لا يزال المسلسل التركي هذا البحر سوف يفيض يتقدم بصورة مذهلة في استفتاءات المشاهدين على مستوى الدراما التركية محققا أرقام في نسب المشاهدة لم يشهدها أعمال درامية كبيرة، وتخطى العمل أهم عملان في الموسم الماضي وهما المدينة البعيدة الذي استمر لمدة عام ونصف في المرتبة الأولى، وحلم أشرف الذي نافس المدينة البعيدة بقوة في التربع على قمة المشاهدات، وهذا العام يأتي العمل الرومانسي هذا البحر سوف يفيض ليتربع على قمة المشاهدات في أسبوعه الثامن، بل وصل النجاح إلى أبطاله بينار بايسال في دور أسماء البطلة الرئيسة للعمل التي أصبحت النجمة الأولى في تركيا الآن، ومعها أولاس تونا في دور عادل كوتشاري بطل العمل، أيضا كان النجاح من نصيب أصحاب الأدوار الثانية مثل زينب أتيلجان التي حصدت جائزة أفصل ممثلة مساعدة بعد تألقها في دور فاطمة كوتشاري، بينما كانت الواعدة آفا يامان صاحب أجمل وجه درامي صاعد بعد تألقها في دور إيليني في العمل.
عادل كوتشاري وأسماء فورتينا يعيدان الرومانسية
أهم ما يميز العمل الدرامي هذا البحر سوف يفيض الذي إذيعت حلقته الثامنة مساء الجمعة هي الحالة الرمانسية الناعمة التي تشع من أرجاء العمل مصاحبة لموسيقى ناعمة أبدعها الكاتب،والشاعر والموسيقار المطرب التركي يوسكال بلطجي، وهو مطرب صاحب أحساس راقي، وهو مؤلف جميع أغاني العمل وتؤديها أبنته أليف بلطجي على لسان بطلة العمل بينار بايسال، وكان قد اشتهر بإغنيته حرام التي جاءت في العمل الدرامي (أشرح لها أيها البحر) وكانت البطولة ايضا من نصيب أولاش تونا في دوره الذي حقق نجاحا كبيرا أيضا.
ثلاث مستويات للرومانسية قدمها هذا العمل الذي يحطى بمتابعة تركية وعربية كبيرة ويعيد إلى الشاشة التركية بهاء القصة الرومانسية الناعمة التي تتسم بالاحترام والوقار، فالملاحظة الأولى على هذا العمل الناعم تأتي من الملابس الخاصة بالممثلين في العمل والذي يقدمون أحداث أجتماعية عائلية في قريتين من قرى ولاية طرابزون على ساحل البحر الأسود، الملابس، وتصرفات الأدوار تعكس الوسط المحيط والكتحرم في تلك الولاية فلا ملابس كاشفة، ولا تصرفات عاطفية فجة لا قبلات، ولا أحضان حتى مشاهد غرف النوم في مشاهد عائلية راقية.
المستوى الأول الرومانسي هي حكاية حب بين شاب عادل كوتشاري، وفتاه تعمل في قصر عائلة في قرية مجاورة بينما قصة ثأر دم، عادل أبن آل كوتشاري يتعرف على أسماء وتنشا بينهما قصة حب، يتزوجان على يد مأذون، ولكن آل فورتينا عندما يعرفون القصة يتأمرون عليهم ويفرقون بينهما، أسماء كانت حامل لأجل هذا تقع تحت ضغط العائلة وخوفا على عادل لتتزوج من شريف فورتينا قاتل والد عادل ووالدته، ويخدعون أسماء ببيع طفلتها لطبيب وطبيبة يونانية ويخبرون أسماء أن الطفلة ماتت أثناء الولادة.
البحث عن الجذور
تبدأ أحداث العمل بعودة الطبيبة أيليني التي توفي والدها الذي تبناها في خطاب أنها أبنة امرأة من قرية فورتينا بطرابزون وأنها متبناة، تصل إيليني لتبدأ رحلة البحث عن أمها، يساعدها عادل كوتشاري والدها الذي لا يعرف، قصة حب رومانسية ناعمة تذكر بالقصص الرومانسية الخالدة روميو وجوليت، وقصص الأساطير الشعبية مثل حسن ونعيمة المصرية، البطلان رغم مرور عشرون عاما لا تزال تربط بينهما مشاعر الحب الناعمة والراقية، عادل لا يزال يعيش في ذكريات قصة حبه ولم يرتبط، واسماء كان شرطها لشريف زوجها أن يظلا أخوة رغم عقد قرانهما، وتتعامل معه من هذا المنطق فهي لا تزال تعشق عادل.
