المشهد الإنتخابي الحالي هو في حقيقة الأمر إنعكاس لحال السياسة في مصر الآن ، فلا يمكن الفصل ما بين أصل المشكلة المتمثل في قانون الإنتخابات الذي انتقده أغلب ساسة وكتاب مصر ، وبين ما نراه الآن من مظاهر إنتخابية مريضة .
لقد بح الصوت حول عيوب القائمة المطلقة ، بل وأنها نالت من السهام في الحوار الوطني أكثر مما نال أي موضوع آخر ، ولكن كان هناك إصرار علي بقاء الأمر علي حاله ، وهو في الحقيقة بقاء الفيروس الذي يقتل السياسة والتمثيل الشعبي ، ولذلك نجد أن مجلس النواب القادم قد " تعين " نصف أعضائه بالتزكية من خلال قائمة واحدة بلا أي منافسة .
انشغل الإعلام بمحاولات التجميل كالعادة، وطفق يهلل لزحام غير مسبوق أمام اللجان، والعروسان اللذان أصرا علي ترك "الكوشة" والتوجه بثياب الزفاف إلي اللجنة الإنتخابية، والمريض المحمول علي نقالة وجواره أنبوبة أكسجين وهو يدلي بصوته ..إلي آخر هذه الصور المضحكة التي تؤكد حالة الإنكار وخداع النفس .
قبل أن يتدخل رئيس الدولة للإصلاح بشكل مباشر ، كان الجميع يدرك أن المقاعد النيابية صارت معروضة في مزاد المال السياسي ، حيث وصل سعر المقعد إلي ما يزيد علي خمسين مليون جنيهاً بشهادة بعض أعضاء أحزاب الموالاة أنفسهم ، بل وتزايدت ظاهرة " سماسرة " الإنتخابات الذين يمارسون مهنتهم أمام اللجان الإنتخابية .
وأصدرت الهيئة الوطنية للإنتخابات قرارها بإلغاء بعض نتائج اللجان ، رغم أن السؤال الأهم هو ما الدور المناط بهذه الهيئة الموقرة ، لأنه من البديهي أن هذا الدور يزيد كثيرا عن مجرد " عد " عدد الأصوات في الصناديق ، فهي مسؤولة عن العملية الإنتخابية برمتها ، قبل أن تبدأ من خلال التأكد من توفر المناخ المناسب ، والتزام كل الأطراف بالمحددات القانونية ، سواء قبل أو أثناء أو بعد عملية التصويت .
أن العرس الإنتخابي قد يكون عرسا لم يحضر فيه أصحاب الفرح ، بل وغاب عنه المأذون ، فكيف يتوقع أحد أن نتيجة الزفاف تكون شرعية؟

تعليقات
إرسال تعليق
أترك تعليق