يمضي الزمان بدائرته الطاحنة مخلفا أحداثا وشخوصا.. طاويا أجيالا وأحلاما وأرواحا.. وتبرز مدوناته متراوحة بين أزمان الفعل.. ماض وحاضر ومستقبل.. إلا في منطقتنا التعيسة.. تتجمد حركة الزمن وتبدو" الأرض واقفة كأنما الأرض فرت من ثوانيها" كما يسطر الراحل " نزار قباني".. لا تاريخ لنا.. محض ذكريات.. نكبات.. نكسات.. ملمات.. ويعيد التاريخ نفسه بذات حروفه وتقلباته.. ولم لا؟.. ونحن قوم لا نقرأ.. ولا نعي.. ولا ننتفض..
يعود " طوني بلير" من زوايا النسيان " مندوبا ساميا" و راع جديد وبطلا مضحيا لآجل أنهاء المقتلة الدائرة في" قطاع غزة." هكذا تتوجه خطة" العم سام" حاكما لسلطة أنتقالية في " غزة".. هو حفيد " اللورد كرومر" الذي جاء منذ قرن ونيف لتحضيرنا.. وربما ذو صلة نسب "بلورانس" الذي وهب ذاته لتحريرنا.. لعله أيضا جار لأحفاد " هربرت صموئيل" أول مندوب سام بعد وعد " بلفور".. ويقال أنه يعكف الآن على قراءة مذكرات" الجنرال جلوب" قائد جيوش العز والنصر..
هو ذاته الذي كان يصور في الأغان الهزلية ورسوم الكاريكاتور ككلب مخلص "لجورج بوش الأبن".. نعم ذات الرجل ذو اللهجة الناعمة أحد طرفي العدوان على" العراق" العام ٢٠٠٣ وتدميره.. بعد ثلاثة عشر عاما من الغزو الغاشم صرح قائلا :"كان ذلك القرار هو الأكثر صعوبة الذي اتخذته، وقمت بذلك بحسن نية".وأضاف رئيس الوزراء البريطاني العمالي الأسبق: "أنا أتحمل كامل المسؤولية وأعبر عن ألمي وأسفي وأقدم اعتذاراتي". لكنه قال: " لم تكن هناك أكاذيب، لم يتم تضليل الحكومة والبرلمان ولم يكن هناك التزام سري بالحرب".. هو يعتذر لشعبه لا للعراقيين.. كان حسن النية.. لم يكذب.. فقط معلومات أستخبارية غير موثوقة أدت لمقتل نحو مليون عراقي.. هو نفس الوجه الذي قاد اللجنة الرباعية لأيجاد حل للقضية" الفلسطينية "،نحو ثمان سنوات شهدت أربع حروب على" قطاع غزة "..و توسع حركة "الأستيطان" والتهجير والضم في " الضفة".
يعود الآن كائنا آثيريا محلقا مضحيا بذاته.. أي نفس رؤومة تلك التي تزج بذاتها في جحيم " القطاع" ؟.. سيبدو وجهه وقد غزته التجاعيد.. شعره وقد أحتله الشيب.. لكن له ذات النبرة الهادئة.. وهو يقود قوات عربية عليها نزع سلاح" حما - س ".. وضمان الأمن في " القطاع".. ومشرفا على الأموال العربية التي ستعيد أعماره.. ثم سيصبح هناك دورا " للسلطة الفلسطينية" بعد عمر من الزمان لا تحدده الخطة.. - ترى هل يكون أبو مازن حيا وقتها كي يهنئ اليهو - د بأعيادهم ؟-.. تلك هي خطة مولانا الأكبر "ترامب ".. ولكن هل هناك من حل بديل؟.. ألم يمدح قادة الدول الأسلامية خطته وجهوده ؟.. أما عن المخاطر وتجاهل " الفلسطينيون " أصحاب القضية ذاتهم تماما من خطة الحل.. وأنعدام الضمانات الحقيقية.. كل تلك الأسئلة المؤرقة يمكن تجاهلها تماما.. حتى لو تحققت كل المخاوف.. يكفي " حسن النية".. وأعتذارا مهذبا.. منطوقا بنبرة هادئة من سيدنا المندوب السامي الجديد.. وقد زادت ملامحه وقارا.. وصوته لطفا.. وسيرته جدلا..
تعليقات
إرسال تعليق
أترك تعليق