الرئيس الأميركي أعلن خطة السلام التي وعد بها الشرق الأوسط أثناء لقائه مع رئيس وزراء العدو في البيت الأبيض..ماذا تقول الخطة؟..تسليم الرهائن فورًا..في مقابل انسحاب العدو نهائيًا؟..لأ طبعًا..الانسحاب سيكون تدريجيًا بلا سقف ولا جدول زمني..مجرد وعد نعلم جيدًا أنه لن يتم أبدًا..ثم ماذا بعد؟..تسليم العتاد طبعًا وإفناء الحركة الخضراء من الوجود..طيب سنفترض إنه تمام يعني..أكيد سوف يتولى أهالينا من فصائل أخرى أو تكنوقراط الحكم؟..لأ..ترامب أعلن أنه سوف يتم تشكيل هيئة دولية لإدارة القطاع، وسوف يترأسها ترامب نفسه بناء على طلب الجميع بمن فيهم الزعماء العرب..طيب سوف يعيّن على الأقل أناس من أهالينا؟..لأ..هيئة دولية من شخصيات بارزة من دول كثيرة ومنهم توني بلير رئيس الوزراء البريطاني السابق..هذه هي الخطة فعلًا..
خطة تقوم على إلقاء السلاح وإسكات صوت الأبطال نهائيًا، وإجبارهم على تسليم الكارت الأخير المتبقي لديهم..القابعين تحت الأرض..مقابل وعد بالانسحاب..وبدل الاحتلال سوف يكون لدينا احتلالان..أميركي على قمة السلطة لأول مرة في القطاع، وعبري على الأرض يكوي الأهالي بمدافعه..يعني حتى ترامب لم يكلّف نفسه ويستدعي عملاء الاحتلال في رام الله من أجل الحكم ولو بشكل صوري، لأ هو احتلال بشكل علني والأميركيون سوف يديرون القطاع من لانجلي..وهذه مهزلة لم نرى لها مثيلًا في التاريخ..يعني حتى أميركا لما حكمت العراق بشكل مؤقت قبل نقل السلطة، كانت قوة احتلال فعلية على الأرض، فطبيعي تعيّن ممثل للحكم وكان بول بريمر..إنما من وراء الخيال أن يحكم الرئيس الأميركي أرضًا لا تشارك بلاده باحتلالها بالقوة المباشرة..وهل رأى الإنسان منذ اختراع المواثيق والعهود فجرًا كهذا؟
هذه الخطّة بالمللي هي خطة ترامب الأولى..أن يحول غزة لريفييرا أميركية..حيث تُقام المستوطنات للعدو والشواطيء لترامب والأبراج الزجاجية لأولاده..في البداية كانت الخطة تنقل على شكل تسريبات..اليوم فقط يجرؤ ترامب على إعلان رغبته في حكم القطاع بشكل مباشر..ولم لا يجرؤ ترامب وهو يقول بنفسه أن الكثير من زعماء العرب طلبوا منه ذلك؟..هذه الخطة هي تصفية نهائية للقضية..استعمار أميركي مباشر وصريح ولا لبس فيه..وتحويل الباقيين من أهالينا لكائنات وظيفتها الأكل والشرب وإعادة تأهيلها لكي يصبح أكثرية السكان مخبرين للاحتلال مقابل المساعدات وهذا قاله رئيس وزراء العدو نصًا بتغيير المناهج التعليمية في فترة إعادة التأهيل الأميركية..ومن سوف يدفع الفواتير..فواتير إعادة الإعمار بعشرات المليارات؟..العرب..وبالتحديد الدول الخليجية الثرية التي من مصلحتها إخصاء القطاع حتى يتم تهيئة الأجواء للتطبيع الشامل، والانتهاء مرة واحدة وأخيرة من معسكر الرافضين في المنطقة..والحسنة الوحيدة كما يراها ترامب..أنه لن يكون هناك تهجير..وتلك أكذوبة.
ربما لا يكون هناك تهجير كلاسيكي صوب مصر أو دولة أخرى..لكن واقع الأمر أن العدو قام بالفعل بإنشاء بذرة التهجير ولا يوجد بند واحد يمنعه من المضي قدمًا في خطته..الضغط لتهجير 400 ألف خلال الأسبوعين الماضيين وفوقهم مائتي ألف سابقين صوب الجنوب، وسوف يكمل العدو خطته بهدف إفراغ المساحات الحيوية والمفيدة من القطاع من السكان، الذين سوف يهجرون إلى مساحات ضيقة من الخيام على أن يتم فرز المتعاون منهم والضغط على الباقي لقبول حياة الخيام أو هجرة لدولة عالمثالثية بباسبور رديء..ماذا لو رفضت الحركة الخضراء؟..هنا سوف يعطي ترامب لرئيس وزراء العدو شيك على بياض للمحو الكامل خلال ثلاثة أيام فقط من تاريخ اليوم كما وعد..وبعده كذلك سوف يأتي ترامب للحكم..وكأن أميركا قد قررت أنه مهما كان موقف الحركة الخضراء..فالاحتلال قادم لا مُحال..وطبعًا حال ما أصبح المختل ترامب رئيسًا للقطاع، سوف يعتبر أن أي رصاصة تُطلق أو أي جيوب تُجمع بمثابة اعتداء على أميركا نفسها، ويصبح الأميركيون للمرة الأولى قوة القمع الأولى، ولا حاجة لجسر جوي لنقل الطائرات للعبريين..بل سوف تقوم القاذفات الأميركية بدورها بطيارين من كاليفورنيا.
مهزلة..إثنان من المختلين يجلسان ليقررا شأن العالم..شأن منطقة عربية..عبر منع أي حكم عربي فيها..واستقدام حقراء العالم لقيادتها..ترامب وبلير..مختلين يقولان على الهواء أنهما سيوقعان وثائق تدعم تلك الخطة..ولا شأن لأي من أهالينا حتى بالوجود الرمزي..وتبدأ مرحلة من العبودية العبرية المطلقة للمنطقة..شنّ حرب وارتكاب إبا** ثم مكافأة المجرم بالسيطرة الأمنية وإعطاء هدية للشريك الأميركي بالاحتلال السياسي والاقتصادي..ويجلس كلاهما وأقدامه في وجه العالم.
لا دولة مستقلة، لا حل دولتين، لا أي شيء..فقط تحويل القضية من مسألة سياسية بين شعب يطالب بالحرية وبين مستعمر..إلى قضية تقنية..وكأنهم دواب لا يعنيهم من يحكمهم، فقط الطعام..هذا هو السلام الأميركي..وتلك هي المعادلة التي سوف يجري تطبيقها في بلدن أخرى إذا ما استقرت تلك الخطة الأميركية..ترويع لا مثيل له، ثم جلوس المستعمرين لتقاسم الغنائم كما كان الحال في موجات الاستعمار الكلاسيكي في مؤتمر برلين 1885..وما رأيت في العالم منذ مائة وخمسين سنة على الأقل نموذجا بتلك الفداحة الاستعمارية الوقحة..ترامب ليس وسيط، أميركا ليست شريك..هي العدو الأول..العدو الذي يأتمنه العرب على موادرهم وثرواتهم وعقودهم التريليونية ويمولون خطته من وراء الستار..بئس ذلك الزمان !
تعليقات
إرسال تعليق
أترك تعليق