنح أهل غزة وفلسطين جزاء الصبر والاحتساب والإيمان، لا وسيقف شيطان تنتياهو فوق رأسه ليوهمه أكثر بحلمه كرئيس وزراء إسرائيل الكبرى حتى يلقى نتنياهو مصيره، ونحن نثق أن نصرا من الله وفتحا قريب ونثق أن غرور نتنياهو وطاوسية ترامب فيها نهاية هذا الكيان اللقيط. 

المصدر : الجزيرة مباشر نت 

تعليقات