علي أبو هميلة يكتب : بحر الدراما التركية هذا الموسم يفيض


خلال هذا الأسبوع يدخل مجال الخدمة الدرامية عبر الشاشات التركية 7 مسلسلات جديدة  ليصل عدد المسلسلات الدرامية المنتجة والمذاعة هذا الموسم الذي بدأ في منتصف سبتمبر أيلول الماضي إلى 32 عملا دراميا بينها ما لا يقل عن عشرين عملا جديدا، بينما الباقي مسلسلات استمرت من الموسم السابق، والذي قبله، هذا العدد من الأعمال الدرامية المستمرة هي التي نجت من مقص المشاهد، وليس الرقيب، فاستمرار الأعمال الدرامية يعتمد على نسبة المشاهدة، ولا يتدخل مقص الرقيب في الأعمال المنتجة في الدراما التركية أصلا، فطبيعة المجتمع المفتوح في الدولة يتيح لكل الأفكار الانتشار والأنتاج، وتعتبر حادثة غير طبيعية إيقاف عمل درامي ويكون ذلك نتاج الاصطدام مع القيم المجتمعية خاصة في ظل انتشار القيم المجتمعية المتحفظة نتيجة تزايد نسبة التعليم المنتمي للقيم الاجتماعية الأصيلة. 

هذا البحر سوف يفيض 

في تقييم لنسب المشاهدة الاسبوع الأخير لوحظ أن هناك عملان من الأعمال الدرامية المستمرة من المواسم الماضية يتصدران قائمة الأكثر مشاهدة وهما المدينة البعيدة في موسمه الثاني، وهو عمل درامي يتناول الحياة في ولاية ماردين، العمل أجتماعي عشائري ويتناول القيم التي تحكم العائلات الكبيرة في ماردين والصراع على السلطة والنفوذ، وقد حقق نسب مشاهدة تخطت 16.1 وجاء في المركز الأول، بينما جاء العمل الاجتماعي حلم أشرف في المركز الثالث بنسبة وصلت 8.14 وهو مسلسل يتناول مجتمع رجال الأعمال في تركيا  شاب يولجه الصعباب بين الجريمة والحب، ويحاول حماية الأيتام من حوله، وقد تمت الفكرة في عملين سابقين ولكن لم يكتب لهما النجاح الكبير وإبرزهم كان في العمل الدرامي المتوحش للممثل التركي سوري الأصل خالد أوذجار، وجاء العمل الدرامي هذا البحر سوف يفيض بفريق عمله والصراع الدرامي فيه ليحتل المركز الثاني في نسب المشاهدة محققا نجاحا جماهيريا فائقا في أسبوعه الخامس، ويعتلي نجومه دينير بايسال، وأولاش تونا، البطلة دينيز هي الممثلة الأولى في تاريخ TRT التي تحقق نسبة مشاهدة +10 في عملين هما المنظمة وهذا البحر سوف يفيض، وأولاش الذي خرج من تجربة ليست ناجحة هي الغرفة المزدوجة فقد حقق النجاح نفسه في عملين مرتبطين بالبحر الأسود هما أسرح لها أيها البحر الأسود، وهذا البحر سوف يفيض. 

هذا البحر سوف يفيض الذي أصبح نجومه حديث المجتمع التركي يتناول قصة الصراع بين عائلتين في قريتين متجاوريتين في ولاية طرابزون، وقصة حب بين فتاة وشاب من العائلتين، وصراع الثأر والنفوذ بين القريتين، ويتألق فيه عدد من الممثلين الأتراك ولعل أبرزهم الممثلة ذات الوجه الملائكي والثمانية عشر عاما أفا يامان التي تؤدي دور إيليني ببرائتها منقطعة النظير وتلقائيتها، وقد حازت على حب وتعاطف أغلب الجمهور التركي، وتذكر الجمهور ببطلة المواسم الأربعة الأخيرة في مسلسل المؤسس عثمان أوزجي تورير التي أدت دور بالا زوجة عثمان. 

ورد وذنوب والخليفة 

العمل الذي احتل المركز الرابع هو مسلسل ورد وذنوب، العمل الذي يعود به مراد يلدريم إلى الدراما بعد غياب وأعمال ليست موفقة ومعه النجمة جيمري بايسال، والعمل حول رجل أعمال ناجح يصطدم بحقيقة أن زوجته خانته وأنجبت طفلة (قدر) وتلتقي جارة الطفلة بها وتأخذها إلى أمها التي تتعرض لمحاولة قتل، وتعيش قدر وجارتها زينب (البطلة) في قصر البطل الذي يحاول معرفة والد قدر خاصة أن المشتبه فيه بالقرب منه ويدخل منزله بيسر، العمل فيه إثارة، خيانة، وصراع العواطف وخاصة أن رجل الأعمال كان محبا لزوجته.

يأتي العمل الدرامي الخليفة أو نداء الجذور في المركز الخامس بنسب تقترب من 7.28 عن حياة طبيب جراج شهير في تركيا أبن لأحد الأغاوات في ولاية أورفا ويلتقى مع ملاك أبنة إسطنبول ويتزوجها، ويطلب منه والده الأغا في أورفا العودة للمدينة ليتزوج أبنة أغا اخر فدية ثأر، يعود سرحات الطبيب، وتلحق به زوجته التي تفاجأ بزيجته، ثم تكتشف أنها أبنة نفس المكان، والمسلسل عن صراع الخلافة في العائلات الكبيرة وصراع الأغاوات على السلطة والمال، هذا المسلسل رغم تقدمه نحو الأعلى مشاهدة إلا أنه مهدد بالتوقف لمشاكل في القناة المنتجة له فقد تعرضت القناة لعديد من المشاكل والمخالفات المالية والإدارية مما يهدد بتوقف أنتاجها الدرامي وهم أعمال الخليفة، المحتالون، الحسد، حياة ليمان، وأطفال جنة وهي مسلسلات تقع في المنطقة المتوسطة بين الأعمال التركية من حيث نسب المشاهدة. 