محاولات التفريق بين عادل كانت عن طريق شريف الذي يعشق اسماء في صمت، هجران التي كانت تحب عادل أحدى فتيات قرية فورتينا، وظريفة التي تكن عداء لآل كونشاري الذين قتلوا زوجها شقيق شريف، والقاتل والد عادل كوتشاري، فرقوا بينهما وباعوا طفلتهما، والآن يخططان للتخلص من أبنتهما التي جاءت للقرية كطبيبة حتى تجد أمها تعرف جذورها، عادل يشعر بعاطفة تجاه الفتاة إيليني ويساعدها للوصول لأمها، أسماء لديها نفس الشعور، يلتقى عادل وأسماء الحبيبان في التعاطف مع أيليني، وأثناء ذلك تظهر مشاعر الحب بينما في مزج بين ماضي حالم، وحاضر تتجدد فيه المشاعر مزدانة بإخلاق راقية.
رومانسية بين الأب وأبنته
المستوى الثاني الرومانسي في العمل هو علاقة عادل كوتشاري وإيليني الطبيبة علاقة حب لا يدريان أسبابها فهو يجد فيه أبنة لم يظفر بها من حبيبته أسماء، وهي تجد فيه حنان الأب الذي افتقدته بوفاة مربيها، المشاعر النبيلة الراقية تغمر هذه العلاقة وتصل لحد التطابق في النظرات والتصرفات، يشعر المشاهد أنه أمام نسختين لشخصية واحدة الأب وأبنته، حركات الوجه، نظرات العيون وتعبيراتها، لدرجة تعليق مشاهدة أن من لا يعرف الممثلين يظن أنهما بالفعل رجل وأبنته حتى أبنته ربما لا تشبهه لهذه الدرجة، علاقة يغلفها الحنان المتدفق، الدفء، والحب الطاغي، التشابة الكبير في الصورة أيضا خلق تعاطفا كبيرا بين البطل أولاش، والوجه الجديد الصاعد آفا، ومن خلال علاقتهما تظهر علاقة العمة فاطمة كوتشاري مع الطبيبة إيليني التي لا تعرف أنها أبنه أخيها وأدت الدور زينب أتيلجان، واتسمت العلاقة برومانسية عائلية ومحبة كبيرة بينهما وهم في عمر واحد تقريبا.
المستوى الثالث في الرومانسية هو في العلاقة العائلية سواء التي تربط عائلة كوتشاري ببعضها، وعلاقة العائلة مع أهل القرية الذي يعملون في قريتهم التي هي أحد أكبر القرى في إنتاج الماشية، ورغم أن عائلة فورتينا تمثل الجانب الشرير في العمل إلا أن العلاقة العائلية مترابطة جدا بين الجدة شرين فورتينا، الأبن شريفن زوجة الأبن ظريفة، وأسماء، والاحفاد عروج، وأيسو، ما يميز علاقة عائلة كوتشاري هو الترابط الكبير بينهما الذي يقوده ويقوم بالدور الأكبر في عادل خاصة مع شقيقته فاطمة وأبناء عمومته، بينما يظل الطرف الأخر منقسما بين فريقين يمثلان الشر والخير في العائلة.
المخرج واختيار فريق العمل
لا شك أن مخرج العمل الدرامي هذا البحر سوف يفيض قد أبدع في أختيار فريق عمله من طرفي الصراع فقد أجاد في تسكين الفريق الذي يمثل عائلة كوتشاري وجعل بينهم تشابا كبيرا في الملامح الشكلية خاصة أولاش، ،آفا، وزينب في أدوار الأب والأبنة والعمة فجعل بينما تقارب في الملامح كبيرا، وظهرت سمة اللون الأشقر متوحدا مع باقي العائلة مما يعكس تناسقا أخلاقيا ودراميا، بينما على الجانب الأخر ظهر تنافر الشكل في عائلة فورتينا، بينما تجد أطراف الخير المعتدلة في العمل ممثلة في شرين الجدة والأحفاد عروج، وأيسو قريبة الملامح جدا بل يميلوا إلى ملامح آل كوتشاري الشقراء، نجد أن شريف، وظريفة يميلان إلى ملامح واحدة لكنها ليست متشابهه مع باقي العائلة ويعكسان ملامح الشر والجريمة.
تميز العمل أيضا بإيقاعه السريع جدا في الأحداث، ويقع بين الرومانسيى في مشاهده، ومشاهد الحركة والصراع في المعارك المتتالية بين القريتين من قتل، حرقن وتدمير، إلى جانب الإثارة الناتجة عن البحث عن الأم (أسماء) وصراع شريف، وظريفة للتخلص من الأبنة، هذا الصراع متعدد المستويات خلق للعمل أثارة وتشويق كبيرين، ويجيء في المستوى الثالث من جماليات الصورة لفريق الإخراج جمال المناظر الطبيعية في ولاية طرابزون حيث مزراع الشاي، ومراعي الماشية، وحركة الفلاحين والعاملين في تلك الحقول التي خلقت مساحة كبيرة من جمال المشاهد التي تسعد عين المشاهد، ولتجعل العائلة التركية والعربية تلتف حول عمل يعيد بهجة الرومانسية الراقية إلى الشاشة التركية، وللرومانسية أعمال أخرى في الموسم الدرامي التركي الحالي.
المصدر : الجزيرة مباشر نت
.jpeg)
تعليقات
إرسال تعليق
أترك تعليق