تتصاعد موجات الغضب العالمي تجاه الاحتلال الصهيوني بدرجة مذهلة ويتتغير أرقام الأتجاهات السلبية تجاه الكيان الصهيوني إلى أرقام كبيرة خلال أسابيع وفي الأشهر القليلة الماضية تصاعدت حدة العضب تجاه ممارسات الاحتلال الصهيوني وجرائمه في غزة إلى درجة لم يسبق لها مثيل في دول لم يكن يتخليها عقل بشري مثل ألمانيا، وهولندا، وفي إيطاليا كان موقف عمال المواني الأيطالية عظيما عندما هددوا يإيقاف الملاحة العالمية والدولية حال تأخر الأتصال بالسفن المشاركة في أسطول الصمود المتحرك حاليا في البحر المتوسط وتزداد أعداد السفن والمراكب المشاركة فيها يوميا لكسر الحصار على غزة، وبينما كشفت ثلاث استطلاعات للرأي عن ما يحدث في العالم كله من تحول في النظرة تجاه الكيان الصهيوني ودولته المزعومة.
أنهم يفضلون خماس
بينما كانت نسبة من يشعرون بالنظرة السلبية تجاه الكيان في أمريكا تتصاعد من 34% من قبل تغيرت النسبة إلى 53% في يونيو الماضي بحسب استطلاع رأي لمركز بيو للابحاث في الولايات المتحدة وربما زادث النسبة أكثر خلال الأشهر الثلاثة الماضية، بينما أظهر أستطلاع رأي أجرته جامعة هارفارد بالتعاون مع مؤسسة هاريس أن 60% من الشباب الأمريكي في مواليد أوائل التسعينات حتى مطلع الألفية يفضلون حركة المقاومة الإسلامية حماس على إسرائيل.
نعم قرأتها بشكل صحيح يفضلون حماس وقادتهم الذين فجروا طوفان الأقصى ودمروا غزة كما يدعون بعض العربان الذين أصابتهم فوبيا الكيان الصهيوني، الجديد هنا أنهم لا يتحدثون عن فلسطين كقضية عامة لكنهم أصبحوا يميلون بالتفضيل تجاه المقاومة وأبطالها في حركة المقاومة الإسلامية، نعم أن ثبات وصمود وبطولات كل أهل غزة خاصة وفلسطين بصفة عامة قد أصبحوا مثالا للبطولة والإيمان والتضحية ولكن الجيل الجديد في الولايات المتحدة يبحثون داخل البطولات فيمن أشعل شرارة المقاومة، ويقودها، وما زال يقدمون عمليات كبيرة ستدرس في الأكاديميات العسكرية في المستقبل أنهم يفضلون حماس أيها العرب الصامتون والعاجزون.
أوروبا تتغير
جيل جديد في أمريكا وأوروبا نستبدل به نحن العرب، جيل سيكون خلال سنوات في مواقع صناع القرار أصبحوا يميلون إلى إعطاء قيمة كبيرة للمقاومة ضمن أكثر من نصف سكان الولايات المتحدة يشعرون بنظرة سلبية تجاه إسرائيل، لم يقتصر هذا التغير على شباب الولايات المتحدة فقط بل ينتقل بقوة بين النخبة والمثقفين وفناني هوليود حتى أن إثنين من نجوم هوليود الأن ضمن الآلاف من الشباب المتجهين لكسر الحصار على غزة.
في استطلاع للرأي أجراه مركز يوغوف البريطاني أظهر تدني النطرة الإيجابية تحاة الكيان الصهيوني في أغلب الدول الأوروبية بعكس ما قبل طوفان الأقصى في ألمانيا مثلا وصلت نسبة أصحاب النظرة الإيجابية تجاه الكيان إلى 36% مؤخرا بينما وصلت هذه النسبة في بريطانية إلى 37% بما يعني أن الأكثرية في البلدين قد أصبحوا يشعرون بالسلب تجاه الاحتلال، وهذا يعني الكثير جدا في أتجاهات الرأي العام العالمي خاصة إذا أضفنا إليهم هولندا التي تقترب النسبة فيها من 20% حسب أخر استطلاع للرأي ببساطة أكثر من 80 الهولنديون لديهم نطرة سلبية تجاه إسرائيل.