ملاحظات عابرة 

الأنتاج الدرامي التركي يتصاعد كل عام وتتسع دوائر الأنتاج أعتمادا على الأفكار ذات الطابع الاجتماعي، والعشائري الذي تنتناول المجتمع والقيم المجتمعية في الولايات التركية فقد شاهدنا هذا الموسم أكثر من ستة أعمال تنتناول القيم الاجتماعية والعائلية في تلك الولايات منها ثلاثة أعمال أشرنا لهم سابقا، وأيضا أطفال جنة وهو العمل الذي أعاد الممثل التركي إسماعيل حاجي إلى الدراما بعد توقف عمله السابق لا تبك يا إسطنبول، عيناك كالبحر الأسود وتدور أحداثه في ولاية ريزا، المشردون أيضا تدور بعض أحداثه عن عائلات ماردين، حياة ليمان وتدرو أحداثه حول أربعة صديقات في المرحلة الثانوية يتورطون في عدة جرائم منها مقتل رجل بوليس في بلاغ كاذب، وبعد 25 عاما تعود أبنته للقرية بتنتقم منهم، ويعاد التاريخ في أبنائهم طلاب نفس المدرسة الثانوية. 

العملان التاريخيان المؤسس أورهان في الحلقة الثانية منه يتقدم إلى المركز العاشر في نسب المشاهدة، وقد استخوذ النقاش حول العمل عن استبدال ممثل شخصية أروهان في السلسلة السابقة المؤسس عثمان الممثل إيمري باي الذي انفصل عن العملا، ومدى ملائمة الممثل الجديد مارت يازجي أوغلو للعمل، وبدأت النقاشات حول إداء الممثل للدور منذ أوولي مشاهد العمل، وأن كانت الحلقة الثانية قد بدأت في تجميع المشاهد حول العمل والممثل، والواقع أن الشحصيتين دراميا فيهما اختلاف كبير فإيمري كان ممثل للشخصية قبل تسع سنوات، كما أن العمل مفروض دراميا مختلف عن المؤسس عثمان،  هنا شخصية قيادية جديدة بعيدا عن ولاية عثمان، والأحداث مختلفة والحكم علي الشخصية والدراما يجب أن يكون بعد تتالي حلقاته ولا يجب الحكم الأن لا على التأليف ولا التمثيل. 

الفاتح يتأخر جماهيريا 

العمل التاريحي الثاني هذا الموسم هو سلطان الفتوحات محمد الفاتح الذي يدخل موسمه الثالث بالحلقة العاشرة التي إذيعت بالأمس، ويحتل أيضا المركز الخامس عشر في نسب المشاهدة، وهو مركز متأخر في الترتيب ونسبة إلى الفترة التاريخية الخاصة بالفتوحات العثمانية فيما بعد إسلامبول (إسطنبول) والصراع التاريخي الكبير بين الفاتح وولاية بنطس (طرابزون) وفتحها، ربما المشاهد التركي قد تشبع من الأعمال التاريخية بعد سلسلة أعمال كثيرة شهدتها الدراما التركية، لكن لا زال سلطان الفتوحات يتمتع بنص درامي محكم ومبدع، أيضا فريق عمل من الممثلين والأخراج رائعين، إضافة إلى تضاءل حجم الأدوار النسائية وهو ما يعيبه المشاهد في أعمال مثل أورهان، وايضا كان الحال في المؤسس عثمان. 

ملاحظة أخرى شهدتها الأعمال التركية التي استمرت بدفع نسب المشاهدة حيث يلجأ المؤلفون إلى استحداث وقائع خارجة عن الواقع الدرامي من أجل الاستمرار، ولكن هذه الأحداث المفتعلة والخيالية لا أظنها تنطلي على المشاهد مثل إعادة الأحداث بشخصيات أخرى، أو أعادة حدث بشكل مختلف مما يجعل المشاهد يعتقد بغباء الشخصيات الدرامية، وقد حدث هذا في مسلسل دين الروح وانحدرت نسبة المشاهدة بعد أربع حلقات من موسمه الثاني، وقد قام مؤلفو عدة أعمال بإعادة أموات إلى الأحداث في الحلقات الأخيرة من أعمالهم مثل عودة شخصية بوران زوج عاليا بطلة مسلسل المدينة البعيدة وشقيق زوجها الحالي جيهان، عودة أم عزيزة التي قتلت في مسلسل المشردون، أخيرا إفاقة براق بطلة مسلسل ورد وذنوب من الغيبوبة الطويلة، وهو ما حدث مع الأم في مسلسل الحسد وعودتها لأعمالها الإجرامية، كل هذه الأحداث تتم فقط من أجل مد عمر العمل الدرامي لاستثمار نسب المشاهدة العالية، ولنا عودة أخرى مع الدراما التركية. 

المصدر : الجزيرة مباشر نت 




تعليقات