هذه الدول لو أضفنا إليها فرنسا وإيطاليا وأسبانيا سنجد أن خمسة دول منها كانت داعمة بشكل كبير للكيان الصهيوني منذ بداية حرب الإبادة على غزة، بل أن مصانع السلاح في تلك الدول كان يتدفق منها الإسلحة إلى إسرائيل وتشلرك بقوة في الحرب على غزة، بالتالي إذا نظرنا لهذه الاستطلاعات سنجد ما حدث داخل الوجدان الأوروبي بعد معركة الطوفان، وبعد الصمود طوال 700 يوما على الأبادة في غزة، ,إذا إضيف لكل هذا ما كشفه استطلاع آخر عن أرتفاع أسم محمد بين المواليد في بريطانيا ليصل إلى 40% من نسبتها سنعرف إلى أي مدى حقق طوفان الأقصى نطرا على الكيان، وكيف تحول كل شخص يعيش في غزة إلى أيقونة عالمية بصموده وتضحياته.
العرب يتجمدون أكثر
بينما الحال هكذا في في بلاد الغرب والشرق أيضا خارج البقعة الجغرافية المتكتلة الواحدة المسماه بالأمة العربية فإن حال العرب أصبح يصعب على هؤلاء ويكادون يقولون هل تسري في عروقكم دماء وتشعرون، ولا عيب في هذا فالوضع هنا أصبح ليس فقط مثيرا للشفقة بل للأشمئزاز في أغلب الأحيان تخيل أنت أن البلاد العربية بأستثناء اليمن وبعض المدن الداخلية في المغرب لا تخرج مظاهرات لدعم المقاومة الفلسطنية أو غزة ولا تتخيل أن تقول حماس المفضلة لدي الشباب الأمريكي في دولة عربية آخرى من ال 20 دولة.
تخيل أنت أنه مصر والعراق وسوريا والأردن والسودان وليبيا ولبنان لا تخرج منها سفينة ولم تعلن أي حركة حكومية أو معارضة مشاركتها في أسطول الصمود الذي يتزايد عدد المشاركين فيه يوميا، بل أن بعض النشطاء والقوى في مصر تسيير سفينة واحدة مع الأسطول وحتى الآن لا يوجد ما يؤكد هذه المشاركة في انتظار الرد الحكومي، نعم مصر الكبيرة (أم الدنيا منا يناديني بها كل من التقيه في غربتي) مصر الكبيرة صاحبة التاريخ الكبير والشعب العريق والتي هي دوما حصنا لفلسطين وغزة، وغزة خط دفاعها الأول عاجزة عن تسيير سفينة واحدة وتسعى لخروجها.
الحال هنا لا يتعلق فقط بالمستوى الرسمي في مصر، بل يخصنا نحن لقد أصاب العرب والمصريون تحديدا فيروس أكثر فتكا من كوفيد 19، العرب يتقوقعون أكثر داخل أنفسهم وأفكارهم لا يتغيرون، وكأن التغيير هو خسران للقيمة الذاتية لديهم، وتظهر هذه الصفة أكثر في المصريين تحديدا فأنت غير مستعد لتغيير أفكارك حتى لا تشعر أنك هزمت أمام الآخر، كل منا يقف في مكانه لا يعترف أنه فكر بشكل خاطيء، أو فهم بشكل آخر، هكذا تجمدنا فلا تغيرت مشاعرنا تجاه المقاومة ولا أصبحنا نفضل أبطالها على معتقداتنا الفكرية، ولا حتى ننظر لمرة واحدة لهذه المعتقدات وإلا فقدنا أنفسنا وذواتنا كما نتصور، كأنهم يتذكرون كلمة جمال عبد الناصر في ميدان المنشية "فليبق كل في مكانة" لقد ثبتوا منذ اللحظة في أمكانهم.
عالم جديد من الإنسانية يولد في كل أنحاء المعمورة والعرب متجمدون، عالم ينظر ويتأمل ويفكر فيما يحدث والعرب يتمركزون أكثر حول نقاطهم وأفكارهم، عالم يتأمل الصور والأحداث ويشاركون الضحايا والصامدون أحزانهم وآلامهم، والعرب يتلون الشهادة ويقيمون الصلاة ويحجون ولكنهم لا يشعرون، تغير الحال وأصبح الأمريكيون والأوروبين أكثر إنسانية وأصبح العرب أكثر جمودا وتحجروا كأنهم بشر يمشون بالروبوت، فمن يتحكم في روبوت العرب.
تعليقات
إرسال تعليق
أترك تعليق